البنك الدولي لـ"الشرق": استراتيجية المغرب للتخفيف من أثر التضخم تواجه قصوراً

المدير الإقليمي لمنطقة المغرب العربي ومالطا بالبنك: النمو المتوقع يصل إلى 3.5% العام الجاري وحصيلة تمويلات المؤسسة ناهزت 4.7 مليار دولار

time reading iconدقائق القراءة - 5
المقر الرئيسي لمجموعة البنك الدولي في واشنطن العاصمة ، الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المقر الرئيسي لمجموعة البنك الدولي في واشنطن العاصمة ، الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

الشرق

تواجه الاستراتيجية التي يتبعها المغرب للتخفيف من أعباء التضخم قصوراً، على الرغم من أنها ساعدت في الحد من زيادة معدلات الفقر، وفق جيسكو هنتشِل، المدير الإقليمي لمنطقة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي.

قال هنتشل في مقابلة مع "اقتصاد الشرق" إن استراتيجية المغرب للتخفيف من تأثير التضخم على القوة الشرائية للأسر تقوم أساساً على الحفاظ على استقرار الأسعار، لا سيما أسعار الغاز والكهرباء والقمح والسكر، والتي تشكل ما يقرب من 22% من سلة استهلاك الأسر المغربية.

لجأت الحكومة خلال العام الماضي إلى زيادة نفقات صندوق المقاصة، الذي يدعم أسعار السكر والدقيق وغاز الطهي، إلى 42 مليار درهم بزيادة 92.8% عام 2021، إضافة إلى دعم فواتير الماء والكهرباء.

رغم الكلفة المالية، ساعد (الدعم) في تخفيف نسبة تأثير ارتفاع الأسعار على معدل انتشار الفقر، وفق هنتشل، لكنه أشار إلى أن هناك قصوراً في الاستراتيجية تتمثل أساساً في استفادة ذوي الدخل المرتفع من المنتجات المدعمة أكثر من الأسر الفقيرة.

تتجه الحكومة للتخلي من دعم أسعار المواد عبر صندوق المقاصة عام 2024، وتسعى إلى توجيه دعم نقدي مباشر للأسر المستحقة. هذه الخطوة ستعيد التضخم إلى مسار الارتفاع بعد الانخفاض المتوقع العام الجاري، بحسب بنك المغرب.

اقرأ أيضاً: الطاقة والغذاء يقفزان بالعجز التجاري للمغرب 57% في 2022

وضع الاتحاد الأوروبي يعيق النمو

يُتوقع أن يُحقق الاقتصاد المغربي نمواً يتراوح بين 3% و3.5% خلال العام الجاري، في سياق حافل بالتحديات والصعوبات على الصعيد الدولي، خصوصاً سيناريو التباطؤ الحاد أو الركود في الاقتصادات الأوروبية، بحسب هنتشِل.

يتأثر أداء الاقتصاد في المملكة بالوضع في دول الاتحاد الأوروبي نظراً لاستحواذ التكتل على 60% من صادرات البلاد من السلع والخدمات، إضافة إلى توقعات تحقيق إنتاج زراعي متوسط بسبب عدم انتظام هطول الأمطار.

تتوقع الحكومة ضمن موازنة 2023 بلوغ نمو اقتصادي بـ4%، مراهنةً على أداء متوسط للقطاع الزراعي الذي يسهم بـ14% في الاقتصاد الوطني. في حين يتوقع صندوق النقد الدولي عدم تجاوز النمو 3% خلال العام الجاري.

قال جيسكو هنتشِل إن نمو إجمالي الناتج المحلي غير الفلاحي سيتراجع بشكل طفيف في عام 2023 في ظل تباطؤ الاقتصاد الأوروبي، وارتفاع أسعار الفائدة، بالإضافة إلى تأثير التضخم على الاستهلاك والاستثمار الخاص.

كان معدل التضخم قد وصل 6.6% خلال العام الماضي بأكمله، وهو أعلى مستوى مسجل في البلاد منذ ثلاثة عقود بسبب ارتفاع كلفة الغذاء والوقود، وهو ما دفع بنك المغرب المركزي لرفع الفائدة الرئيسية في سبتمبر وديسمبر إلى 2.5%.

يتوقع البنك الدولي أن يواجه المغرب التباطؤ الاقتصادي بسياسة نقدية أقل تساهلاً مما كانت عليه في الماضي، إذ أوضح جيسكو هنتشِل أن ذلك أمر ضروري لتثبيت التوقعات التضخمية مع توقعات انخفاض الأسعار العالمية للمواد الخام والغذاء وبالتالي مساعدة الجهود التي تبذلها الحكومة لمكافحة التضخم.

اقرأ أيضاً: صندوق النقد: إصلاحات المغرب تعوض آثار الحرب والوباء وتنمو باقتصادها 3%

تشجيع الاستثمار الخاص

يراهن المغرب على رفع حصة الاستثمار الخاص من الثلث حالياً إلى الثلثين في أفق عام 2035، وهو "هدف طموح وقابل للتحقيق وضروري" بحسب جيسكو هنتشِل، وأضاف أن أهمية وجود قطاع خاص قوي يحرك النمو الاقتصادي تظهر في وقت الأزمات حين يشكل وضع الاقتصاد الكلي والمالية العمومية ضغوطاً كبيرة على الحكومة.

خصصت الحكومة في موازنة 2023 حصة غير مسبوقة للاستثمار العمومي بنحو 300 مليار درهم، كما اعتمد البرلمان مؤخراً قانون ميثاق جديد للاستثمار يتيح حوافز مالية وضريبية للاستثمارات المنجزة من طرف القطاع الخاص.

في نظر جيسكو هنتشِل، سيؤدي ميثاق الاستثمار بشكل خاص إلى فتح بعض الأنشطة الاقتصادية أمام القطاع الخاص وزيادة المنافسة في الأنشطة التجارية، كما سيلعب صندوق محمد السادس للاستثمار دوراً مهماً وسيشجع الاستثمار الخاص في القطاعات الإنتاجية والبنى التحتية.

يستهدف المغرب جمع 150 مليار درهم (14 مليار دولار) عبر صندوق محمد السادس، حيث يعقد الرهان على أوروبا والخليج لجذب الأموال بحسب وزير الاستثمار محسن جزولي في تصريحاتٍ سابقة لـ"الشرق".

اقرأ أيضاً: المغرب يقرّ موازنة 2023 بعجز 4.5%

حصيلة التمويل

تلقى المغرب من البنك الدولي تمويلات بنحو 4.7 مليارات دولار، في الفترة بين يوليو 2019 إلى نهاية يونيو من العام الماضي، ويرتبط البلدان بشراكة استراتيجية تمتد من 2019 إلى 2024 تشمل تمويل المشاريع وتقديم المساعدة الفنية.

منذ بدء تفشي جائحة كورونا، عملت المؤسسة المالية مع حكومة المغرب لتقديم أفضل استجابة ممكنة للأولويات الاجتماعية والاقتصادية التي أفرزتها الجائحة والتخفيف من تأثير هذه الأزمة، لا سيما على الشرائح السكانية الأكثر احتياجاً.

وفق إفادات جيسكو هنتشِل، شملت تمويلات البنك الدولي للمغرب مجالات عدة مثل تنمية الطفولة المبكرة، ونظام التأمين الصحي ونظام الإعانات الأسرية، واستراتيجية الجيل الأخضر للتنمية الفلاحية، وبرنامج الاقتصاد الأزرق للتنمية المستدامة للمناطق الساحلية، والإدماج المالي للأسر والشركات الصغيرة، وتحديث الإدارة العامة وتحويلها لنمط العمل الرقمي.

تصنيفات

قصص قد تهمك