تباطؤ التعافي يعزز حاجة الصين إلى سياسات تحفيزية

نمو أضعف من المتوقع للإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة.. والبطالة بين الشباب بلغت 20.4%

time reading iconدقائق القراءة - 6
تجار ملابس وحمالون يتنقلون في أنحاء سوق شوخوي للمنسوجات والملابس للجملة في غوانزو في الصين - المصدر: بلومبرغ
تجار ملابس وحمالون يتنقلون في أنحاء سوق شوخوي للمنسوجات والملابس للجملة في غوانزو في الصين - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

نما إنفاق المستهلكين في الصين وكذلك النشاط الصناعي في أبريل، بوتيرة أبطأ مما كان متوقعاً، وهو ما يعطي إشارات إضافية إلى تلاشي تعافي ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

أعلن المكتب الوطني للإحصاء في الصين اليوم الثلاثاء، أن الإنتاج الصناعي نما بنسبة 5.6% على أساس سنوي، أي أقل بكثير من متوسط تقديرات خبراء الاقتصاد في استطلاع أجرته بلومبرغ، البالغ 10.9%. وزادت مبيعات التجزئة بنسبة 18.4%، وهي نسبة تُعتبر مرتفعة نظراً إلى مقارنة الأرقام مع البيانات المنخفضة المسجلة العام الماضي في أثناء إغلاقات "كوفيد"، لكنها مع ذلك تظلّ أقلّ مما كان متوقَّعاً.

أظهرت البيانات أيضاً تراجع نمو استثمار الأصول الثابتة خلال أول 4 أشهر من العام الجاري إلى 4.7%، وهو أضعف من التوقعات أيضاً. وفيما هبط معدل البطالة في المناطق الحضرية إلى 5.2%، بلغت نسبة البطالة في فئة الشباب مستوى قياسياً عند 20.4%.

بيانات الإغلاق

مقارنة الأرقام الأخيرة مع تلك الضعيفة المسجلة في أبريل 2022 عندما كانت شنغهاي في حالة إغلاق، تعطي انطباعاً بأن البيانات قوية، إذ كانت الإغلاقات قلّصت وقتها نشاط الأعمال والمستهلكين معاً. لكن رغم ذلك جاءت الأرقام محبطة، وقد تعني أن صنّاع السياسات المالية والنقدية، قد يحتاجون إلى إجراءات تدعم النمو الاقتصادي.

قال وو شوان، كبير محلّلي السوق في "تيبون فاند مانجمنت" (Tebon Fund Management): "ستكون قوة التعافي الصينية على الأرجح خلال العام الجاري أضعف مما كان يُعتقد في السابق". وأضاف أن بنك الشعب الصيني قد يقلص أسعار الفائدة خلال النصف الثاني من العام الجاري لتحفيز النمو.

طرأ تغير طفيف على الأسهم الصينية عند الساعة 10:47 صباحاً بالتوقيت المحلي بعد أن تراجعت في وقت سابق بنسبة 0.4%.

تناقض البيانات الصينية يفاقم جدل الحاجة إلى تحفيز اقتصادي

ألمح بنك الشعب الصيني أمس الاثنين إلى أنه سيحافظ على السياسة النقدية الداعمة. وتَعهَّد بمستويات "ملائمة" من المعروض النقدي والائتمان. وضخّ البنك أمس الاثنين مزيداً من السيولة طويلة الأجل في النظام المالي، مع إبقاء سعر الفائدة على القروض في سياسته العامة لمدة سنة، بلا تغيير.

قالت ميشيل لام، وهي خبيرة اقتصادية مختصة بالصين الكبرى في مصرف "سوسيتيه جنرال": "حافظ الاستهلاك على قوته، لكن ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب إلى مستوى قياسي يثير الشكوك حول مدى استدامة هذا التعافي، كما أن البيانات الصادرة اليوم تفتح الباب أمام تخفيضات أكثر في معدل متطلبات الاحتياطي النقدي وأسعار الفائدة، وقد يكون ذلك في يونيو المقبل. رغم ذلك يظل العنصر الأهم هو تعزيز الثقة بالقطاع الخاص وفي أوساط الأسر".

الاقتصاد العالمي

سلّط المكتب الوطني للإحصاء الضوء على المخاطر العالمية والمحلية، محذراً من أن "البيئة العالمية ما زالت معقدة وقاتمة، والطلب المحلي لا يزال غير كافٍ على ما يبدو، إذ يبقى المحرك الداخلي لتعافي الاقتصاد غير قوي".

بيّنت أحدث الأرقام أن سوق الإسكان ما زالت ضعيفة، وهو ما يمثل عائقاً آخر للاقتصاد، في حين تسارع نمو مبيعات العقارات إلى 13.2% على أساس سنوي خلال أبريل الماضي، فيما انكمشت استثمارات القطاع 16.2%، حسب تقديرات بلومبرغ القائمة على بيانات رسمية. كذلك واصلت أعمال بناء المنازل الجديدة تراجعها.

كثافة بيع الأسهم الصينية تكشف فقدان ثقة المستثمرين

تأتي الأرقام متسقة مع اتجاه البيانات الأخيرة الأخرى، التي كشفت أن التعافي الاقتصادي قد يتلاشى بعد انطلاقة قوية في بداية العام الجاري. بقيت مبيعات العقارات في أثناء عطلة عيد العمال أقلّ من مستويات ما قبل وباء كورونا، وقلّص العملاء الرهون العقارية. ونمت أسعار المستهلكين بصعوبة بالغة خلال أبريل الماضي، في حين هبطت الواردات، بما يدلّ على ضعف الإنفاق المحلي. كذلك تراجع اقتراض الأسر والشركات خلال الشهر الماضي.

صعدت الأرقام الأساسية للإنتاج ومبيعات التجزئة، ولكن فقط بالمقارنة مع الأرقام الضعيفة للعام الماضي، التي جاءت بسبب عمليات إغلاق الاقتصاد في شنغهاي. وبالمقارنة مع شهر مارس، فإنها تشكّل تراجعاً. في غضون ذلك يوضح تباطؤ الاستثمار أن الإنفاق الحكومي لا يكتسب الزخم. والمحصلة النهائية أن البيانات ضعيفة، وتقدّم سبباً إضافية للتيسير النقدي. _ تشانغ شو وديفيد كو

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"

إنفاق قوي

أظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء أن مبيعات التجزئة في الصين ارتفعت خلال الشهر الماضي بفضل مشتريات السيارات وإنفاق المطاعم. كما عزّز تصنيع السيارات الإنتاج الصناعي خلال الشهر المنصرم، رغم استمرار تراجع إنتاج المنسوجات والمستحضرات الدوائية.

قال بروس بانغ، كبير خبراء الاقتصاد المختص بالصين الكبرى في شركة "جونز لانغ لاسال": "تُظهِر البيانات الصادرة اليوم، التي جاءت أضعف من المنتظَر، إلى أي حدّ يصعب الحفاظ على تشغيل محرّك النمو بعد إعادة إطلاقه. ستستمر الصين في تحقيق نموّ قوي لبيانات النشاط على أساس سنوي خلال الربع الثاني من 2023، بفعل أساس مقارنة يعتمد على بيانات منخفضة، لكن بوتيرة أبطأ للربع الأول على أساس ربع سنوي، إذ إن التعافي بدأ يفقد زخمه".

تصنيفات

قصص قد تهمك