الشرق
استعاد قطاع السياحة في المغرب 90% من الإيرادات الأجنبية المسجلة ما قبل جائحة كورونا، خلال الفترة الممتدة بين يناير ويوليو 2022، وفقاً لوزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور، بمقابلة مع "الشرق".
جلبت السياحة إيرادات تجاوزت 8 مليارات دولار في 2019، عندما استقبلت المملكة حينها 13 مليون سائح. لكن هذه الإيرادات هبطت إلى 3.5 مليار دولار في 2021. ويتوقع بنك المغرب، في أحدث أرقام صادرة عنه قبل يومين، أن تناهز 7.1 مليارات دولار نهاية العام.
الوزيرة عمور توقّعت لـ"الشرق" أن تستعيد البلاد هذا العام نحو 80% من عدد السياح المسجل خلال 2019.
تجاوز عدد السياح الدوليين الذين زاروا المغرب خلال شهري يونيو ويوليو تحديداً 3.2 مليون سائح، وهو نفس المستوى المحقق خلال الفترة عينها من عام 2019، قبل أن يؤدي انتشار جائحة كورونا إلى إغلاق الحدود وشل حركة السياحة عبر العالم.
يُسهم قطاع السياحة في المغرب بنحو 7.1% من الناتج المحلي الإجمالي، ويلعب دوراً كبيراً في رفد اقتصاد المملكة بالعملة الصعبة، فضلاً عن دوره المحوري بتوفير الوظائف لاسيما للشباب.
عوائق وحوافز
يطمح المغرب لمضاعفة عدد السياح وصولاً إلى 26 مليون زائر في أفق 2030، "لكن ذلك يتطلب تقوية المعروض من سعة النقل الجوي، وتعزيز الطاقة الاستيعابية لفنادق المملكة"، كما تقول عمور.
كان المغرب وقّع اتفاقيات مع شركات طيران منخفضة التكلفة لزيادة الرحلات إلى البلاد، كما اتفق مع مواقع ووكالات سفر عالمية لتحفيز المملكة كوجهة سياحية، إلى جانب إطلاق حملة ترويجية في 20 دولة تحت شعار "المغرب أرض الأنوار" لاستقطاب السياح الأجانب.
تؤكد الوزيرة أن النقل الجوي يُعتبر "عاملاً أساسياً لتحقيق التحول في قطاع السياحة، ما سيمكّن من رفع عدد الوافدين، وبالتالي تحسين نسبة الإشغال في المنشآت الفندقية".
تراهن وزارة السياحة أيضاً على ملاءمة العرض السياحي مع الطلب المحلي والدولي، حيث تُشير عمور إلى "ضرورة التكيّف مع التطلعات التي برزت في فترة ما بعد كورونا، إذ بدأ التركيز بشكل أكبر على السياحة البيئية والقروية والجبلية".
يستهدف المغرب الانتقال من مفهوم الوجهة الواحدة إلى منطق المنتوج السياحي، أي توفير عروض ووجهات عدّة للسياح بهدف إطالة مدة الإقامة. وهو ما يتطلب أيضاً، بحسب الوزيرة، "تحفيزاً للاستثمار بشكل أكبر من أجل تطوير مشاريع تحقق نقلة نوعية داخل القطاع".
أسواق جديدة
لا تزال بلدان القارة الأوروبية السوق الأولى المُصدّرة للسياح إلى المغرب، بنسبة تناهز 70% من إجمالي عدد الزوار، كما توضح عمور، التي تكشف عن توجّه لاستقطاب سياح أكثر من ألمانيا وبريطانيا، إضافة إلى الترويج أكثر في أسواق القارتين الأميركية والآسيوية.
يساهم القرب الجغرافي للمغرب من أوروبا في استقطاب السياح من بلدانها، لاسيما من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، تليها أسواق الشرق الأوسط. فيما لا يزال عدد السياح من وجهات أخرى ضعيفاً رغم المؤهلات السياحية التي تتمتع بها المملكة.
تستحوذ وجهة أوروبا لوحدها على 83% من حركة النقل الدولية عبر مطارات المغرب، بحسب بيانات صادرة عن المكتب الوطني للمطارات.
بوادر الانتعاش
أقرّت الحكومة المغربية بداية العام الحالي برنامجاً لدعم قطاع السياحة بنحو ملياري درهم (178 مليون دولار)، باعتبار أنه من أكثر القطاعات تأثراً بجائحة كورونا وإجراءات إغلاق الحدود.
نصف المبلغ، أي مليار درهم، "خُصِّص لتفادي إفلاس الشركات وحفاظها على الوظائف، فيما وُجِّه النصف الآخر لتحسين العرض الفندقي من أجل استقبال السياح في أفضل ظروف، وهو إجراء استفادت منه 737 مؤسسة"، كما أفصحت الوزيرة.
فاطمة الزهراء عمور نوّهت بأن عوامل انتعاش السياحة في المغرب ترجع إلى "برنامج الدعم، ناهيك عن رفع إجبارية اختبار كشف فيروس كورونا في وقتٍ مبكر، فضلاً عن إطلاق حملة ترويجية لجذب السياح من 20 بلداً مصدّراً لهم".
ساهم المكتب الوطني المغربي للسياحة (ONMT) في تأمين 4.25 مليون مقعد سفر خلال العام الحالي، ما مكّن من رفع الطاقة الاستيعابية الجوية. كما لعبت التأشيرة الإلكترونية التي تمّ إطلاقها لفائدة العديد من البلدان دوراً في تشجيع المواطنين الأجانب على زيارة المملكة.
تمتد صلاحية التأشيرة الإلكترونية التي أطلقها المغرب منتصف العام لـ180 يوماً كحد أقصى، وهي متاحة للمواطنين الأجانب المقيمين من بلدان الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأميركية، وأستراليا، وكندا، والمملكة المتحدة، واليابان، والنرويج.