بلومبرغ
يخضع عزم الولايات المتحدة على استعادة النفوذ المفقود في أفريقيا للاختبار هذا الأسبوع، عندما يجري العشرات من قادة ومسؤولي القارة محادثات مع نظرائهم الأميركيين على مدى ثلاثة أيام في العاصمة الأميركية واشنطن.
القمة التي يعقدها الرئيس الأميركي جو بايدن لقادة الولايات المتحدة وأفريقيا، والتي تهدف إلى زيادة التعاون في عدد من القضايا الأكثر إلحاحاً في العالم، تتمثل أولويتها القصوى في رسم خريطة لمستقبل الوصول إلى الأسواق.
من المقرر أن تناقش القمة يوم الثلاثاء، القانون الأميركي الخاص بالنمو والفرص في أفريقيا، الذي تنتهي صلاحيته في عام 2025، والذي يمنح ما يقرب من 7 آلاف منتج في نحو ثلاثين دولة أفريقية، وصولاً معفى من الرسوم الجمركية إلى أكبر اقتصاد في العالم، على أن تجري مناقشته في اجتماع لاحق مع المشرعين الأميركيين.
حتى الآن، لم يتم التوصل إلى تحديد ما الذي يمكن أن يحدث بعد انتهاء صلاحية البرنامج، ومن هي الدول التي يمكن أن يتم التجديد لها مستقبلاً.
قالت الممثلة التجارية الأميركية، كاثرين تاي، خلال مناسبة نظمها موقع "سيمافور" (Semafor) في واشنطن الاثنين: "نجد دائماً أن هناك فرصاً لتحسين البرنامج. قد يكون هناك استيعاب واستخدام أفضل له".
جنوب أفريقيا، معرضة لخطر الاستبعاد من أي صفقة تفضيلية مع الولايات المتحدة إذا كانت سياساتها التجارية تضرّ بالمصدرين الأميركيين مقارنة بنظرائهم من الدول المتقدمة الأخرى، وفق ما قاله أشخاص مطلعون على الأمر.
حرب أثيوبيا
كذلك، فإن إثيوبيا التي خرجت من حرب أهلية استمرت عامين، تخاطر بدورها بالتهميش. فقد جرى في العام الماضي، تعليق استفادة الدولة الواقعة في القرن الأفريقي من قانون النمو والفرص في أفريقيا المعروف اختصاراً بقانون "أغوا" (AGOA)، وذلك بسبب الصراع والمزاعم بأن قواتها متورطة في انتهاكات لحقوق الإنسان. وفيما رحبت الولايات المتحدة بوقف الأعمال العدائية، لا يزال مسؤولوها يراقبون الوضع لتحديد ما إذا كان هناك ما يبرر تغيير السياسة تجاه أثيوبيا.
قالت سارة بيانكي، نائبة الممثل التجاري الأميركي لآسيا وأفريقيا، في بيان قبيل انعقاد القمة، إن وزراء التجارة ستتاح لهم الفرصة للتحدث مباشرة مع أعضاء الكونغرس المسؤولين عن التشريع بشأن قانون "أغوا"، حول ما يجب تحسينه، وكيفية المضي قدماً.
أضافت بيانكي: "بكل تأكيد، نضع في اعتبارنا المرحلة التالية عندما نبدأ هذه المحادثات.. هذه أولوية بالنسبة إلينا. إن إجراء هذه الحوارات المباشرة هو حقاً أمر مهم، ويمثل فرصة في هذه القمة".
تحاول الولايات المتحدة تعميق علاقاتها مع أفريقيا، حيث تتنافس على النفوذ مع منافستيها؛ الصين التي تعد أكبر شريك تجاري للقارة ومن أكبر الدائنين لها، وروسيا التي نجحت في تعزيز العلاقات مع المنطقة خلال الأشهر الأخيرة في الوقت الذي حاولت فيه الدول الغربية عزلها عن العالم بسبب غزوها لأوكرانيا.
وصل حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة وأفريقيا جنوب الصحراء، إلى 44.9 مليار دولار في العام الماضي، مرتفعاً بنسبة 22% مقارنة بعام 2019، فيما تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة بنحو 5.3%، ليصل بذلك إلى 30.3 مليار دولار في 2021.
قالت بيانكي إن كينيا والولايات المتحدة، أعلنتا عن إقامة شراكة استراتيجية تجارية واستثمارية متبادلة في يوليو الماضي، وهي تجربة يمكن تعميمها على دول أفريقية أخرى إذا ثبت نجاحها.
أصبحت منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية - التي من المرتقب تحوّلها إلى أكبر منطقة تجارة حرة عالمياً من حيث المساحة عندما تبدأ العمل بكامل طاقتها في 2030- جاهزة للعمل في يناير 2021.
تسهيل التجارة الأميركية الأفريقية
على الأرجح ستصبح هذه المبادرة بمثابة ركيزة أساسية لتسهيل التجارة بين الولايات المتحدة وأفريقيا. كما يبلغ حجم السوق المحتملة للكتلة 1.3 مليار شخص، بحاصل ناتج محلي إجمالي يناهز 2.6 تريليون دولار.
وامكيلي مين، الأمين العام لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، صرح مؤخراً بأنه ستجري مناقشة دور الكتلة في القمة. وأوضحت تاي، الاثنين بأن الولايات المتحدة وأمانة الكتلة بصدد توقيع مذكرة لإطلاق منصة للعمل التجاري، مضيفاً أن واشنطن "تدعم بشكل هائل" جهود التكامل القاري.
اقترح كريس فان هولين، رئيس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية حول أفريقيا في مجلس الشيوخ الأميركي، إلى جانب كارين باس، رئيسة اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في مجلس النواب حول أفريقيا، يوم الجمعة الماضي، إصدار تشريع لتعزيز المعونة الأميركية الرامية إلى تنفيذ منطقة التجارة الحرة الأفريقية.
تعزيز الاقتصاد والتجارة القارية
سيتطلب ذلك من بايدن تطوير استراتيجية مشتركة وطويلة الأجل بين الوكالات الفيدرالية لتطوير البنية التحتية والدعم التقني لتعزيز الترويج للتجارة القارية الأفريقية.
كونستانس هاملتون، مساعدة الممثل التجاري الأميركي لأفريقيا، ترى أن هذه القمة توفر "نقطة انطلاق جيدة للمضي قدماً في "قانون النمو والفرص في أفريقيا"، بهدف إجراء حوار حول تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة.
من المتوقع حضور 50 شخصية من رؤساء الدول وكبار المسؤولين الحكوميين من الدول الأفريقية في قمة هذا العام، وتعد هذه القمة الثانية منذ استضافة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما للقمة في 2014.
ستناقش القمة أيضاً موضوعات الديمقراطية، والأمن الغذائي، وأزمة المناخ، وتشجيع الاستثمار في البنية التحتية، والصحة، ومشروعات الطاقة المتجددة.
من المرتقب أيضاً إعلان بايدن عن دعمه حصول الاتحاد الأفريقي على عضوية دائمة في مجموعة الدول العشرين خلال القمة.
قالت بيانكي، إن القمة "تعمل بشكل حثيث على تعزيز الولايات المتحدة وأفريقيا للعلاقات الاقتصادية بصفة أساسية.. وسيكون هذا محور التركيز الرئيسي".