بلومبرغ
أدى الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية إلى عودة التضخم في المملكة المتحدة إلى خانة العشرات في سبتمبر، مؤكداً على ضعف الاقتصاد على مشارف فصل الشتاء.
ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 10.1% خلال الشهر الماضي بعد أن بلغ 9.9% في الشهر السابق، حسبما ذكر مكتب الإحصاءات الوطنية يوم الأربعاء. وتطابق ذلك مع أعلى مستوى يُسجّله منذ 40 عاماً في يوليو، متجاوزاً بذلك توقعات الاقتصاديين عند 10%.
ارتفاع الأسعار
معنى هذه الأرقام أن معدلات التضخم أعلى بكثير من المعدّل المستهدف الذي يسعى بنك إنجلترا إلى بلوغه عند 2%، ما يساهم في استمرار الضغط على واضعي السياسات النقدية لرفع سعر الفائدة الرئيسي بشكلٍ كبير خلال الشهر المقبل. ويكمن الخطر في تسارع ارتفاع الأسعار مرّة أخرى في أوائل العام المقبل بعد أن تخفّف الحكومة دعمها لفواتير الكهرباء المنزلية.
من جهته، قال وزير المالية، جيريمي هانت في بيان: "أفهم أن الأُسر في جميع أنحاء البلاد تعاني من ارتفاع الأسعار وفواتير الطاقة"، مُشيراً إلى أنّ الحكومة ستعطي الأولوية لمساعدة الفئات الأكثر ضعفاً".
انخفض الجنيه الإسترليني بعد صدور التقرير، حيث تراجعت قيمته بنسبة تصل إلى 0.3% خلال اليوم، عند 1.1286 للدولار.
في هذا الإطار، أشار مكتب الإحصاءات الوطني إلى أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 14.8% عن العام الماضي، وهي أيضاً أقوى ارتفاع تشهده في أكثر من 40 عاماً. وكانت السلع المنزلية والأثاث محركاً آخر، حيث ارتفعت أسعارها بنسبة 10.7% في سبتمبر.
من جانبه، قال دارين مورغان، مدير الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطني: "تم التعويض عن ارتفاع الأسعار جزئياً من خلال التراجع المستمر في أسعار البنزين، مع خفض شركات الطيران أسعارها أكثر من المعتاد في هذا الوقت من العام، كما ارتفعت أسعار السيارات المستعملة بنسبٍ تقلّ بشكلٍ حادّ عن الزيادات الكبيرة التي شوهدت خلال العام الماضي".
تقييم الحكومة
هناك أيضاً علامات تدلّ على قوة التضخم على مستوى أسعار الجملة، حيث ارتفعت أسعار الانتاج، التي تقيس تكلفة السلع الخارجة من المصانع، بنسبة 15.9% عن العام الماضي في سبتمبر. وهي نسبة تقل عن مستوى الشهر السابق، لكنّها أعلى قليلاً من التوقعات. كما ارتفعت أسعار المواد الخام بنسبة 20%، متجاوزةً بذلك التوقعات.
تُستخدم قراءة معدلات التضخم في سبتمبر تقليدياً لتحديد الزيادة السنوية في إعانات الرعاية الاجتماعية المدفوعة بدءاً من أبريل القادم. كما تدخل في الحسابات الخاصة بنسبة زيادة المعاشات التقاعدية الحكومية، على الرغم من أن وزير المالية جيريمي هانت لم يلتزم بعد باستخدام الرقم المقرّر لهذا العام.
تسبّب ارتفاع الأسعار في زيادة الضغوط على القوة الشرائية للمستهلكين لأعلى مستوى منذ عقود، ما أدّى إلى انخفاض تقييم استطلاعات الرأي لحكومة رئيسة الوزراء ليز ترَس. في حين قدّمت الحكومة مساعدات سخية لدعم الأسر في سداد فواتير الكهرباء بالإضافة إلى التخفيضات الضريبية لتحفيز النمو، إلاّ أن انهيار السوق أجبرها على التراجع عن عدد من هذه التدابير، تاركاً السؤال مفتوحاً حول التدابير التي سيتّخذها الوزراء.
وفي الوقت نفسه، فإن تقليص المساعدات لدعم فواتير الكهرباء والغاز الطبيعي سيعرّض المستهلكين لارتفاع الأسعار في أسواق الطاقة في أوائل العام المقبل، إذ قد تبلغ معدلات التضخم في المملكة المتحدة ذروتها حول 10.7% هذا العام، لتصل إلى 12% في أبريل إذا لم تتمكّن الحكومة من كبح جماح تكاليف الطاقة المتصاعدة، وفقاً لتقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس".