هل يبطئ الاحتياطي الفيدرالي وتيرة رفع الفائدة؟ سوق السندات لديها الجواب

نحن بعيدون كل البعد عن اليقين بشأن التضخم.. لذا فإن إشارات السوق هي كل ما لدينا.. وإحداها تشير إلى معدل فائدة أعلى من 5%

time reading iconدقائق القراءة - 10
رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم بأول متحدثاً خلال مؤتمر صحفي - المصدر: بلومبرغ
رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم بأول متحدثاً خلال مؤتمر صحفي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

بعد الزيادة الرابعة المتوقعة على نطاق واسع في أسعار الفائدة الأميركية بنسبة 0.75% الأسبوع المقبل، ترى وجهة نظر متزايدة أن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع بدرجة أقل تبلغ 0.50% في اجتماع ديسمبر. حتى مع استمرار ارتفاع التضخم، من المفيد أن يتحلى الاحتياطي الفيدرالي بمرونة أكبر في ظل ارتفاع الأسعار إلى مستوى مقيّد بما يكفي لكبح جماح التضخم والنمو في الأشهر المقبلة.

لكن رد الأسواق المالية هذا الشهر يشير إلى عدم الثقة بأن سعر الفائدة النهائي المتوقع حالياً -المستوى الذي يتوقف عنده "الاحتياطي الفيدرالي" عن رفع أسعار الفائدة- مرتفع بما يكفي لإنجاز المهمة. حتى إذا كانت البيانات الاقتصادية داعمة لذلك خلال الشهر المقبل أو الشهرين المقبلين، فمن المحتمل أن تكون هناك دفعة أخرى على الأقل لزيادة سعر الفائدة النهائي المحتمل قبل أن يتنفس المستثمرون الصعداء.

يثير هذا الأمر التساؤل حول كيفية تفكير الاحتياطي الفيدرالي في سعر الفائدة النهائي. في اجتماع السياسة النقدية في سبتمبر، كانت توقعات الاحتياطي الفيدرالي هي أن سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية المستهدف سيصل إلى 4.6% -نطاق بين 4.50% و4.75%- في عام 2023 (ما يسمى معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية هو حالياً عند 3.25%). دفع تقرير مؤشر أسعار المستهلكين لشهر سبتمبر، الذي كان أعلى مما كان متوقعاً، بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إلى الحديث عن الوصول إلى هذا النطاق بحلول نهاية هذا العام، وهو ما تتوقعه الأسواق حالياً: زيادة بنسبة 0.75% الأسبوع المقبل، ثم إما زيادة بمقدار 0.50% وإما زيادة بمقدار 0.75% في اجتماع ديسمبر. تشير الأسواق إلى أنها تتوقع زيادة أخرى بمقدار 0.25% في أوائل عام 2023، التي بدورها سترفع سعر الفائدة النهائي إلى نطاق 4.75% و5%.

استجابة غير مشجعة

لكن إذا كنت أنت في مكان الاحتياطي الفيدرالي فسترى أن استجابة السوق لتلك التوقعات كانت غير مشجعة. خلال يوم الاثنين وصلت مكاسب "مؤشر ستاندارد أند بورز 500" إلى ما نسبته 6% خلال الشهر (على الرغم من أنه لا يزال منخفضاً بنسبة 20% هذا العام، لذلك لا ينبغي أن يكون ذلك بحد ذاته مشكلة بالنسبة إلى الاحتياطي الفيدرالي). كان التعافي في معدلات التعادل أكثر مدعاة للقلق، إذ تشير هذه المعدلات إلى مستوى التضخم المستقبلي الذي تتوقعه سوق السندات.

في نهاية سبتمبر انخفضت معدلات التعادل إلى المستويات التي شوهدت في 2010، ما يشير إلى أن توقعات التضخم في سوق السندات كانت متوافقة مع أهداف الاحتياطي الفيدرالي. يمكن القول إنّ هذه لم تعُد هي الحال. خلال يوم الاثنين، ارتفعت معدلات التعادل لمدة عامين بنسبة 0.93% على مدار الشهر، وارتفعت معدلات التعادل لمدة خمس سنوات بنسبة 0.54%، وارتفعت معدلات التعادل لمدة 10 سنوات بنسبة 0.43%، وجميعها الآن عند مستويات أعلى مما رأيناه في أي وقت من العقد الماضي.

تتوقع سوق السندات أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلكين بمتوسط 2.65% سنوياً على مدى السنوات الخمس المقبلة، لكن هذا يتحرك في الاتجاه الخاطئ وفوق هدف التضخم الفيدرالي البالغ 2%.

مراقبة مؤشرات الأسواق

يجب إعطاء إشارات الأسعار المستندة إلى السوق وزناً أكبر في وقت لا تقدم فيه "البيانات المثبتة" إلى الاحتياطي الفيدرالي حتى الآن المؤشرات الصحيحة لإبطاء وتيرة تشديد سياسته النقدية. يستمر التضخم الأساسي في الارتفاع لما فوق الهدف، وحتى في حين أن هناك إشارات على أن التضخم سيتباطأ في الأشهر المقبلة، فعلى الأغلب سيرغب الاحتياطي الفيدرالي في بيانات لثلاثة أشهر على الأقل لكي يستطيع الشعور بالاطمئنان. في الوقت ذاته، لا تُظهِر سوق العمل ولا الأسواق المالية أدلة كافية على الهدوء مع بقاء التوظيف قوياً، فيما تبدو الأسواق في وضع أفضل مما كانت عليه قبل شهر.

كان نهج الاحتياطي الفيدرالي المتطور يشبه طهي كيس من الفشار بالميكروويف. إنها عملية تعتمد على البيانات، تماماً مثل إدارة السياسة النقدية، يمكن لأي شخص مثلاً أن يحرق الفشار رغم اتباعه الإرشادات الموجودة على الكيس. في أول دقيقتين، يسخن الكيس ويتوسع، وتبدأ الحبات تتفرقع بكثافة متسارعة. بشكل أو بآخر هذا ما رأيناه من الاحتياطي الفيدرالي منذ مارس، إذ رفع أسعار الفائدة بحدة من 0% في وقت ارتفاع التضخم. يجب عليك الانتباه من كثب حين تبطئ الفرقعة. لا يمكنك رؤية ما بداخل الكيس، لذا تراقب العلامات الأخرى التي تدل على اكتمال العملية (أو على تماديك كثيراً بإجراءاتك)، مثل عدم وجود أصوات فرقعة أو رائحة احتراق. هذه هي المرحلة التي ينتقل إليها الاحتياطي الفيدرالي الآن.

البيانات الحاسمة من التضخم أو سوق العمل، التي تُظهِر أن الاحتياطي الفيدرالي قد أنجز عمله، لن تأتي حتى الربع الأول من عام 2023 على أقرب تقدير. في غضون ذلك، يجب أن تحمل إشارات السوق وزناً أكبر. ولسوء الحظ فإن الاستجابة التضخمية للأسواق في أكتوبر لمسار التشديد المتصور من الاحتياطي الفيدرالي تشير إلى أننا لم نتوقع بعدُ زيادات كافية في أسعار الفائدة. في نهاية المطاف، يجب أن نكون مستعدّين لسعر الفائدة النهائي من قِبل الاحتياطي الفيدرالي، بمقدار أعلى من 5%.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

واشنطن

8 دقائق

5°C
غيوم متناثرة
العظمى / الصغرى /
14.8 كم/س
77%
الآراء الأكثر قراءة