بلومبرغ
تخطط مجموعة دول "بريكس" (BRICS) هذا العام للبت في خيار قبول أعضاء جدد إلى التكتل وتحديد المعايير التي سيتعين عليهم تلبيتها، خاصة أن السعودية وإيران من بين الدول التي طلبت الانضمام بشكل رسمي، وفقاً لسفير جنوب أفريقيا لدى الكتلة.
تضم المجموعة البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا. وقد يعود توسيعها بالنفع على بكين صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والتي تسعى لبناء نفوذ دبلوماسي لمواجهة هيمنة الدول المتقدمة على الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي ومؤسسات أخرى.
بدأت الصين النقاش حول توسّع المجموعة أثناء توليها الرئاسة العام الماضي، مما أثار مخاوف الأعضاء الآخرين حيال تضاؤل نفوذهم، خاصة إذا تم قبول دخول حلفاء بكين المقربين. وتجدر الإشارة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للصين يبلغ أكثر من ضعف حجم مجموع اقتصادات أعضاء "بريكس" الأربعة الآخرين.
وقال السفير أنيل سوكلال إن اقتراح توسيع "بريكس" سيكون أحد المحاور التي ستركز عليها الكتلة الاقتصادية هذا العام. يُذكر أن جنوب أفريقيا هي الرئيس الحالي للمجموعة. وقال سوكلال في مقابلة في جوهانسبرغ الأسبوع الماضي: "طلبت أكثر من اثنتي عشرة دولة الانضمام"، و"نحن متقدمون جداً في النظر بمجموعة أخرى من الأعضاء الجدد".
تصويت غير متوازن
تأتي إعادة التموضع المحتملة لمجموعة "بريكس" في الوقت الذي تسعى الدول المتقدمة في أوروبا وأميركا الشمالية إلى تعزيز التحالفات لمقاومة تأثير الصين المهيمنة والحازمة بشكل متزايد، عبر تشكيل تكتلات جديدة وتوقيع اتفاقيات تجارية وأمنية.
اكتسب ما يسمى بالتحالف الرباعي "كواد" (Quad)، الذي يضم الولايات المتحدة، واليابان، والهند، وأستراليا، مكانة بارزة بعد أن ظل خاملاً لنحو عقد منذ تدشينه في 2017. وفي 2021، دخلت أستراليا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة في تحالف أمني يعرف باسم "أوكس" (AUKUS).
قال سوكلال: "نحن نعيش في عالم ما بين الأنظمة.. لا نعرف ما سيكون عليه النظام الجديد.. نعتقد أننا بحاجة إلى لعب دور لضمان أن تكون لدينا بنية عالمية أكثر إنصافاً وشمولية وشفافية".
على الرغم من أن دول "بريكس" تمثل 42% من سكان العالم، إلا أن أعضاءها لديهم أقل من 15% من حقوق التصويت في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وفقاً لمعهد الدراسات الأمنية الذي يقع مقره في بريتوريا في جنوب أفريقيا.
تُعرف المجموعة في الأصل باسم "بريك" (BRIC)، وهو اختصار ابتكره كبير الاقتصاديين آنذاك في "غولدمان ساكس" جيم أونيل عام 2001، وتم تشكيل الكتلة في 2009، وتم قبول دخول جنوب أفريقيا في العام التالي. وسعت المجموعة منذ ذلك الحين إلى إقامة علاقات تجارية أوثق بين الأعضاء من خلال الاتفاقات بين بنوك التنمية واتفاقات تبادل العملات وزيادة التجارة بين دول التكتل بالعملات المحلية لتقليل الاعتماد على الدولار.
جبهة موازية لصندوق النقد الدولي
أسس أعضاء المجموعة الخمسة "بنك التنمية الجديد" (New Development Bank) في 2014، بهدف موازنة ثقل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وانضمت بنغلاديش والإمارات إلى المؤسسة عام 2021. ومن المتوقع أن تحذو مصر وأوروغواي حذوهما قريباً، وفقاً للموقع الإلكتروني لـ"بنك التنمية الجديد".
تم تأسيس "بريكس" في الأصل كمجموعة تضم دول الأسواق الناشئة المتوسعة. لكن هناك قلق من أن قبول دخول اقتصادات أضعف قد يؤثر على العلاقات التي تحاول البلدان بناءها داخل الكتلة.
يرى أونيل القليل من المنطق الاقتصادي من دخول أعضاء إضافيين، وقال في رسالة بالبريد الإلكتروني: "إن منطق التوسّع ضعيف جداً من وجهة نظري، إلا إذا كان لديهم هدف جماعي أفضل"؛ مضيفاً أنهم سيحتاجون إلى أهداف واضحة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع القضايا الاقتصادية، والتجارية، والصحية، والطاقة الخضراء، والتمويل.
ومن بين الدول الأخرى التي أعربت عن اهتمامها بالانضمام; الأرجنتين، والإمارات، والجزائر، ومصر، والبحرين، وإندونيسيا، إلى جانب دولتين من شرق أفريقيا ودولة واحدة من غرب أفريقيا- واللاتي لم يحددها سوكلال.
دعم بوتين
نشرت وسائل الإعلام الجزائرية عن اهتمام بلادها، وأبدت الأرجنتين رغبتها في الانضمام إلى المجموعة. وفي إيران، ذكرت وكالة أنباء "فارس" شبه الرسمية أن البلاد تقدمت بطلب للعضوية، نقلاً عن مسؤول بوزارة الخارجية. وعلى صعيد آخر، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العام الماضي إنه يدعم الدخول المحتمل للمملكة العربية السعودية.
كما قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ في مؤتمر صحفي يوم 10 فبراير إن بلادها تدعم التوسّع.
موقف البرازيل والهند
لكن ليس كل أعضاء "بريكس" متحمسون. فعلى الرغم من أن البرازيل تتفق مع مبدأ التوسع، إلا أنها ما تزال تدرس موقفها وتشعر بالقلق من أن المجموعة تميل جغرافياً نحو آسيا، وفقاً لشخصين مطلعين على الأمر طلبا عدم الكشف عن هويتهما خاصة أن التعليق العلني لم يُعلن بعد. وقالا إن الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية تريد أيضاً انضمام دول من أميركا اللاتينية.
من جهتها، لا تريد الهند السماح للدول بالانضمام بناء على توصيات الأعضاء الحاليين، بل تؤيد إنشاء منهجية بحيث يتعين على الدول أن تفي بمعايير معينة حتى يتم قبولها، وفقاً لشخص مطلع على الأمر بالدولة الآسيوية.
اختبار العلاقات
تؤيد جنوب أفريقيا توسعة مجموعة "بريكس". ويرتقب أن تتم مناقشة الآثار المترتبة على التوسعة خلال سلسلة من الاجتماعات قبل القمة لكل المجموعة في أغسطس. وتثق الحكومة بأن جميع قادة دول "بريكس" بما في ذلك بوتين وشي جين بينغ- سيحضرون الاجتماع.
كما ستدعو جنوب أفريقيا قادة أفارقة آخرين لحضور القمة، سواء كانوا قادة دول أو رؤساء منظمات إقليمية مثل الاتحاد الأفريقي ومجموعة شرق أفريقيا، كجزء من محاولة لتوسيع نفوذ "بريكس"، وفقاً لسوكلال.
يتضمن لم شمل المجموعة تحديات خاصة؛ فقد عانى اقتصادا جنوب أفريقيا والبرازيل خلال العقد الماضي، كما عرّض الغزو الروسي لأوكرانيا قبل عام العلاقات لاختبار، حيث علّق "بنك التنمية الجديد" منح قروض جديدة لروسيا.
وقال سوكلال: "كثيراً ما يُطرح علي السؤال: أنتم متنوعون جداً من نواحٍ عديدة، كيف ستعملون؟" و"إجابتي الموسّعة هي أن هناك نقاط تقارب أكثر بكثير من أوجه الاختلاف".