بلومبرغ
تعهّد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم بتشكيل حكومة وحدة لتحقيق الاستقرار في البلاد. ويحتاج الآن إلى اختيار وزير للمالية قادر على توجيه دفة الاقتصاد، ومساعدته على توطيد أقدامه في السلطة.
الشخصية التي سيقع عليها الاختيار، مطالبة، الشهر المقبل، بتقديم ميزانية قادرة على حماية الانتعاش الهش لاقتصاد ماليزيا، وسط مخاوف من تباطؤ عالمي العام المقبل. وصعّب التضخم المرتفع والعملة، التي لا تزال ضعيفة، من قدرة الأسر ذات الدخل المتوسط والمنخفض على تحمّل تكاليف المعيشة.
يُعدّ هذا المنصب، الذي يتضمن الإشراف على المشاريع الكبرى لتعزيز الاقتصاد، ووضع استراتيجية لصناديق الاستثمار الحكومية في ماليزيا، على نطاقٍ واسع، ميداناً لتدريب رؤساء الوزراء المستقبليين. وأقدم رؤساء وزراء سابقون، في مناسبات عدّة، على تعيين شخصيات مخلصة من التكنوقراط، أو تولّوا حقيبة وزارة المالية بأنفسهم.
يرى وو وينغ ثاي، الأستاذ الفخري في "جامعة كاليفورنيا" في دافيس، والذي يركز على اقتصادات شرق آسيا، أنه لا يوجد سبب لاختيار أي سياسي مغمور وزيراً للمالية، "إلا إذا كان رئيس الوزراء يريد البقاء في السلطة". مُضيفاً أن "مهمة وزير المالية هي تحديد المشاريع الجيدة، وامتلاك المكانة السياسية، للتمكن من دفع ما يعتقد أنه الموقف الاقتصادي الصحيح للحكومة".
أمام أنور إبراهيم العديد من المرشحين للنظر في تعيينهم بهذا المنصب، نظراً لأنه يرأس ائتلافاً يتكوّن من أربع مجموعات سياسية على الأقل.
في ما يلي نظرة على أبرز المرشحين لتولي حقيبة المالية:
محمد حسن (66 عاماً)
محمد حسن هو نائب رئيس "المنظمة الوطنية المالاوية المتحدة"، وهي الدعامة الأساسية لتحالف "باريسان ناسيونال" (Barisan Nasional) الذي انضم إلى حكومة أنور إبراهيم الأسبوع الماضي. يتمتع محمد بـ25 عاماً من الخبرة في العمل بقطاع البنوك والشركات، قبل انتخابه لمنصب عام في 2004. وهو شغل منصب الوزير الأول في ولاية صغيرة بجوار كوالالمبور، حيث كان له الفضل في خفض ديون المنطقة وتعزيز نموها الاقتصادي.
كان محمد حسن مدير الانتخابات للائتلاف الذي تقوده "المنظمة الوطنية المالاوية المتحدة" (UMNO)، وحث رئيس الوزراء آنذاك إسماعيل صبري، بشكل نشط، على الدعوة إلى انتخابات مبكرة، ليتمكن من الاستفادة من سلسلة انتصارات في الانتخابات المحلية. خسر التحالف أرضية كبيرة، وكان محمد حسن متردداً في البداية بالانضمام إلى حكومة أنور إبراهيم. وصرّح عدد من نواب "باريسان ناسيونال" بشكل علني، أنه يتعين أن يشغل محمد حسن منصب أحد النائبين لرئيس الوزراء، في عهد أنور إبراهيم.
جوهري عبد الغني (58 عاماً)
يشتهر جوهري عبد الغني، المحاسب المحنك، بإدارة امتياز شركة الوجبات السريعة "كيه إف سي هولدينغز" (KFC Holdings) خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي. وهو عضو قديم في "المنظمة الوطنية المالاوية المتحدة"، واحتل الصدارة عندما فاز بمقعد في كوالالمبور في عام 2013. وبعد ثلاث سنوات، عيّنه رئيس الوزراء آنذاك نجيب عبد الرزاق وزير مالية ثانٍ، في إطار تعديل وزاري كافأ من خلاله الموالين للحزب.
رغم أن رئيسه كان يسيطر بشكل أساسي على الشؤون المالية الفيدرالية، إلا أن جوهري عبد الغني هو الذي تحدّث علناً عن الأزمة المتصاعدة لـ"ون إم دي بي" (الصندوق السيادي الماليزي) وديونه التي تُقدّر بمليارات الدولارات. وساهم في شراء حصة "المنظمة الوطنية المالاوية المتحدة" في شركات مثل "كيو يو بي ماليزيا" (KUB Malaysia) في عام 2019، لمساعدة الحزب على استمرار نشاطه، بعد تجميد بعض حساباته المصرفية في قضية "ون إم دي بي".
خسر جوهري مقعده في البرلمان في عام 2018، لكنه فاز به مرة أخرى في انتخابات الأسبوع الماضي، حيث كان يُنظر إليه من قبل غالبية الناخبين الملايو في دائرته، على أنه إداري مُخضرم.
رافيزي رملي (45 عاماً)
سارَ رافيزي رملي بركب "الحركة الإصلاحية" التي احتجت على إقالة أنور إبراهيم من منصب نائب رئيس الوزراء في عام 1998. وعمل محاسباً في شركة "بتروناس" (Petronas) للنفط والغاز الحكومية لنحو ست سنوات، قبل أن يستقيل للتركيز على السياسة مع أنور إبراهيم وحزبه.
انتُخب نائباً بالبرلمان في 2013، وركّز على فضح الفساد المرتبط بنجيب عبد الرزاق وحكومته، بما في ذلك "ون إم دي بي". ساعد الكشف عن هذا الفساد في تأجيج الغضب العام ضد "المنظمة الوطنية المالاوية المتحدة"، وأدى إلى هزيمتها التاريخية عام 2018، رغم أنه كان غير مؤهل للدفاع عن مقعده، لاستئنافه حكماً بالسجن لتسريبه محتويات تقرير تدقيق "ون إم دي بي". لكنه حصل على حكم بالبراءة في عام 2019.
عاد رافيزي رملي إلى الصراع السياسي في وقت سابق من هذا العام، وتمكن فريقه من اجتياح معظم المناصب في حزب أنور إبراهيم، وهو الآن يشغل منصب النائب القوي للرئيس.
عزمان مختار (61 عاماً)
عمل عزمان مختار في شركة الكهرباء بماليزيا، وتقلّد سلسلة من الوظائف في القطاع المالي، قبل أن يتولى مقاليد صندوق الثروة السيادي "خزانة ناسيونال" (Khazanah Nasional)، في عام 2004. ويُعدّ مختار العضو المنتدب الذي تقلّد أطول مدة خدمة في الصندوق المملوك من وزارة المالية، ما يجعله على دراية جيدة بأعمال الحكومة الداخلية.
أشرف مختار على توسّع الصندوق عالمياً، وقاد الاستثمارات في مجالات الرعاية الصحية والتكنولوجيا والصناعات الإبداعية، بينما صاغ صفقات الاستثمار في مجموعة متنوعة من الشركات المحلية. ومنذ منتصف عام 2004 حتى 2017، حقق عائدات بنسبة 9.6% كمتوسط سنوي مركب، مقتفياً مؤشر بورصة كوالالمبور الذي بلغ عائده في الفترة ذاتها 10%.
اعتُبر جزءاً من الدائرة المقربة من نجيب عبد الرزاق رئيس الوزراء آنذاك، وقدم له المشورة بشأن الاقتصاد وأسواق رأس المال. وبعد الهزيمة التاريخية لعبد الرزاق، و"المنظمة الوطنية المالاوية المتحدة" في انتخابات 2018، استقال عزمان مختار ومجلس إدارة "خزانة" من منصبهم، وخضعوا للتدقيق من قبل مهاتير محمد، الذي أصبح رئيساً للوزراء للمرة الثانية، واعتبر أن الصندوق استثمر أكثر مما يجب في عدد كبير الشركات.
نزير عبد الرزاق (56 عاماً)
وُلد نزير عبد الرزاق لعائلة سياسية، فهو نجل رئيس الوزراء الثاني في ماليزيا، والشقيق الأصغر لنجيب عبد الرزاق. التحق بالعمل في بنك "سي آي إم بي" (CIMB) في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، وأشرف على توسعه السريع، بما في ذلك صفقة الاستحواذ القسري على "ساوثرن بنك" (Southern Bank).
بعد تنحيه عن منصبه كرئيس تنفيذي لـ"سي آي إم بي" عام 2014، مع الاحتفاظ بمنصب رئيس مجلس الإدارة، أصبح نزير عبد الرزاق ينتقد بشكل متزايد طريقة تعامل الحكومة مع قضية "ون إم دي بي" وتأثيرها على اقتصاد ماليزيا. صرّح في عام 2016 أن البلاد بحاجة إلى "إصلاح البوصلة الأخلاقية والتعامل مع مشكلاتنا الهيكلية". وبعد فترة وجيزة، حصل على إجازة خلال المدة التي كان البنك يحقق فيها بقضية تحويل 7 ملايين دولار إلى حسابه المصرفي الشخصي من نجيب عبد الرزاق، ما بدا على أنه جزء من الفضيحة. ولكن تمت تبرئته، وظل رئيساً حتى عام 2018.
قال نزير عبد الرزاق إنه يريد توسيع السياسات التي تفضل الملايو الآن، وأيضاً لتحقيق الاستفادة للمجموعات العرقية من ذوي الدخل المنخفض. وهو معروف جيداً من قبل الكثير من الشركات الماليزية، بأنه يدرك المتطلبات اللازمة لإعادة تنشيط الاقتصاد.
أنتوني لوك (45 عاماً)
حظي أنتوني لوك بشعبية على نطاق واسع من قبل الماليزيين من جميع الأطياف السياسية عندما كان وزيراً للنقل تحت إدارة مهاتير محمد، التي استمرت لفترة قصيرة، اعتباراً من عام 2018. ولعب دوراً كبيراً في إعادة التفاوض بشأن عقود البنية التحتية المكلفة التي أبرمتها حكومة نجيب عبد الرزاق، وحوّل النقل العام إلى مرفق أكثر كفاءة.
شغل لوك منصب الأمين العام القوي في "حزب العمل الديمقراطي" (Democratic Action Party)، وهو الأكبر في ائتلاف أنور إبراهيم، وتمتع بمكانة جيدة تؤهله لتقلّد دور وزاري رئيسي. ومع ذلك، فمن المرجّح أن يؤجل حزب يسار الوسط هذا، الذي يحظى بدعم الناخبين الصينيين والهنود، منح الملايو مناصب وزارية، لضمان استمرار استقرار التحالف.
أنور إبراهيم (75 عاماً)
قال رئيس الوزراء المعيّن حديثاً للصحافيين الأسبوع الماضي، إنه لا يفكر في تولي منصب وزير المالية، على الأقل في الوقت الحالي. لكن مثل هذه القرارات يمكن أن تتغير، ففي النهاية تولى نجيب عبد الرزاق ومهاتير محمد، سلفا أنور إبراهيم، مسؤولية وزارة المالية في أواخر فترة حكمهما.
كان أنور إبراهيم وزيراً للمالية في حكومة مهاتير محمد لمدة سبع سنوات. وأُقيل من منصبه في ذروة الأزمة المالية لعام 1998، بعد خلاف مع رئيسه بشأن الاقتصاد، لا سيما النقد الأجنبي وضوابط رأس المال. فقد كان مهاتير محمد يسعى إلى بيئة أسعار فائدة منخفضة مع مزيد من الإنفاق، بينما طالب أنور إبراهيم بسياسة نقدية أكثر تشدّداً مع إجراءات تقشفية.