بلومبرغ
يعمل مصرف "غولدمان ساكس" على تكثيف استثمار أموال عملائه في الهند والأسواق المتقدمة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مع تراجع الاهتمام بالصين في ظل التوترات السياسية والاقتصادية.
البنك، ومقره نيويورك، يستهدف استثمار ربع أموال صندوق النمو الحديث الذي أطلقه والبالغ 5.2 مليار دولار، في المنطقة، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر طلبوا عدم نشر أسمائهم أثناء مناقشة معلومات داخلية.
خلال مقابلة لها في وقت سابق من الشهر الجاري، قالت ستيفاني هوي، الرئيسة المشاركة لقسم الاستثمارات البديلة في آسيا لدى "غولدمان ساكس آسيت مانجمنت"، إن البنك اتّجه إلى الهند، فيما يحوّل المستثمرون بوجه عام جزءاً من رؤوس أموالهم إلى الأسواق الناشئة، بعدما كانت مخصصة في السابق للاستثمار في الصين.
قالت هوي: "رغم الحماسة بشأن إعادة فتح الصين لاقتصادها، إلا أن أسواق رأس المال لم تنتعش بعد، وبالتالي لم تستعد الصفقات عافيتها بشكل كامل أيضاً". وأضافت: "يرى مستثمرو الجانب العام (الذين لديهم الحق في الوصول إلى المعلومات العامة فقط)، أن هناك عودة للتدفقات المالية إلى سوق الأسهم، لكن مستثمري الجانب الخاص (الذين يمكنهم الوصول إلى المعلومات الداخلية للشركات)، يرون أن الأمر لا يزال يحتاج إلى بعض الوقت. وحتى ذلك الحين، تتجه الأنظار إلى الهند واليابان".
تكافح الصين لجذب رؤوس الأموال بعدما أدّى تطبيق سياسة "صفر كوفيد" لفترة طويلة في البلاد، وحملة القمع ضد الشركات الخاصة، بما في ذلك أكبر شركات التكنولوجيا، إلى إعاقة نمو الاقتصاد على مدى السنوات الماضية.
الهند.. ومشكلات "أداني"
في الوقت ذاته، برزت الهند واقتصادها سريع النمو، كرهان كبير للشركات المالية العالمية، رغم المشكلات التي ضربت إمبراطورية رجل الأعمال الملياردير غوتام أداني في الآونة الأخيرة، والتي قلّلت جاذبية البلاد للمستثمرين.
كذلك، تأثرت حركة رأس المال المغامر العالمي بارتفاع أسعار الفائدة وتراجع أسواق الأسهم. وقد تراجع التمويل في الهند إلى 2.7 مليار دولار خلال الربع الأخير، مسجلاً أدنى مستوى في أكثر من عامين، وفقا لـ"سي بي إنسايتس" (CB Insights).
قال الأشخاص المطلعون، إن آسيا كانت المكان الرئيسي لاستثمارات البنك المتعلقة بالنمو، حيث شكلت نحو 50% من الإجمالي في الفترة بين 2003 إلى 2020.
يبلغ متوسط حجم الاستثمار لدى صندوق "غولدمان" الهادف إلى تحقيق النمو في آسيا، ما بين 30 إلى 50 مليون دولار. وقاد البنك الأسبوع الجاري استثماراً بقيمة 150 مليون دولار في شركة "إنشورنس ديكو" (InsuranceDekho) الهندية الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، وهي جولة استثمارية كبيرة غير اعتيادية من شأنها أن تساعد على استهداف سوق محلية تعاني من نقص في مثل هذه الخدمات.
" غولدمان" يكثف تحركاته
كذلك، استثمر "غولدمان ساكس" في "رابيوتا روبوتكس" (Raputa Robotics) في اليابان، و"لي بيور" (LePure)، وهي شركة تقدم حلول المعالجة الحيوية أحادية الاستخدام في الصين.
قالت هوي إنه بصرف النظر عن الهند، فإن الفرص المهمة حالياً موجودة في اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا.
أوضحت هوي، التي تشغل أيضاً منصب الرئيسة المشاركة لقسم نمو الأسهم في قسم إدارة الأصول، أن البنك ضمّ إلى فريقه في العام الماضي، ديفيد غرايس من شركة "باسيفيك إيكويتي بارتنرز" (Pacific Equity Partners) في أستراليا، كما أعاد تعيين إس جيه لي من شركة "تي بي جي كابيتال" (TPG Capital) لأعماله في كوريا، وشكل فريقاً من 6 أشخاص في اليابان للاستثمار بهدف النمو.
بشكل عام، لدى "غولدمان ساكس" الآن 35 متخصصاً في الاستثمار بشركات الأسهم الخاصة ضمن فريق النمو والاستحواذ في آسيا. ولتعزيز أعماله في الصين، نقل شريكه، مايكل هوي إلى شنغهاي خلال الربع الأخير من عام 2022.
عزّز البنك أيضاً قدراته في جمع الأموال، إذ عين 3 مديرين إداريين، هم: كريغ بالينزويلا من "كوينزلاند إنفستمنت كورب" (Queensland Investment Corporation) في أستراليا، ويوغو ياماموتو من شركة "غوغنهايم بارتنرز" (Guggenheim Partners) في اليابان، ومنغ شانغ من شركة "آريس مانجمنت" (Ares Management) في الصين.
وكان ستيوارت ريجلي قد انتقل في أواخر عام 2019 إلى آسيا، في منصب رئيس قسم أسواق رأس المال البديلة والاستراتيجية، وعُين شريكاً في نوفمبر.
في العام الماضي، جمع البنك 72 مليار دولار لمنصات بديلة لأطراف ثالثة، تشمل العقارات وشركات الأسهم الخاصة ومنصات الائتمان، في إطار خطة إصلاح أطلقها الرئيس التنفيذي ديفيد سولومون لتقليل محفظة الاستثمارات في ميزانيته. وفي عام 2022، قلّص البنك استثماراته البديلة في ميزانيته بمقدار 9 مليارات دولار إلى 59 مليار دولار، وفقاً لنتائج أعماله التي أعلنها أخيراً.
أكثر توازناً
على الرغم من أن الاقتصاد الصيني بدأ يتعافى بعد إلغاء قيود سياسة "صفر كوفيد" في نهاية العام الماضي، إلا أنّ التوترات الجيوسياسية المستمرة والمناورات السياسية في الولايات المتحدة قبل انتخابات العام المقبل، تعني أن العلاقات بين بكين وواشنطن قد تظل متوترة.
قالت هوي في المقابلة: "في السابق، لنقل من عامين إلى ثلاثة أعوام، كانت سوق شركات الأسهم الخاصة في آسيا مركزة للغاية تجاه الصين بفضل الحجم الهائل.. الآن نحن أكثر توازناً على الصعيد الجغرافي".
في كل أنحاء آسيا، سيعمل "غولدمان" على بناء شبكة الرعاية الصحية الخاصة به وتوظيف رأس المال للعمل في شركات برمجيات مختارة وفي قطاع المستهلك، مع توخي المزيد من الحذر بشأن التكنولوجيا المالية، حسبما قالت هوى.
أوضحت هوي، أن الفريق في الصين، عدّل أيضاً تركيزه استجابة للبيئة الأوسع بينما كان :متفائلاً بحذر".
قالت: "نحن نتحرك وفقاً لذلك، وينصب تركيزنا على الاستدامة والرعاية الصحية وبرامج المؤسسات، ولدينا استثمارات في قطاع المستهلك، بينما نقيّم الاستثمارات في مجال التكنولوجيا".