بلومبرغ
يتزايد اهتمام المستثمرين بالتصنيف الائتماني السيادي للولايات المتحدة في ظل اقتراب الحكومة الفيدرالية من نفاد السيولة النقدية، تقول وكالة "موديز إنفستورز سيرفيس" (Moody’s Investors Service) إن سداد مدفوعات الفائدة التي يحين أجلها في منتصف يونيو على سندات الخزانة سيكون أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على أعلى درجة تصنيف البالغة "AAA".
من المنتظر أن تسدد وزارة الخزانة في 15 يونيو مدفوعات فائدة بنحو ملياري دولار. حذرت وزيرة الخزانة جانيت يلين يوم الأحد على قناة "إن بي سي" (NBC) من أن "احتمالات وصولنا إلى 15 يونيو، مع القدرة على دفع جميع التزاماتنا، منخفضة للغاية" إذا لم يرفع الكونغرس سقف الديون.
قال وليام فوستر، نائب الرئيس الأول في "موديز"، في مقابلة يوم الأربعاء: "إنه تاريخ مهم حقاً بالنسبة لنا"، وعلى الرغم من أن قيمة مدفوعات الفائدة صغيرة نسبياً، "إلا أنه إذا لم تسددها، فهذا يعد تخلفاً، وهو ما سيدفعنا لخفض التصنيف بدرجة واحدة من AAA إلى AA1".
أكد فوستر أن "موديز" تتوقع أن يبرم الكونغرس والبيت الأبيض صفقةً لرفع أو تعليق سقف الديون، قبل أن تستنفد وزارة الخزانة إجراءاتها المحاسبية الخاصة للبقاء ضمن السقف. وصرحت يلين بأن وزارة الخزانة تواجه مخاطر نفاد السيولة النقدية في أقرب وقت ممكن في 1 يونيو.
في حين تتوقع وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني نفس الأمر أيضاً (أن يتم رفع أو تعليق سقف الديون قريباً)، فقد وضعت في وقت متأخر من يوم الأربعاء تصنيفها الائتماني للولايات المتحدة البالغ AAA تحت المراقبة ترقباً لخفض محتمل، علماً بأن نظرة "موديز" المستقبلية الراهنة للتصنيف "مستقرة".
صعوبات استعادة التصنيف
قالت "موديز" إنه لن يتم استعادة تصنيف AAA ما لم يُصلح الكونغرس التشريع الحالي لسقف الديون. وأوضح فوستر: "في هذه المرحلة، لم يعد سقف الديون مصدر إحباط لصنع السياسة المالية الذي يؤدي إلى سياسة مخاطرة، فقد أدى إلى التخلف عن السداد"، مضيفاً: "وسنحتاج إلى عكس ذلك بشكل دائم في التقييم. ولإعادته إلى AAA، يجب إقرار إصلاح كبير لقاعدة سقف الديون بحيث لم يعد التخلف عن السداد يشكل خطراً مادياً من الآن فصاعداً- أو إلغاء القاعدة".
بات الأمر محط اهتمام المستثمرين نظراً إلى أحداث 2011، عندما مرت واشنطن بمعركة حزبية مماثلة حول رفع سقف الديون. إذ قطعت حينها "إس آند بي" تصنيف الولايات المتحدة من AAA، في خطوة هزت الأسواق المالية حول العالم.
أمّا بالنسبة لـ"موديز"، فالقضية الأساسية هي ما إذا كانت الخزانة- إذا تخطت الموعد المحدد ونفد النقد الكافي- تواكب سداد التزاماتها المالية تجاه سندات الخزانة.
ترتيب الأولويات
قالت يلين في مؤتمر يوم الأربعاء، "لن أتطرق إلى ما هو ممكن وما هو غير ممكن" فيما يتعلق بسداد بعض الالتزامات بدلاً من أخرى. ومع ذلك، ترجح "موديز" والبنوك الأميركية الكبرى أن تعطي وزارة الخزانة الأولوية بالفعل لخدمة الديون الفيدرالية.
أوضح فوستر: "نحن نعتبر التخلف عن السداد هو عدم الوفاء بموعد سداد مدفوعات فائدة، أو دفعة أساسية"، فبعد خفض التصنيف بعد أي إخفاق في سداد مدفوعات الفائدة في 15 يونيو، "ستُبقي الشركة التصنيف قيد المراجعة ترقباً لمزيد من التخفيض حتى يتم علاج التخلف عن السداد".
من جانبها، أشارت "فيتش" إلى أن عدم سداد الالتزامات الفيدرالية الأخرى، إلى جانب سندات الخزانة، سيكون غير متوافق مع تصنيف AAA.
أما بالنسبة لـ"إس آند بي" فهي أيضاً ترجح أن يرفع الكونغرس في نهاية المطاف سقف الديون قبل أن تفقد الخزانة قدرتها على تمويل الحكومة بالكامل. ووفق تقريرها الصادر شهر مارس، أبقت المؤسسة على تصنيف الولايات المتحدة عند AA+ بنظرة مستقبلية "مستقرة" على المدى الطويل. أكد متحدث باسم "ستاندرد آند بورز" يوم الخميس أن التقرير لا يزال يمثل أحدث رؤى الشركة.
اتخذت شركة أخرى، "دي بي آر إس مورنينغ ستار" (DBRS Morningstar)، إجراءً مماثلاً لـ"فيتش" يوم الخميس، ووضعت تصنيف الولايات المتحدة AAA "قيد المراجعة ترقباً لتبعات سلبية"، بينما لا تزال تتوقع أن يتحرك الكونغرس في الوقت المناسب.
أصل الدين لن تمثل مصدر قلق للمراقبين، لأن الخزانة تصدر ديوناً جديدة لسداد تلك التي يحين أجل استحقاقها. ولن تمر بأزمة إلا إذا عزف المستثمرون عن مزاداتها.
من جهته، قال فوستر إنه إذا تخلفت وزارة الخزانة عن السداد في 15 يونيو، "نتوقع علاج التخلف عن السداد في غضون أيام قليلة- لأن تداعيات السوق السياسية والمالية ستجبر الكونغرس بعد ذلك على اتخاذ إجراء.. وفي الوقت نفسه، نتوقع حل مشكلة سقف الدين قبل موعد سداد المدفوعات التالي في 30 يونيو، وفي هذه الحالة، سنحول رؤيتنا إلى مستقرة ويصبح التصنيف AA1".