ديفيد فيكلنغ: لن يبلغ بلد مكانة السعودية النفطية في عصر الهيدروجين الأخضر

لا يمكن تحويل الهيدروجين لتجارة عالمية مع تصنيعه واستهلاك معظمه محلياً

time reading iconدقائق القراءة - 6
شاحنة تعمل بالهيدروجين من تطوير شركة (Gaussin) خلال عرضها لوسائل الإعلام في رالي داكار  في الرياض، المملكة العربية السعودية، في 8 يناير 2022. - المصدر: بلومبرغ
شاحنة تعمل بالهيدروجين من تطوير شركة (Gaussin) خلال عرضها لوسائل الإعلام في رالي داكار في الرياض، المملكة العربية السعودية، في 8 يناير 2022. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

إذا كنت ترغب في معرفة رمز يجسد مدى أهمية الطاقة بوصفها قطاعاً عالمياً جوهرياً على غرار تجارة المعادن أو السندات الحكومية؛ فهناك صورة واحدة كانت مهيمنة لعقود، وهي هيكل ضخم لناقلة نفط خام عملاقة بلونيها الأسود والأحمر.

من الطبيعي تماماً بعدها أن يفتش العالم الذي يتحول إلى مصادر طاقة أنظف عن رمز مماثل خاص بعصر صافي صفر انبعاثات. توجد مادة أخرى تعد المرشح الأساسي لاستبدال البترول؛ حيث يمكن نقلها بواسطة الناقلات، وهي الهيدروجين الأخضر (يطلق عليه كذلك لأنَّه يُنتج باستعمال طاقة متجددة لفصل جزيئات الماء).

سينقل 400 مليون طن تقريباً من الهيدروجين سنوياً (ليس الهيدروجين الأخضر بالضرورة) لمسافات طويلة مع حلول عام 2050، بحسب مجلس الهيدروجين، الذي يمثل القطاع الناشئ. تطمح البلدان الغنية بمصادر الطاقة المتجددة الرخيصة، على غرار أستراليا والبرازيل وتشيلي، إلى أن تكون أحد مراكز الهيدروجين في كل منطقة محورية للاقتصاد العالمي، مثل الخليج العربي في عصرنا الحالي، للمواد الهيدروكربونية. كما أنَّ المملكة العربية السعودية بدأت بإنشاء محطة هيدروجين أخضر بقيمة 8.5 مليار دولار.

تجارة عالمية

هل ستنمو تجارة الهيدروجين العالمية لتلعب دور قطاع النفط نفسه في الوقت الراهن؟

إنَّ حدوث ذلك غير وارد. لكي نفهم السبب، يجدر بنا البحث في طريقة تصنيع الهيدروجين الأخضر ونقله واستعماله، ودراسة أوجه الشبه مع التدفقات الحالية للسلع الأساسية.

كانت تكلفة النقل أحد القيود الملازمة للتجارة منذ فجر التاريخ. توجد فائدة فقط من نقل المواد ذات القيمة المرتفعة لمسافات طويلة. تبادلت الصين القديمة وروما الحرير والأواني الزجاجية، لكن لم تتبادل القمح والأرز. لا يختلف الأمر كثيراً خلال الأيام الحالية. ستكلّف عملية شحن منتج عبر المحيط لا يتطلب النقل بالحاويات ما بين 10 دولارات و50 دولاراً للطن؛ على غرار الزيوت أو القمح أو الفحم. نتيجة لذلك؛ تستهلك مواد مثل الأسمنت والكبريت -وهي متوفّرة بكثرة ورخيصة نوعاً ما- في الأغلب على مقربة من مكان إنتاجها. وببساطة لا توجد جدوى من شحنها بالسفن لمناطق بعيدة.

الصين تشهد طفرة في تصنيع معدات إنتاج الهيدروجين الأخضر

على صعيد غالبية السلع الأساسية، تنهض التجارة مع صعود الأسعار. وتكشف استثناءات هذه القاعدة عن بعض الحقائق. (بحسب ما يبين الرسم البياني الموجود أعلاه). توجد احتياطيات عالية الجودة نادرة من مواد الحديد والنفط الخام حول العالم؛ لذلك لا يوجد أمام المستهلكين سوى خيار نقلها من مناطق بعيدة. لن تصبح اليابان منتجاً كبيراً للبترول أو كوريا الجنوبية مركز قوة لتجارة الحديد الخام بفضل الابتكار التكنولوجي. يتحدد هذا المصير على أساس الطبيعة الجيولوجية، مما يعطي تلك السلع الأساسية مكانة مميزة.

يختلف الأمر بالنسبة للهيدروجين الأخضر. ليس هناك اقتصاد كبير يتعرض لنقص دائم بالمواد الخام للهيدروجين المتمثلة في المياه ومصادر الطاقة المتجددة. من هذا المنطلق؛ فإنَّه يضاهي بطريقة كبيرة منتجات على غرار الجص والأمونيا، التي من الممكن صُنعها في أي مكان تقريباً.

لا شك في أنَّ أسعار الطاقة المتجددة تتباين من بلد لآخر؛ لكن ليس بالقدر الكافي لتجاوز مشكلة النقل. يصعُب نقل الهيدروجين في صورته الخام، نظراً لأنَّه شديد التفاعل وأقل كثافة للغاية من الغاز الطبيعي المسال، وهو بارد للغاية. يتحول لصورته السائلة عند حرارة تبلغ 253 درجة مئوية تحت الصفر فقط (سالب 423 فهرنهايت)، وهو تقريباً أقل من درجة إسالة الغاز الطبيعي وبنفس قدر الفارق بين درجة حرارة الجليد والبخار. ترتفع تكاليف المواد المبردة بطريقة هائلة كلما ارتفعت برودتها.

إنفوغراف: تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر حول العالم

تنطوي غالبية خطط حل هذه المشكلة على وضع الهيدروجين عبر مفاعل في كل طرف من مسار الشحن لكي يتم تحويله إلى صنف يسهل نقله، من خلال مواد أساسية تتمثل في الأمونيا والميثانول ومادة التولوين المستخدمة في تخفيف مواد الدهانات. برغم ذلك؛ فإنَّ كمية الطاقة المستهلكة لتحفيز هذه التفاعلات تزيد من التكاليف أكثر. لذلك، ستواجه بلدان بما فيها البرازيل –التي تحظى ببعض من أرخص مصادر الطاقة المتجددة– صعوبات لتأسيس تجارة صادرات يمكنها منافسة الهيدروجين الأخضر المنتج محلياً في دول أخرى.

يمكن محو هذه التكاليف نوعاً ما في حال استخدمت الأمونيا مباشرة بحرقها كوقود عوضاً عن محاولة تحويلها مرة أخرى إلى هيدروجين. لكنَّ الصعوبات الكامنة في ذلك أجهضت جهود المهندسين المبذولة منذ الحرب العالمية الثانية، وما يزال علماء الكيمياء يتعاملون مع عملية المعالجة التي تنطوي عليها. يعد حرق الأمونيا أيضاً مصدراً قوياً لجزيئات أكاسيد النيتروجين، وهي واحدة من مجموعة ملوثات كبيرة مسؤولة عن 6.7 مليون حالة وفاة تقريباً سنوياً. بل وينتج عنها أكسيد النيتروز الذي يتسبب في احترار الغلاف الجوي بـ273 ضعف ثاني أكسيد الكربون تقريباً، وهي مادة كيمياوية يندر أن تنبعث من الأنشطة الصناعية الحالية.

عالم جديد

برغم ذلك؛ ربما يعيد الهيدروجين الأخضر صياغة عالم الطاقة. في مناطق كثيرة حول العالم، ستبلغ تكلفة مليون وحدة حرارية بريطانية للغاز الطبيعي نطاقاً يتراوح من 7 دولارات إلى 10 دولارات مع نهاية العقد الحالي، بحسب "بلومبرغ إن إي أف". ينبغي أن يجعله ذلك قادراً على أن يحل محل الوقود الأحفوري في مجموعة من الاستخدامات التي تحتاج لدرجة حرارة مرتفعة أو لتخزين طاقة بكميات هائلة أو لجزيئات من المركبات الكيمياوية.

غير أنَّ الأمر الذي لا يمكن القيام به هو بناء أساطيل من الناقلات التي تربط العالم. كما هو الحال بالنسبة للكبريت والأمونيا -وتجارة الهيدروجين القائمة التي تستهلك 100 مليون طن تقريباً سنوياً- فإنَّه سيستخدم على مقربة من مكان إنتاجه. ربما تطمح بلدان عديدة إلى أن تصبح في مكانة المملكة العربية السعودية الحالية في عصر الهيدروجين الأخضر. لكن لن يحقق أي بلد هذا الحلم.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

الرياض

2 دقائق

19°C
غيوم متفرقة
العظمى / الصغرى 19°/19°
0.9 كم/س
23%

تحالف "فيرتيغلوب" و"مصدر" وEngie يدرس مشروع هيدروجين أخضر في أبوظبي

الطاقة الإنتاجية للمشروع تتراوح بين 100 إلى 200 ميغاواط

time reading iconدقائق القراءة - 5
أنابيب بمصنع إنتاج الهيدروجين الأخضر - المصدر: بلومبرغ
أنابيب بمصنع إنتاج الهيدروجين الأخضر - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

الشرق

تعكف شركات "فيرتيغلوب" و"مصدر" الإماراتية و"Engie" الفرنسية على دراسة إنشاء مصنع للهيدروجين الأخضر في أبوظبي، بطاقة إنتاجية تتراوح بين 100 و200 ميغاوط، كما كشف أحمد الحوشي، الرئيس التنفيذي لشركة "فيرتيغلوب".

وأضاف بمقابلة مع "اقتصاد الشرق" أن الشركة الإماراتية تدرس مشاريع جديدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الزرقاء في أبوظبي، على مدى الأعوام المقبلة.

مشروع الهيدروجين الأخضر يندرج ضمن مشاريع عدّة تعتزم الشركة طرحها وفق أجندتها لقمة المناخ COP28، التي ستُعقد في الإمارات قبل نهاية العام الحالي.

الحوشي أفصح أيضاً عن خطط لتوسعة مصنع الرويس التابع للشركة في أبوظبي لإنتاج الهيدروجين والأمونيا الزرقاء، لزيادة قدرته الإنتاجية الحالية، بالتعاون مع شركات من كوريا الجنوبية واليابان.

كما وقّعت الشركة مؤخراً عقد المقاولات الشامل للتصميم والتوريد والتركيب (EPC) الخاص بمشروع لإنتاج الأمونيا منخفضة الكربون، بالتعاون مع "القابضة" (ADQ) و"أدنوك" و"ميتسوي" و"GS Energy"، ومن المتوقع بدء الإنتاج خلال 3 سنوات بطاقة تصل إلى مليون طن سنوياً.

الأمونيا الخضراء في مصر

بالتزامن مع انعقاد قمة المناخ "كوب 27" بمدينة شرم الشيخ، في نوفمبر الماضي، أعلنت "فيرتيغلوب" عن بدء تشغيل المرحلة الأولى من مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر. وخلال الربع الأول من العام الحالي، بدأت بإنتاج الأمونيا الخضراء في المصنع. ويفصح الحوشي لـ"اقتصاد الشرق" أن الشركة ستعلن قبل نهاية العام الحالي عن قرارها الاستثماري النهائي للمراحل التالية من المشروع، والتي تستهدف إنتاج 100 ميغاواط من خلال طاقته الإنتاجية التي قد تصل إلى 90 ألف طن هيدروجين أخضر في حال استكمال المراحل التالية للمشروع.

سوق الأسمدة

عن رؤيته لسوق الأسمدة عالمياً وتأثير تراجع الأسعار على الأداء المالي للشركة قال الحوشي "هناك تأجيل في شراء المنتجات النيتروجينية من المستهلكين بدءاً من ديسمبر الماضي وحتى نهاية الربع الأول وذلك نتيجة استمرار تراجع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا، وهو ما ساهم في تراجع أسعار الأسمدة من ذروتها التي شهدتها الأسواق في العام الماضي".

أوضح الحوشي أنه رغم تلك المتغيرات استطاعت شركته زيادة حجم المبيعات خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 9% ولكن تراجع أسعار المنتجات ضغط على هوامش الربحية.

تراجعت الأرباح الصافية لشركة "فيرتيغلوب" المدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية بنسبة 59.6% في الربع الأول من العام الجاري لتصل إلى 188.8 مليون دولار.

وعن توقعات الرئيس التنفيذي لشركة "فيرتيغلوب"، لتأثير عودة صادرات الصين من الأسمدة إلى الأسواق بعد انتهاء قرار وقف الصادرات في النصف الثاني من العام، قال الحوشي إن الصين مستورد صافٍ للأمونيا وبالتالي لن يؤثر ذلك على سوق الأمونيا، بل العكس هو الصحيح فقد تمثل عودة نشاط الاقتصاد الصيني زيادة في الطلب، بينما تمتلك الصين قدرات تصديرية لليوريا وهو ما قد يضيف إلى المعروض للسوق ولكنه ليس بالصورة التي تؤثر على الأسواق حيث يرى الحوشي أن الصين تدعم أسعار الغذاء وبالتالي ستحافظ على معروض داخلي كافٍ من أسمدة اليوريا.

يتوقع الحوشي زيادة سنوية في معدلات الطلب على الأسمدة خلال عامي 2023 و2024 يحفزه تراجع الأسعار ونقص مخزونات الحبوب عالمياً.

شحنات أثيوبيا

أجلت أثيوبيا استلام شحنتين من اليوريا يصل حجمهما إلى 100 ألف طن متفق عليهما بسعر 700 دولار للطن مع "فيرتيغلوب"، وقال الحوشي إن التأجيل يرجع لإجراءات حكومية هناك ومن المتوقع أن تتسلم أثيوبيا الشحنتين في الربع الجاري.

كانت "فيرتيغلوب" أعلنت الثلاثاء ضمن بيان نتائج الأعمال الفصلية أن الربع الأول من العام شهد تأجيل شحنتین تتكون كل منھما من 50 ألف طن من الیوریا للبیع في إثیوبیا بمتوسط سعر یبلغ 700 دولار للطن.

التنافسية والاحتياجات التمويلية

وعن القدرة التنافسية للشركة وسعيها للحفاظ على تنافسية أعلى قال الرئيس التنفيذي لـ "فيرتيغلوب" إن تكلفة الغاز الطبيعي المستخدم في عمليات إنتاج الأسمدة أقل تكلفة بالنسبة للشركة من المنافسين وكذلك تعمل الشركة حالياً على برنامج لخفض التكاليف بقيمة تصل إلى 50 مليون دولار سنوياً حيث عملت الشركة خلال الشهور الأخيرة على دراسات لتحديد أوجه محددة يتم من خلالها الوصول لهذا الهدف.

استبعد الحوشي أي زيادات لرأس مال الشركة ضمن خطط التوسع الحالية مشيراً إلى وجود التدفقات النقدية الكافية لتلك الاستثمارات إضافة إلى الجودة الائتمانية المرتفعة للشركة والتي تسمح بالوصول إلى التمويلات البنكية بسهولة وبتكلفة أقل.

"فيرتيغلوب"، هي كيان مشترك بين شركتي بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، و"أو.سي.آي" لإنتاج الكيماويات، المملوكة للملياردير المصري ناصف ساويرس وأدرجت في سوق أبوظبي في أكتوبر 2021.

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.