بلومبرغ
ضاعف البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيسي إلى أعلى مستوى منذ أكثر من عقد، مكثفاً بذلك تشديد سياسته النقدية لمحاربة التضخم القياسي في مواجهة الركود المحتمل.
رفع صناع السياسة النقدية في فرانكفورت أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي بمقدار ثلاثة أرباع نقطة اليوم الخميس- كما توقع الاقتصاديون. وبذلك يرتفع سعر الفائدة على الودائع، الذي كان أقل من الصفر مؤخراً في يوليو، إلى 1.5%.
المركزي الأوروبي يتجه لمضاعفة الفائدة لأعلى مستوى في عقد
في سياق مواصلة زيادات أسعار الفائدة حتى مع اضطراب سوق الطاقة الذي يخرّب اقتصاد منطقة اليورو المكوّن من 19 دولة، أكد البنك المركزي الأوروبي مجدداً على التزامه باستعادة السيطرة على الأسعار التي ترتفع بخمس مرات عن الهدف البالغ 2%.
تتطابق هذه الخطوة مع وتيرة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي بدأ حربه على التضخم في وقت سابق، كما عززت سعر الدولار على حساب اليورو. ولكن في كندا، خدع البنك المركزي المستثمرين أمس الأربعاء عبر إبطاء وتيرة تشديد السياسة النقدية بشكل غير متوقع، بينما يداني الاقتصاد الانكماش.
تشديد مستمر
قال البنك المركزي الأوروبي في بيان: "التضخم لا يزال مرتفعاً للغاية، وسيبقى فوق الهدف لفترة طويلة". وأضاف في البيان :"اتخذ مجلس الإدارة قرار اليوم، ويتوقع أن يرفع أسعار الفائدة بشكل أكبر، لضمان عودة التضخم في الوقت المناسب إلى المعدل المستهدف البالغ 2% على المدى المتوسط".
قلصت الأسواق رهانات رفع أسعار الفائدة بشكل طفيف، حيث باتت ترجح زيادة الفائدة 56 نقطة أساس في ديسمبر مقابل 58 نقطة أساس في وقت سابق.
كما شدد المسؤولون الشروط على أكثر من 2 تريليون يورو (2 تريليون دولار) من القروض الرخيصة للغاية في عصر الوباء للبنوك المعروفة باسم "عمليات إعادة التمويل المستهدف طويلة الأجل". أصبحت الاتفاقات إشكالية بعد أن سمحت الزيادات السريعة الأخيرة في أسعار الفائدة للمقرضين بتخزين سيولة القروض في حسابات البنك المركزي الأوروبي وكسب دخل خالٍ من المخاطر.
يحمل تغيير الشروط بأثر رجعي مخاطر قانونية، ويمكن أن يجعل البنوك حذرة من عروض مماثلة في المستقبل، مما يقوض فعاليتها. قال المدير المالي في "دويتشه بنك"، جيمس فون مولتك يوم الأربعاء، إنه سيُصاب "بخيبة أمل" إذا تم تعديل الشروط بينما قامت البنوك بالتسجيل "بأمانة" للحفاظ على تدفق الائتمان.
كما خفض المسؤولون الفائدة التي يدفعونها على الاحتياطيات التي يُطلب من البنوك الاحتفاظ بها لدى البنك المركزي الأوروبي لمطابقة معدل الإيداع.
مع تحرك الرئيسة كريستين لاغارد وزملائها بزيادات بدت غير متوقعة تقريباً في وقت سابق من هذا العام، يتحول التركيز إلى المدى الذي سيتم رفع تكاليف الاقتراض إليه بينما تكافح الأسر مع زيادة تكاليف التدفئة والرهن العقاري.
مدى رفع أسعار الفائدة
أشار بعض المسؤولين علناً إلى أن خطوة يوم الخميس قد لا تكون الأخيرة من هذا الحجم- وهو ما ستُسأل عنه لاغارد عندما تعقد مؤتمراً صحفياً في الساعة 2:45 مساءً بالتوقيت المحلي.
يتوقع المحللون في استطلاع أجرته بلومبرغ أن تصل الفائدة على الإيداع ذروتها عند 2.5% في مارس، على الرغم من ترجيحهم تراجع وتيرة الزيادات بعد هذا الشهر.
سيكون تحديد جرعة التشديد النقدي المناسبة أمراً صعباً. فبينما انخفضت أسعار الغاز الطبيعي، التي ارتفعت بعد غزو روسيا لأوكرانيا، بأكثر من الثلثين منذ الصيف، يشعر المسؤولون بالقلق من أن التضخم يتوسع في السلع والخدمات وقد يحفز التوقعات بمزيد من المكاسب.
علاوة على ذلك، بدأ السياسيون في مقاومة رفع تكاليف الاقتراض بسرعة بينما تنهار اقتصاداتهم تحت وطأة أزمة الطاقة. استغلت رئيسة الوزراء الإيطالية الجديدة، جورجا ميلوني، أول خطاب لها أمام البرلمان لانتقاد زيادة أسعار الفائدة، في حين تذمر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
في نهاية المطاف، سيتم استكمال زيادات البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة بجهود لعكس مشتريات السندات التي كانت جزءاً من الاستجابة التحفيزية للأزمات الأخيرة. بدأ النقاش حول تقليص حيازاته من الديون البالغة 5 تريليونات يورو (5 تريليونات دولار) -وهي عملية تُعرف باسم التشديد الكمي- على الرغم من أنه من غير المتوقع اتخاذ إجراء ملموس حتى العام المقبل.