بلومبرغ
يعتزم البنك المركزي الأوروبي النظر لما هو أبعد من مخاوف الركود المتفاقمة عن طريق زيادة سعر الفائدة الأساسي لأعلى مستوياته منذ ما يفوق العقد للتصدي لـ التضخم الذي بلغ معدلات قياسية في منطقة اليورو.
رغم الاستياء من تزايد تكاليف الاقتراض من قبل الساسة بمن فيهم رئيسة الوزراء الإيطالية الجديدة جورجا ميلوني، توقع كافة خبراء الاقتصاد الذين شاركوا في استطلاع للرأي أجرته بلومبرغ رفعاً لسعر الفائدة للمرة الثانية على التوالي بمقدار 75 نقطة أساس الخميس.
يتفق المستثمرون في سوق المال مع ذلك التوقع، مما يدلل على أن سعر فائدة الإيداع سيتضاعف إلى 1.5%، حيث يعد التضخم البالغ 10% هو الحافز، هو خمسة أضعاف هدف البنك المركزي الأوروبي في المدى المتوسط.
تحظى إعادة التضخم مرة أخرى نحو هذا المستوى بالأولوية حتى الآن على حساب حماية الاقتصاد من الانكماش الناجم عن أزمة الطاقة لشتاء العام الحالي.
عقب هبوط سعر صرف اليورو، يواجه "المركزي الأوروبي" أيضاً ضغوطاً من أجل مواكبة الارتفاعات الحادة لأسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.
التضخم في منطقة اليورو يسجل 10% لأول مرة على الإطلاق
من المقرر أن تناقش رئيسة البنك كريستين لاغارد وزملاؤها موضوعات أخرى، والذين ما زالوا يعتبرون متخلفين عن الركب على صعيد التصدي لارتفاع الأسعار. ربما يتخذ المسؤولون إجراءات لكبح مكاسب البنوك التي تستفيد بشكل مفرط من زيادة أسعار الفائدة، في حين سيناقشون أيضاً التوقيت الذي يتعين عنده البدء في وقف مشتريات الأصول التي وصلت لتريليونات اليورو خلال الأزمات الأخيرة.
من المنتظر صدور القرار الخاص بسعر الفائدة من البنك المركزي الأوروبي عند الساعة 2:15 بعد الظهر بتوقيت فرانكفورت، قبل 30 دقيقة من عقد لاغارد لمؤتمر صحفي.
أسعار الفائدة
يؤكد الأعضاء المتشددون بمجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، على غرار الألماني يواكيم ناغل، على أنه يتعين الاستمرار في زيادة أسعار الفائدة، رغم الركود الاقتصادي المحدق، نظراً لأن التضخم يتسارع بطريقة مخيفة. ستؤدي مضاعفة أسعار الفائدة على الودائع لتصل إلى 1.5% إلى جعلها أقرب كثيراً للمستوى الذي يعتبره المسؤولون ذا تأثير "محايد" على الاقتصاد.
رفع المركزي الأوروبي للفائدة 75 نقطة أساس قرار محسوم الخميس
يقول البعض إنه ربما يتوجب رفع الأسعار إلى ما هو أبعد من تلك النقطة، لتبلغ منطقة متشددة، للتحكم في الأسعار. حذر آخرون من الذهاب بعيداً للغاية بطريقة سريعة، خشية الاضطرار إلى التراجع بوقت لاحق – حيث أشاروا لأخطاء السياسة النقدية التي حدثت إبان الأزمة المالية العالمية.
توجد أيضاً مؤشرات على بروز معارضة سياسية بازغة ضد زيادة أسعار الفائدة بما يتسبب في الركود. انتقدت ميلوني البنك المركزي الأوروبي بأول خطاباتها أمام البرلمان خلال الأسبوع الجاري، بينما حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من تقويض الطلب من خلال الارتفاعات في أسعار الفائدة.
على الأرجح ستتباطأ وتيرة الزيادات لـ50 نقطة أساس بديسمبر المقبل، بحسب خبراء الاقتصاد الذين يتوقعون عمليتي رفع أخريين بنصف هذا القدر قبل بلوغ مستوى الذروة. عملياً، باتت نقطة الانتهاء للبنك المركزي الأوروبي على نحو سريع بؤرة اهتمام مراقبي السوق.
سيولة زائدة
جعل الصعود المفاجئ في تكاليف الاقتراض البنك المركزي الأوروبي يواجه قراراً صعباً إزاء سيولة تقدر بالتريليونات من اليورو والتي أُتيحت بطريقة جزئية عن طريق برنامج ما قبل الأزمة يقدم قروضاً رخيصة للبنوك. في ظل الظروف الراهنة، يستطيع المقرضون كسب دخل خال من المخاطر عبر اختزان هذه الأموال النقدية لدى البنك المركزي - وهو وضع يعتبره كثيرون غير مقبول لأن معدلات التضخم تعتصر الأسر والشركات.
"المركزي الأوروبي" قد ينهي مشتريات السندات في الربع الثالث
توجد أيضاً آثار مترتبة على تحول السياسة النقدية لدى البنك المركزي الأوروبي وأسواق المال.
تتوافر خيارات عديدة للتصدي لقروض 2.1 تريليون يورو (يعادل 2.1 تريليون دولار) من قروض "عمليات إعادة التمويل المستهدفة طويلة الأجل" وهي تتضمن تغيير شروطها أو جعل بعض الودائع تخضع لسعر فائدة أقل. رغم ذلك، فإن جميع هذه الخيارات لها تداعيات سلبية محتملة. أوضح كبير المسؤولين الماليين في "دويتشه بنك"، جيمس فون مولتك، الأربعاء أنه يشعر "بالإحباط" من إمكانية تشديد شروط القروض.
التشديد الكمي
منذ صدور قرار سعر الفائدة الأخير من قبل البنك المركزي الأوروبي في سبتمبر الماضي، بدأ المسؤولون في مناقشة سبل تقليص أوراق مالية بقيمة 5 تريليونات يورو تقريباً جُمعت بموجب برامج الشراء المختلفة عندما بقي معدل التضخم أقل من هدف 2%.
من شأن هذه العملية، المعروفة باسم التشديد الكمي، أن تضيف أداة أخرى لترسانة أسلحة البنك المركزي الأوروبي إذ يحاول إعادة نمو الأسعار إلى الهدف الخاص به. بينما يتوقع خبراء الاقتصاد أن يبدأ التشديد الكمي مع حلول الربع الثالث من 2023، فإنه ليس من المرجح أن يتخذ قراراً خلال الأسبوع الجاري. يحظى الموضوع بحساسية خاصة من جهة السياسة، لأنه يضع ضغوطاً أكثر على الدول ذات مستويات الديون العالية.