عندما تتحول مياه البحر للون الوردي.. يهرع الفقراء في فنزويلا لكسب المال

الحاجة الماسة تدفع سكان جزيرة مارغريتا لاستخراج الملح وبيعه للصيادين وصانعي الجبن وتجار الجملة

time reading iconدقائق القراءة - 4
مسطحات الترسبات الملحية الفنزويلية. - المصدر: بلومبرغ
مسطحات الترسبات الملحية الفنزويلية. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

في وهج الصباح الباكر، يتلألأ البحر الكاريبي بلون وردي ساحر في البرك التي تتشكل على طول الحافة الشرقية لجزيرة مارغريتا في فنزويلا، وبالنسبة للغرباء، يبدو الماء سريالياً وغير دنيوي، أما بالنسبة للسكان المحليين الفقراء، فهذا يعني أنه حان موعد جني أموال.

وتغطي البرك المسطحات الملحية التي تشكلت منذ قرون، وكلما زاد اللون الزهري في الماء، زادت كثافة الملح الذي يغطي قاع البحر.

لذلك يصلون مبكراً ويدفعون عربات يد بدائية ويسحبون القشاشات والمجارف، ويبدأون في دفع مركبة مرهقة بطريقة منخفضة التكنولوجية بدرجة غير معهودة منذ أسلافهم.

يخوض المحليون في البرك حفاة القدمين، ويمشون بحذر شديد حول الحواف الخشنة للتكوينات البلورية المالحة، ويجمعون الحبيبات، ويجرفونها في عربات اليد ويدفعونها نحو الشاطئ، حيث يكدسونها في أكوام مرتبة وردية اللون تمتد على الشاطئ لأبعد مدى يمكن للعين أن تراه، ثم يتركون الملح يتحمص في الشمس لمدة أسبوع أو نحو ذلك حتى يتحول إلى اللون الأبيض ثم يبيعونه للصيادين وصانعي الجبن وتجار الجملة.

والسعر الحالي يناهز 0.02 دولار للرطل.

اقرأ أيضاً: "كريدي سويس" يتوقع نمو اقتصاد فنزويلا 20% العام الحالي

من أماكن لعب لمصدر دخل

كل هذا جديد على سكان الجزيرة، ففي الذاكرة الحية منذ فترة طويلة جداً، كانت البرك بمثابة مكان للعب الأطفال الذين يعيشون في الحي الفقير القريب، باريو بيسكادورز، والآن الأطفال الذين يأتون يساعدون والديهم أو أجدادهم في استخراج الترسبات الملحية.

ستجد أناس تبلغ أعمارهم 75 عاماً وكذلك أطفال في الخامسة من العمر، لكن معظمهم في الخمسينات والستينات من العمر، وهم أناس، مثل ملايين الفنزويليين، وقعوا في براثن الفقر المدقع بسبب الانهيار الاقتصادي خلال العقد الماضي واستبعدهم الانتعاش الناشئ في الأماكن الأكثر ثراءً في الدولة.

وهم أناس مثل خوسيه غوتيريز.

كان غوتيريز مدير محل بقالة سابقاً، وبدأ في الظهور في المسطحات الملحية منذ عدة سنوات لزيادة دخله، وكان واحداً من عدد قليل من المستخرجين في ذلك الوقت، أما الآن، في يوم عادي يكون هناك المئات.

وعندما أغلق متجر البقالة أبوابه للأبد أثناء إغلاقات الوباء في 2020، أصبح تعدين الملح عمل بدوام كامل بالنسبة لغوتيريز، ويحصل كذلك على معاش شهري بالبوليفار، لكن التضخم المفرط دمر قيمته، وعند تحويله إلى دولارات، وهي العملة الفعلية في الجزيرة وفي معظم أنحاء فنزويلا اليوم، أصبح يعادل حوالي 15 دولاراً فقط. لكن في شهر جيد بالمسطحات الملحية، يمكنه أن يجني 500 دولار، وهذا أكثر مما كان يكسبه في متجر البقالة.

اقرأ أيضاً: عملة فنزويلا تستقر بعدما فقدت 99.99% من قيمتها

عمل شاق

لكن لا يوجد شيء سهل في هذا العمل، إذ تصبح اليدين والقدمين قاسيتين، وتتألم الكتفان والركبتان، والجفاف يجهد الجسم مع صعود الشمس في كبد السماء ودرجات الحرارة العالية.

لتجنب الحرارة، يكون غوتيريز بين أول الواصلين أثناء سواد ما قبل الفجر، وفي هذا اليوم، خاض في الماء في الرابعة صباحاً، وهو وقت متأخر قليلاً بالنسبة له، وخرج من المياه بعد ست ساعات، وكان سيعود في وقت لاحق بعد الظهر ليستخرج ملحاً لبضع ساعات أخرى حتى غروب الشمس.

قال غوتيريز: "لم يكن أحد يلقي بالاً لهذه المياه.. لكن هذا ما تفعله الحاجة الماسة بك، ومن لا يجمع الملح هنا يجوع".

تصنيفات

قصص قد تهمك