بلومبرغ
هدأت وتيرة النشاط الاقتصادي بالولايات المتحدة تدريجياً مع اقتراب نهاية الربع الأول، وسط ضعف إنفاق العائلات ونشاط القطاع الصناعي بسبب ارتفاع مستوى التضخم وتكاليف الاقتراض.
مبيعات التجزئة في مارس تراجعت بأعلى نسبة منذ أربعة أشهر، ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى تدهور مبيعات محطات الوقود وتباطؤ مبيعات السيارات.
تجاوز انخفاض الناتج الصناعي توقعات المحللين، رغم أن مراجعة أرقام شهرين سابقين بالزيادة سمحت بتحقيق الناتج الصناعي زيادة متواضعة خلال الربع الأول من العام.
مع إضافة الدلائل المتعلقة بتحسن مستوى التضخم، تصبح حزمة البيانات الأخيرة متسقة مع هدوء النشاط الاقتصادي بصورة منتظمة بنهاية الربع الأول، بدلاً من التدهور بوتيرة أعنف في ضوء أزمة القطاع المصرفي.
ما زال المتعاملون يتوقعون أن يقرر الاحتياطي الفيدرالي الأميركي زيادة أخرى لأسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماعه القادم، غير أن بعض صُناع السياسة النقدية ألمحوا مؤخراً إلى أنهم قد يقبلون قراراً بوقفة مؤقتة.
علاوة على ذلك، فإن ضغوط الأسعار لا تتلاشى إلا بوتيرة بطئية، فقد كشف مسح للمستهلكين أجرته "جامعة ميتشيغان" عن قفزة في توقعات التضخم لسنة قادمة في بداية شهر أبريل الجاري بنسبة هي الأعلى منذ ما يقرب من عامين وسط ارتفاع أسعار البنزين. غير أن توقعات العائلات لمستوى التضخم في المدى القريب تميل إلى التأرجح من شهر إلى آخر.
توقعات المستهلكين للتضخم
يتوقع المستهلكون أن تقفز الأسعار بمعدل سنوي يبلغ 4.6% على مدى العام القادم، بارتفاع من 3.6% في شهر مارس، وفق القراءة المبدئية لأرقام شهر أبريل. ومع ذلك فهم يتوقعون ارتفاعا في تكاليف المعيشة بنسبة 2.9% على مدى الأعوام الخمسة إلى العشرة المقبلة، ملتزمين بهذا المستوى من التوقعات للشهر الخامس على التوالي.
قال جوستين ويدنر، الخبير الاقتصادي في مصرف "دويتشه بنك" إن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي "سوف يركزون بنظرهم أكثر على حقيقة أن معدل التضخم يقفز على مختلف المؤشرات باعتبار أن ذلك نقطة تشير إلى أن توقعات التضخم تظل غير مؤكدة نوعاً ما وأنهم لا يستطيعون أن يسلموا بالأرقام الجيدة البراقة".
كذلك، يركز بنك الاحتياطي الفيدرالي على التوقعات طويلة الأجل و"عادة يُنظر إليها من خلال ارتفاع أسعار النفط"، حيث إن تأثيرها لا ينتقل مباشرة إلى مؤشر الأسعار الأساسي، وفق ما ذكرته إليزا وينغر، خبيرة الاقتصاد في "بلومبرغ"، في مذكرة.
كشف تقرير صدر أوائل الأسبوع الحالي أن مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يستبعد أسعار الغذاء والطاقة، تضمن إشارات إلى تراجع الأسعار في شهر مارس، غير أنها ما زالت ترتفع بوتيرة سريعة. وفي حين انخفض مؤشر أسعار المنتجين بنسبة أكبر، فإن ارتفاع أسعار النفط نتيجة تخفيض تحالف "أوبك+" للإنتاج يتأهب للحد من انكماش أسعار تجارة الجملة.
مبيعات التجزئة
تقرير وزارة التجارة عن مبيعات التجزئة كشف عن انخفاض بنسبة 1% في قيمة المشتريات. وانخفضت المبيعات بنسبة 0.3% بعد استبعاد البنزين والسيارات، وهي نسبة أقل من المتوقعة، مع ملاحظة أن هذه الأرقام لم يجر تعديلها وفق مستوى التضخم.
تراجعت أيضاً بنسبة أقل من المتوقعة ما تُسمى عادة مجموعة مبيعات التحكم– التي تُستخدم في حساب إجمالي الناتج المحلي وتستبعد خدمات الطعام وتجارة السيارات ومحلات مواد البناء ومحطات الوقود.
تعزز هذه البيانات الأدلة على تباطؤ زخم الإنفاق العائلي، وفي الاقتصاد عموماً، مع تشدد الظروف المالية واستمرار ارتفاع التضخم. وقد أشار مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي إلى أنهم يقتربون من وقف زيادة الفائدة، رغم أن الاحتمالات ما زالت ترجح رفع أسعار الفائدة في اجتماعهم القادم في 2-3 مايو.
قالت يلينا شولياتييفا، خبيرة اقتصاد الولايات المتحدة في بنك "بي إن بي باريبا": "إن النتيجة المشتركة من مجموعة البيانات التي صدرت هذا الصباح تتمثل في أن أداء الاقتصاد كان قوياً وجيداً نسبياً في الربع الأول، غير أنه يتباطأ بوضوح ونحن نتجه إلى الربع الثاني من العام. وهكذا، تستطيع أن تكتشف ذلك في مجموعة التحكم من مبيعات التجزئة، وتستطيع أن تراه في أرقام الناتج الصناعي، وخاصة في قطاع الصناعة التحويلية".
كشف تقرير بنك الاحتياطي الفيدرالي عن الإنتاج الصناعي عن انخفاض إنتاج المصانع لأول مرة هذا العام، حيث ظهرت علامات على أن الشركات تقوم بتقليص خطط الاستثمار في ضوء ارتفاع تكاليف الاقتراض. وعند النظر إلى ذلك بجانب ضعف الإنفاق الاستهلاكي، تزداد احتمالات ركود الاقتصاد.
رغم ذلك، فإن البقعة المضيئة في الصورة الأشمل هي سوق العمل، إذ ينخفض مستوى البطالة انخفاضاً تاريخياً وما زال أصحاب العمل يوظفون مزيداً من الأيادي العاملة بوتيرة قوية. ومع ذلك، مع تراجع الطلب على العمال وزيادة وتيرة تسريح العاملين، قد يترتب على ذلك تراجع الزيادة في الأجور.