بلومبرغ
نما الناتج المحلي الألماني بشكل غير متوقع في الربع الثالث، مما أدى إلى تأخير الركود الذي ما زال المحللون يتوقعونه على خلفية ارتفاع التضخم وأزمة الطاقة الناجمة عن الحرب.
توسع أكبر اقتصاد في أوروبا بنسبة 0.3% مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة، متفوقاً على تقديرات المحللين التي رجحت انكماشاً بنسبة 0.2%. أعلن مكتب الإحصاء يوم الجمعة أن النمو كان مدفوعاً بشكل أساسي بالاستهلاك الخاص.
بدوره قال ينس أوليفر نكلاش، الخبير الاقتصادي في "لانديسبانك بادن فورتمبيرغ" (LBBW) -أحد البنوك المدعومة من الدولة في ألمانيا- إن البيانات "مذهلة للغاية نظراً لأن العديد من المؤشرات تظهر أن الاقتصاد يتباطأ بشكل ملحوظ منذ شهور".
أضاف نكلاش: "من المحتمل أن يكون هناك عاملان يلعبان دوراً -أصداء إعادة الفتح ما بعد كورونا ووفرة حزمة الإغاثة في الصيف- التي عوّضت بشكل كبير عن الآثار السلبية لارتفاع أسعار الطاقة وحرب أوكرانيا".
في حين أن نكلاش لا يزال يرجح حدوث ركود في الشتاء، إلا أنه رجح ألا يكون خطيراً كما كان يُخشى في البداية.
من المحتمل أن يكون تقرير الجمعة هو آخر خبر سار لبعض الوقت. ففي الوقت الذي تستحدث فيه الحكومة الألمانية دعماً لمعظم استهلاك الغاز الطبيعي بعد أن قطعت روسيا الشحنات، يرى "البنك الاتحادي الألماني" (بوندسبنك) أن الناتج سيتقلص "بشكل كبير" في هذا الشتاء.
تأتي هذه الأرقام في أعقاب تقارير صدرت من فرنسا وإسبانيا في وقت سابق من يوم الجمعة أظهرت ضعف الناتج المحلي الإجمالي. إذ حقق كلا البلدين نمواً ضئيلاً بلغ 0.2%.
ألمانيا تجر منطقة اليورو إلى الركود
في غضون ذلك، أظهرت مؤشرات نشاط القطاع الخاص الصادرة هذا الأسبوع من قبل "ستاندرد آند بورز غلوبال" انكماشات في أوروبا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة في أكتوبر. يعتقد محللون استطلعت آراءهم "بلومبرغ" أن ألمانيا ستجر منطقة اليورو التي تضم 19 دولة إلى الركود العام المقبل.
الاقتصاد الألماني ذو الصناعة الثقيلة أكثر تعرضاً لتكاليف الطاقة المرتفعة بسبب اعتماده المفرط على الشحنات الروسية. أصبحت إمدادات الغاز وسيلة بيد الكرملين للرد على الغرب الذي فرض عقوبات عليه بسبب حربه في أوكرانيا.
يتمحور الخوف الآن حول نقص الطاقة، على الرغم من أن الطقس الدافئ بصورة غير اعتيادية يمنح الأسر والشركات مساحة لالتقاط الأنفاس. بالإضافة إلى ذلك، يتباطأ الطلب العالمي، وأثبتت أزمات سلاسل التوريد استمرارها بإصرار، ومن المتوقع أن تظهر البيانات في وقت لاحق من يوم الجمعة أن التضخم ظل أعلى من 10% هذا الشهر.
تضرر الصناعات
خفضت شركة "كوفسترو" (Covestro)، الشركة المصنعة للبوليمرات والبلاستيك عالي الأداء، توقعاتها هذا الأسبوع بعد أن تراجعت الأرباح على خلفية ارتفاع أسعار الطاقة وضعف الطلبات. لا تستطيع الشركة التي تورّد لقطاعات صناعة السيارات، والإلكترونيات، والصناعات الطبية تمرير سوى قدر ضئيل من تكاليفها المتزايدة.
في الوقت نفسه، أصدرت شركة "أديداس" لتصنيع الملابس الرياضية الأسبوع الماضي تحذيرها الثاني بشأن الأرباح في ثلاثة أشهر، مشيرة إلى أن السلع غير المبيعة تتراكم بسبب تضاؤل الطلب في جميع أنحاء الصين والأسواق الغربية.
استقر مؤشر يقيس توقعات الأعمال هذا الشهر -وفقاً لمعهد "إيفو" (IFO) للأبحاث الاقتصادية، الذي يقع مقره في ميونيخ ويقوم بتجميع بياناته- مما يمنح بعض الأمل في أن يتمكن الاقتصاد من تجنب أسوأ السيناريوهات.
لكن رغم ذلك، قال كليمنس فويست رئيس معهد "إيفو": "من غير المرجح أن نتجنب الركود... الاقتصاد الألماني يتقلص في الوقت الحالي لكن ربما بوتيرة أبطأ مما يخشى معظم الناس، وهذه نقطة مضيئة".
يتوقع الاقتصاديون انكماشات بنسبة 0.4% و0.5% في الربعين الرابع والأول، قبل استئناف الاقتصاد الألماني النمو في الربيع.