بلومبرغ
حذّر ريشي سوناك من أن المملكة المتحدة تواجه "تحدياً اقتصادياً عميقاً" بينما يستعد لتولي السلطة بعد فوزه في السباق لخلافة ليز ترَس رئيساً للوزراء.
في خطاب قصير بعد ساعات فقط من انسحاب بيني موردنت من السباق للمنافسة على "10 داونينغ ستريت" (المقصود مقر مكتب رئيس الوزراء) تاركةً الطريق مفتوحاً أمامه، تعهد وزير الخزانة السابق، البالغ من العمر 42 عاماً، بجعل توحيد كل من الأمة وحكومته حزب المحافظين المتحارب أولويته القصوى وقال: "سأعمل يوماً بعد يوم من أجل خدمة الشعب البريطاني".
يواجه سوناك تحدياً هائلاً لاستقرار الاقتصاد البريطاني في مواجهة الرياح المعاكسة بما في ذلك التضخم المكون من رقمين، وارتفاع أسعار الفائدة، وصعود تكاليف الرهن العقاري. كما أنه بعد سبعة أسابيع من حكم ترَس الكارثي الذي ترك حزب المحافظين ضعيفاً في استطلاعات الرأي، لديه أيضاً مهمة صعبة لتوحيد فصائل المحافظين المختلفة، حيث ألقى العديد من أعضاء البرلمان بالحزب باللوم عليه في سقوط سلف ترَس، بوريس جونسون، في وقت سابق من العام.
تهديد وجودي
في وقت سابق، قال سوناك لنواب حزب المحافظين إن حزبهم يواجه "تهديداً وجودياً"، وفقاً لما ذكره سايمون هور، النائب عن حزب المحافظين الذي حضر خطابه غير المذاع. رددت دعوته للوحدة صدى كلمات موردنت في تنازلها قبل الساعة 2 بعد الظهر بقليل بالتوقيت المحلي. وقد حثت حزب المحافظين على "الاتحاد والعمل معاً من أجل خير الأمة".
من خلال انسحابها، أكّد موردنت أنه لا توجد حاجة لإجراء جولة الإعادة بين أعضاء الحزب على مستوى القاعدة، والتي كان من المقرر أن تستمر حتى يوم الجمعة. من المرجح الآن أن يتم تسليم السلطة إلى سوناك من ترَس في أقرب وقت يوم الثلاثاء، على الرغم من أن المتحدث باسم رئيس الوزراء، ماكس بلاين، لم يتمكن من تأكيد التوقيت، قائلاً إنه سيتم تحديده في وقت لاحق يوم الإثنين. ومع ذلك، قال للصحفيين إن ذلك لن يحدث يوم الإثنين.
يُعدّ هذا تحولاً ملحوظاً في حظوظ سوناك السياسية، بعد استقالته من منصب وزير الخزانة السابق بحكومة بوريس جونسون في يوليو، ثم خسارته أمام ليز ترَس في آخر سباق لقيادة حزب المحافظين خلال الصيف. لكن تحذيراته المتكررة بأن خططها (ليز ترَس) ستؤدي إلى فوضى اقتصادية أثبتت صحتها ووضعته في مركز الصدارة عندما انهارت رئاسة ترَس للوزراء.
ظل جونسون
ومع ذلك، لم يكن سوناك غير مرغوب فيه بالنظر إلى المرارة والانقسام في حزب المحافظين. فهو لا يزال متهماً في نظر العديد من نواب حزب المحافظين لدوره في سقوط جونسون، كما أن تلميح رئيس الوزراء السابق خلال عطلة نهاية الأسبوع لما كان يمكن أن يكون عودة شنيعة بعد أشهر فقط من إقالته لتهديده بعرقلة آمال سوناك.
في النهاية، انسحب جونسون دون أن يظهر أبداً أنه حصل على دعم 100 من أعضاء حزب المحافظين اللازمين للتنافس رسمياً على القيادة. وبالمثل، انسحب موردونت قبل فترة وجيزة من إعلان النائب المؤثر عن حزب المحافظين غراهام برادي عن المرشحين الذين تجاوزوا هذه العتبة.
يعني هذا تتويجاً بالفعل لسوناك، البالغ من العمر 42 عاماً، الذي أصبح أول رئيس وزراء للمملكة المتحدة من أصل هندي وأصغر رئيس وزراء في البلاد منذ أكثر من 200 عام. لن يكون لأعضاء حزب المحافظين الشعبيين، الذين كان لهم الكلمة الأخيرة عندما تغلبت ليز ترَس على سوناك في المرة الأخيرة، أي مدخلات هذه المرة.
لكن يواجه سوناك الآن مهمة شاقة لمحاولة تحقيق الوحدة لحزب مرّ بشهور من الاضطرابات ولا يزال يمزق نفسه بسبب قضايا أساسية بما في ذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والاقتصاد. يتخلف الحزب بشكل سيئ في استطلاعات الرأي ويجب أن يدعو إلى إجراء انتخابات بحلول يناير 2025 على أبعد تقدير.
حتى أن بعض نواب حزب المحافظين يقولون إن الحزب لم يعد لديه تفويض للحكم، بعد التغيير الثاني للزعيم منذ فوز جونسون في الانتخابات العامة في عام 2019. وقالت وزيرة الثقافة السابقة نادين دوريس على تويتر: "سيكون من المستحيل الآن تجنب الانتخابات العامة".
دراما حزب المحافظين النفسية
يوم الإثنين، كانت هناك مؤشرات على أن نواب حزب المحافظين مستعدون للالتفاف حول زعيمهم الجديد. فبعد خطاب سوناك، قال زعيم حزب المحافظين السابق إيان دنكان سميث -وهو مؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عن اليمين الأيديولوجي للحزب- للصحفيين: "حان الوقت لإنهاء هذه الدراما النفسية". ومن جهته، أشاد أليكس تشوك، من تبقى من فصيل "أمة واحدة" المعتدل في الحزب، "بخطاب سوناك المذهل".
قال تشوك: "علينا المضي قدماً.. قالها ببراعة وقوة أعادت الحياة إلى الغرفة".
جاء قرار ترَس التنحي بعد أسابيع من الاضطرابات أدت إلى تخلي المستثمرين عن الأصول البريطانية. كما هزت خطتها الاقتصادية، التي تضمنت الاقتراض لدفع التخفيضات الضريبية الهائلة، الأسواق ودفعت الناخبين أكثر ضد حزب المحافظين بأرقام قياسية.
بعد إقالتها أول وزير مالية لها وحليفها السياسي منذ فترة طويلة، كواسي كوارتنغ، قامت ترَس بتعيين جيريمي هانت -الذي دعم سوناك يوم الأحد- لمحاولة استعادة الهدوء.
تمكّن هانت من ذلك إلى حد ما، لكنه وضع الحكومة أيضاً على المسار الصحيح لفرض جولة أخرى من التقشف في وقت حساس سياسياً حيث يعاني البريطانيون من ارتفاع تكاليف المعيشة.
في عمود بصحيفة التلغراف في وقت متأخر من يوم الأحد، أشار هانت إلى أنه وسوناك يتشاركان الرؤية حول كيفية التعامل مع الاقتصاد. وقال هانت إن سوناك "سيطوي الصفحة بشأن أخطاء الماضي، وسيتخذ قرارات من أجل المصلحة الوطنية ويعيد بناء الإمكانات غير العادية لاقتصادنا".
ومن المقرر أن يلقي هانت بياناً رئيسياً حول خطط الضرائب والإنفاق بوزارة الخزانة في 31 أكتوبر، وهو التاريخ الذي تم اختياره لإبلاغ بنك إنجلترا بشكل أفضل بشأن السرعة التي ينبغي أن يرفع بها أسعار الفائدة. ارتفعت السندات البريطانية في افتتاح تعاملات يوم الإثنين وسط توقعات بتولي سوناك رئاسة الوزراء.