بلومبرغ
تباطأ التضخم في تركيا على نحو أقل من المتوقَّع، في الوقت الذي شجع فيه تراجع الأسعار صانعي السياسة النقدية على النظر في تخفيض الفائدة قبل الانتخابات المقرر إجراؤها خلال أقل من 6 أشهر.
أظهرت بيانات وكالة الإحصاءات الحكومية يوم الجمعة ارتفاع أسعار المستهلكين بنسبة سنوية قدرها 57.7% الشهر الماضي من 64.3% في ديسمبر. كان هذا أعلى من متوسط توقُّعات المحللين في استطلاع أجرته "بلومبرغ"، الذي كان متوسطه 53.8%.
على أساس شهري، تجاوز التضخم أيضاً جميع التوقُّعات ووصل إلى 6.7%، وهو الأسرع منذ أبريل 2022.
على الرغم من أنَّ شهور الاستقرار النسبي في الليرة وتخفيف الضغوط العالمية يساعدان في تهدئة التضخم في تركيا، لكنَّ تأثيرات سنة الأساس كانت من بين أكبر العوائق في إظهار هذا الاستقرار. ومن المرجح أن تعني المقارنة مع معدلات عام 2022، التي كانت مرتفعة بشكل استثنائي، أنَّ التضخم سيظل في انخفاض خلال الأشهر المقبلة.
إبقاء التضخم تحت السيطرة أمر بالغ الأهمية بالنسبة للرئيس رجب طيب أردوغان وهو يتنافس على فترة ولاية ثالثة في الانتخابات المقرر إجراؤها في مايو، بعد أسوأ أزمة تكلفة معيشية منذ عقدين.
لكن في إشارة إلى أنَّ الزعيم التركي قد لا يكون على استعداد لانتظار زيادات الأسعار حتى تستقر عند مستوى منخفض؛ جدد أردوغان هذا الأسبوع دعوته لإجراء تخفيضات إضافية في أسعار الفائدة، مدعياً مرة أخرى أنَّها ستخفض التضخم. كان العكس صحيحاً حتى الآن، بعد أن تحرّك البنك المركزي لخفض تكاليف الاقتراض حتى مع ارتفاع التضخم إلى 85% العام الماضي.
غذّى محافظ البنك المركزي شهاب أوغلو التكهنات بأنَّ تخفيضات أسعار الفائدة قد عادت من جديد. وتحت قيادته، أزالت لجنة السياسة النقدية في يناير عبارة من توجيهها المستقبلي التي وصفت المعدل القياسي الحالي لسعر الفائدة البالغ 9% بأنَّه "مناسب".
قال صانعو السياسة بعد ذلك إنَّهم ظلوا متمسكين بتوقُّعاتهم التي تشير إلى أنَّ التضخم سينهي العام عند 22.3%، مع رفض أوغلو توضيح المسار المحتمل لأسعار الفائدة.
مع وجود البنك المركزي الهامشي، كان تركيز الجهود لكبح التضخم في مكان آخر.
للحفاظ على استقرار الليرة بعد أربع جولات من تخفيضات أسعار الفائدة بين أغسطس ونوفمبر، أنفق البنك المركزي حوالي 108 مليارات دولار العام الماضي على التدخل عبر الباب الخلفي في سوق العملات، وفق "بلومبرغ إيكونوميكس".
في غضون ذلك، تدخلت الحكومة للدفاع عن القوة الشرائية للمستهلكين من خلال زيادة الأجور، وتقديم الإعفاء من الديون، وتقديم قروض رخيصة.
طلبت السلطات من محلات البقالة إبقاء الأسعار دون تغيير طوال شهر يناير، وتعهدت باتخاذ إجراءات ضد التسعير "التخميني". سرعان ما استجابت للأمر سلاسل كبرى مثل ميغروس "Migros Ticaret AS" و"Sok "Ticaret AS.
على الرغم من تحسّن توقُّعات التضخم؛ فإنَّ البنك المركزي ما يزال مفرطاً بالتفاؤل. وقدّر الاستطلاع الشهري الخاص بالمشاركين في السوق في يناير نمو الأسعار في نهاية العام بنحو 32.5%، أو حوالي 10 نقاط مئوية فوق أحدث التوقُّعات الرسمية.
قد تعني التوقُّعات المتفائلة أنَّ استئناف التيسير النقدي ليس سوى مسألة وقت. يقوم البنك المركزي بمراجعة معدلات الفائدة في 23 فبراير.
من جانبه، قال أردوغان إنَّ التضخم "سيتباطأ بسرعة"، وينهي العام عند حوالي 20%.
قال الاقتصاديون في "مورغان ستانلي" إنَّ السيناريو الأساسي هو أن يتباطأ التضخم التركي إلى 42% سنوياً في مايو، "مدفوعاً بتأثيرات أساسية قوية بالإضافة إلى افتراضنا باستقرار العملات الأجنبية حتى الانتخابات وضوابط الأسعار"، وفقاً لتقرير يوم الجمعة.
"من المرجح أن يؤدي التحفيز قبل الانتخابات، ولا سيما زيادة 55% في الحد الأدنى للأجور اعتباراً من يناير، والتسارع الأخير في نمو قروض المستهلك إلى دفع زخم التضخم الشهري أعلى من متوسط الأشهر الثلاثة الماضية"، بحسب التقرير.