أزمة الطاقة تقرّب مواقف الأوروبيين من إصدار الديون المشتركة

time reading iconدقائق القراءة - 13
أبراج كهرباء وراء مشاة على ضفة نهر في هامبورغ، ألمانيا - المصدر: بلومبرغ
أبراج كهرباء وراء مشاة على ضفة نهر في هامبورغ، ألمانيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

هل ما كان لا يمكن تصوره في يوم من الأيام، بات على وشك أن يصبح الوضع الطبيعي الجديد للاتحاد الأوروبي؟

مع اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل الخميس لمحاولة حل أزمة الطاقة التي تهدد سبل عيش وأمن 500 مليون مواطن؛ فإنَّهم سينظرون في الدروس المستفادة خلال جائحة كورونا. من بينها قرار الكتلة لكسر واحدة من أكبر المحرمات من خلال تبادل الديون في تحويل ضخم للثروة من أغنى دول الاتحاد الأوروبي إلى من هم في أمس الحاجة إليها.

في حين أنَّ ذوي السياسة المالية المتشددة في الكتلة يعارضون تكرار صندوق التعافي غير المسبوق البالغ حجمه 724 مليار يورو (707 مليارات دولار)؛ فإنَّ بعضهم، بما في ذلك ألمانيا، على استعداد لدعم إصدار الديون المشتركة لصرف القروض لدعم الاقتصادات المتعثرة. يؤكد التغير في الرأي هذا على خطورة وضع الكتلة، وكذلك القبول بأنَّ تدفقات التمويل المشتركة للاتحاد الأوروبي ليست كافية للتعامل مع نطاق الصدمات الحالية.

تقول ماريا ديميرتزيس، نائبة مدير مركز أبحاث "بروغيل" الذي يتخذ من بروكسل مقراً له، مشيرة إلى "الأداة الأوروبية للدعم المؤقت للتخفيف من مخاطر البطالة في حالات الطوارئ" (SURE) القائمة على القروض، التي استخدمها الاتحاد الأوروبي أثناء الوباء: "هذه الأزمة تتطلب تحركاً مشتركاً... وعندما يكون لديك أداة قد نجحت في السابق، سيكون من الصعب عدم استخدامها مرة أخرى".

غذّت الحرب الروسية في أوكرانيا التضخم، ودفعت اقتصادات أوروبا إلى حافة الركود، مع خفض موسكو الكبير للغاز المتجه إلى أوروبا، مما جعل القارة تتدافع للحصول على إمدادات بديلة. قبل انتهاء القمة يوم الجمعة، يريد القادة التوصل إلى حزمة محددة من الإجراءات للتخفيف من تأثير ارتفاع أسعار الطاقة لوقف العدد المتزايد من الاحتجاجات على تكاليف المعيشة التي اندلعت من باريس إلى براغ.

تضامن الاتحاد الأوروبي

تخلّى المستشار الألماني أولاف شولتس عن معارضة بلاده طويلة الأمد تجاه استخدام الاقتراض المشترك لتخفيف وطأة أزمة الطاقة، لكن بشرط واحد: هو أنّ الأموال الجديدة يجب أن تُصرف كقروض وليس كمنح، بحسب ما ذكرت "بلومبرغ" في وقت سابق من هذا الشهر.

جاء هذا التغير في أعقاب سلسلة من الانتقادات من الدول الأعضاء، بأنَّ خطة ألمانيا البالغة 200 مليار يورو لحماية شركاتها الوطنية والأسر من ارتفاع أسعار الطاقة، ستعيد فتح الانقسامات الاقتصادية في الكتلة، وتسبب أضراراً لا يمكن إصلاحها لنهج خلق تكافؤ الفرص الذي يلتزم به الاتحاد الأوروبي.

حذّر وزير المالية الفرنسي برونو لو مير في ذلك الوقت قائلاً: "إذا لم تكن هناك مشاورات، ولا تضامن، ولا دعم موجّه، ولا احترام لشروط المنافسة العادلة؛ فإنَّنا نخاطر بتجزئة منطقة اليورو".

عشية القمة، أكدت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، أنَّ المفوضية تعمل على خيارات لجمع أموال إضافية لتسريع انتقال الطاقة إلى مصادر الطاقة المتجددة وضمان تكافؤ الفرص في الكتلة. وأضافت فون دير لاين أمام البرلمان الأوروبي: "علينا أن نمنح كل دولة عضو الفرصة ذاتها للاستعداد للمستقبل... الأمر لا يتعلق بالطاقة فقط، بل يتعلق بقدرتنا التنافسية العالمية وسيادتنا".

أدوات جديدة

في حين أنَّ العملية ما تزال في مرحلة مبكرة؛ فإنَّ الاقتراض المشترك هو أحد الخيارات التي تستكشفها المفوضية، وفقاً لمسؤولي الاتحاد الأوروبي المطلعين على المناقشات.

قال أشخاص مطلعون على الأمر، إنَّ دولاً من بينها فرنسا وإيطاليا والبرتغال، تخطط لاستخدام القمة للدفع من أجل إنشاء أدوات جديدة للاتحاد الأوروبي. وتحدث الأشخاص، الذين اشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم، عن تحذير لوكسمبورغ وهولندا والدنمارك من تطوير حلول مشتركة جديدة،

بينما أعربت النمسا - أحد المتشددين التقليديين – عن انفتاحها للخوض في محادثات تتناول خياراً على غرار "الأداة الأوروبية للدعم المؤقت للتخفيف من مخاطر البطالة في حالات الطوارئ"، طالما أنَّ الدعم يأتي كقروض وليس على شكل منح. لكنَّ فيينا ما تزال متشككة تجاه حكمة تكرار الاقتراض المشترك بسبب تأثيره المحتمل على الانضباط المالي. في هذا السياق قال وزير المالية النمساوي ماغنوس برونر لـ"بلومبرغ": "أعتقد أنَّه يتعين على الدول الأعضاء مواءمة ميزانياتها مسبقاً، وهي بحاجة إلى بعض الحوافز للقيام بذلك".

الاتحاد الأوروبي يعلن خطوات مؤقتة في سوق الغاز بدون "سقف الأسعار"

كما هو الحال في كثير من الأحيان، ستلعب ألمانيا الدور الحاسم. بعد سنوات من معارضة أي تبادل للمخاطر، كان شولتس قبل عامين في مقعد القيادة لصندوق فيروس كورونا كوزير للمالية، وهو منفتح على المزيد من الديون المشتركة لتوفير ائتمانات للعواصم الأخرى بتكاليف اقتراض مرتفعة أكثر.

خطوة إلى الأمام

رفض المستشار الألماني دعوة من وزارة ماليته بقيادة شريكه في التحالف الحاكم، كريستيان ليندنر، لاستبعاد برنامج الاتحاد الأوروبي الممول بالديون كجزء من موقف برلين التفاوضي في القمة، وفقاً لما ذكره شخص مطلع على المناقشات. في صميم المحادثات، هناك إعادة تفعيل "الأداة الأوروبية للدعم المؤقت للتخفيف من مخاطر البطالة في حالات الطوارئ"، التي تعود إلى حقبة الوباء، والتي استخدمت ديون الاتحاد الأوروبي لتقديم قروض للدول الأعضاء للمساعدة في دفع إعانات البطالة.

قال ليندنر - بطل الاستقامة المالية - إنَّه لا يرى أي سبب لمناقشة هذا الخيار في الوقت الحالي. لكنَّه مع ذلك، لن يعترض على مثل هذا الحل إذا برزت الحاجة إليه لاحقاً، وفقاً لشخص آخر مطلع على المناقشات.

ناقش وزير المالية الألماني الأزمة الحالية مع مفوض الاقتصاد باولو جينتيلوني، في الليلة ذاتها التي نشر فيها المفوض الإيطالي مقال رأي يدعو فيه إلى استخدام الديون المضمونة بشكل مشترك. يذكر أنَّ الاثنين تحدثا على هامش اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو في براغ في وقت سابق من هذا الشهر.

تقول ديميرتزيس من مركز أبحاث "بروغيل" إنَّ استخدام أداة مثل "الأداة الأوروبية للدعم المؤقت للتخفيف من مخاطر البطالة في حالات الطوارئ"، سيمثل "خطوة إلى الأمام، لكنَّ الخطوة الأكبر ستكون إذا أتيح للاقتراض المشترك تقديم المنح، وهو الابتكار الحقيقي الذي خلقته الاستجابة لأزمة كوفيد".

تصنيفات

قصص قد تهمك