لماذا تخلّت بلغاريا عن هدف الانضمام لمنطقة اليورو؟

الدولة تحتاج إلى اعتماد 3 مشروعات قوانين جديدة في ظل أزمة سياسية مستمرة

time reading iconدقائق القراءة - 13
بلغاريا تلغي جواز السفر الذهبي - المصدر: بلومبرغ
بلغاريا تلغي جواز السفر الذهبي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

سعت بلغاريا لتبنّي اليورو عملةً للبلاد في 2024 لتعزيز تكاملها في النظام المالي للاتحاد الأوروبي، ولرفع مستويات المعيشة داخل أكثر الدول الأعضاء فقراً في التكتل.

إلى جانب كرواتيا، انضمت بلغاريا إلى آلية أسعار الصرف الأوروبية في 2020 استعداداً لذلك، لكنها تخلفت عن كرواتيا، التي أصبحت العضو الـ20 في منطقة اليورو العام الجاري. وفي فبراير، تخلت بلغاريا بالكامل عن خطتها، عازية القرار لعدم الاستقرار السياسي.

1) لماذا ترغب بلغاريا في الانضمام إلى منطقة اليورو؟

بدأت بلغاريا العمل على عضويتها في دول اليورو بعد انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي في 2007، حسبما تقتضي معاهدة الانضمام الخاصة بها، لكنها علّقت تلك الخطة بعد 3 سنوات، وسط أزمة الدَّين السيادي الأوروبي، التي كادت أن تؤدي إلى إفلاس اليونان المجاورة ودول أخرى في منطقة اليورو.

في مسعى جديد بدأ منذ 2016، قالت حكومة صوفيا إن تبنّي العملة الموحدة سيساعد على تجنب تهميش الدولة، التي تقع بمنطقة البلقان، في عملية اتخاذ القرار بالتكتل، كما ستساهم في تعزيز تكامل اقتصادها القائم على التصدير.

2) ما دوافعها الاقتصادية وراء ذلك؟

منذ أزمة التضخم المفرط في تسعينيات القرن الماضي، عملت بلغاريا تحت مظلة نظام أقرّه مجلس العملة يربط الليف البلغاري باليورو. تعتمد الدولة على قرارات البنك المركزي الأوروبي، في ظل محدودية المساحة المتاحة لسياسة نقدية مستقلة.

قال البنك المركزي والحكومة إنّ تبنّي اليورو سيقلّل تكاليف المعاملات، ويخفض أسعار الفائدة، ويحسِّن تصنيف الدولة الائتماني، ما يرفع من جاذبيتها في أعين المستثمرين.

كما سيساعد ذلك قطاع السياحة، الذي يساهم بأكثر من 12% من الناتج الاقتصادي للدولة، من خلال عدة وسائل، من بينها استبعاد حاجة عديد من الزوار إلى تغيير العملات.

3) هل هناك آراء معارِضة؟

شكك بعض الأحزاب السياسية في الفكرة، من بينها التيار الاشتراكي الموالي لروسيا، الذي أصر على إجراء مزيد من التحليل للثمن الذي ستتكبده الدولة مقابل المكاسب التي ستحصل عليها، قبل تحديد موعد مؤكد للتحول إلى اليورو. دعا حزب "إحياء" (Revival) القومي، الموالي لروسيا أيضاً، إلى استفتاء على القضية، مدعياً أن بلغاريا تتخلى عن سيادتها أكثر مما ينبغي.

إضافة إلى ذلك، حذّر بعض المحللين، من بينهم أحد نواب محافظ البنك المركزي، من المشكلات الهيكلية في منطقة اليورو ومستويات الدَّين المرتفعة في بعض الدول الأعضاء، كما انتقدوا بعض سياسات البنك المركزي الأوروبي السابقة.

4) ماذا يقول الرأي العام؟

أظهر استطلاع رأي في نوفمبر الماضي أن ثلث البلغاريين فقط موافقون على تبنّي العملة الموحدة، فيما أبدى أكثر من الثلثين تخوفهم من أن يؤدي تبنّي اليورو إلى مزيد من ارتفاع الأسعار. تظاهر المئات خلال أوائل ديسمبر في صوفيا في احتجاج ضد اليورو نظمه حزب "إحياء".

ولا تُعَدّ تلك المخاوف غريبة على الأعضاء الجدد، فعلى سبيل المثال عارض نصف السكان في لاتفيا التحول إلى اليورو، عندما انضمت الدولة إلى منطقة اليورو في 2014.

5) كيف استعدّت بلغاريا للانضمام؟

بلغاريا، التي تُعتبر أكثر دول الاتحاد الأوروبي فساداً وفق تصنيف منظمة الشفافية "ترانسبيرنسي إنترناشيونال" (Transparency International)، واجهت شكوكاً كثيرة من دول أخرى في منطقة اليورو، خصوصاً بعدما كشفت أزمة الدَّين الحكومي اليوناني وفضائح غسل الأموال، التي شملت بنوكاً في دول البلقان، مخاطر انضمام أعضاء جدد إلى التكتل.

بعد أزمة بنكية محلية في 2014، عززت بلغاريا إشرافها المالي لتتمكن من الانضمام إلى الاتحاد المصرفي الأوروبي، واتباع آلية سعر الصرف المعروفة باسم "إي آر إم-2" (ERM-2).

أجرى المشرِّعون أيضاً تحديثات لإطار العمل القانوني الحاكم للبنك المركزي في بلغاريا، بعد إشارة البنك المركزي الأوروبي إلى عدد من نقاط الضعف، فيما حافظت بلغاريا لسنوات على عجز الميزانية ومستوى الدَّين ضمن نطاق متطلبات الاتحاد الأوروبي بفارق جيد.

6) ماذا يتبقى أمامها؟

تحتاج بلغاريا إلى تبنّي 3 مشروعات قوانين تتعلق بالعجز عن سداد الالتزامات، وغسل الأموال، والتأمين. لكن استمرار أزمة سياسية في الوقت الحالي يعوق هذه العملية، إذ تتجه بلغاريا نحو خامس انتخابات عامة خلال أقل من عامين.

كما أنها قد تواجه أيضاً صعوبات في الوفاء بالمعايير الخاصة بالتضخم، إذ وصفت وزيرة المالية، روزيتسا فيلكوفا ذلك الشرط بأنه "التحدي الصعب الوحيد"، خلال مقابلة نُشرت أواخر يناير الماضي.

7) لماذا تخلّت بلغاريا عن هدفها؟

كان الجدول الزمني الضيق والانقسامات السياسية المتعمقة تعني أن بلغاريا تواجه معركة شاقة، رغم الأغلبية البرلمانية الساحقة التي تدعم التحول لليورو.

شهد الرئيس رومين راديف، الذي خاض الانتخابات مرشحاً مستقلاً، فشل 6 محاولات لتشكيل الحكومة منذ يوليو 2022، كما خطط لانتخابات مبكرة تُعقد في 2 أبريل المقبل.

ووفقاً لوزيرة المالية، تحتاج بلغاريا إلى طلب تقرير من البنك المركزي الأوروبي بشأن مدى جاهزيتها "في موعد أقصاه أوائل فصل الربيع"، والتحضير لطرح العملة الجديدة.

ولكي تفي بالموعد المستهدف للانضمام في عام 2024، حثت الوزيرة فيلكوفا البرلمان للموافقة على التشريعات الضرورية لذلك. وحذّرت من أن الجدارة الإئتمانية للبلاد وتكلفة الاقتراض عليها ستتضرر، في حال عدم الوضوح بشأن الموعد المستهدف.

8) ما الدول الأخرى الراغبة في الانضمام إلى اليورو؟

أبدت رومانيا رغبتها في الانضمام، دون تحديد موعد رسمي لذلك. ورغم أن كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ملزمة الانضمام إلى منطقة اليورو، فإنّ بولندا وجمهورية التشيك والمجر تحجم عن اتخاذ خطوات رسمية في هذا الصدد. ويؤكد كل منها أهمية استقلال سياساتها النقدية، خصوصاً خلال الأزمات الاقتصادية مثل ارتفاع التضخم الحالي.

وتظل الدنمارك -التي حصلت على خيار رفض تبني اليورو قبل إطلاقه- والسويد ممتنعتين عن الانضمام أيضاً.

تصنيفات

قصص قد تهمك