الشرق
برغم الحاجة الملحّة لاتخاذ إجراءات لمعالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العميقة في لبنان، لكنَّ التقدم في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها في أبريل بين صندوق النقد الدولي والحكومة ما يزال بطيئاً للغاية، بحسب استنتاج خبراء الصندوق في ختام زيارتهم إلى لبنان.
بعثة الصندوق رأت في بيان صادر مساء اليوم أنَّ الاقتصاد اللبناني ما يزال يعاني من الركود الشديد، في ظل استمرار حالة الجمود بشأن الإصلاحات الاقتصادية التي تشتد الحاجة إليها، مع ارتفاع حالة عدم اليقين في البلاد.
جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، صرّح لـ"الشرق" قبل يومين أنَّ المفاوضات مع الحكومة اللبنانية "مستمرّة لوضع برنامج مشترك. وهناك مجموعة من الإجراءات والإصلاحات التي يجب أن تقوم بها السلطات اللبنانية لمعالجة أزمة البلاد الاقتصادية والاجتماعية، وهذه الخطوات ضرورية لتفعيل البرنامج مع الصندوق ليدخل مرحلة التنفيذ الفعلي".
واعتبرت بعثة الصندوق أنَّ تأخير تنفيذ الإصلاحات لا يؤدي إلاّ لزيادة التكاليف على الدولة والمواطنين. ويجب استكمال الخطوات المتفق عليها قبل نظر مجلس صندوق النقد الدولي في طلب بالحصول على دعم مالي.
أقرّ مجلس الوزراء اللبناني، في 20 مايو، خطة للتعافي المالي تستهدف توحيد سعر صرف الليرة، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وهي ضمن إجراءات أساسية لإفراج صندوق النقد الدولي عن التمويل المطلوب للبلاد. لكن لم يبدأ تنفيذ هذه الخطة حتى الآن.
يعاني لبنان من انهيار مالي على مدى السنوات الثلاث الأخيرة، عندما تحوّلت عقود من سوء الإدارة والفساد إلى أزمة مصرفية وديون وعملات متزامنة. وانكمش الاقتصاد اللبناني 60% منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر 2019 بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وامتناع المصارف عن إعطاء المودعين أموالهم بالدولار.
إلى ذلك، أكّد صندوق النقد الدولي على ضرورة الاعتراف بالخسائر الكبيرة في القطاع المصرفي اللبناني ومعالجتها مع التشديد على حماية صغار المودعين بشكل كامل.
أبرز النقاط الإضافية الواردة في تقرير بعثة الصندوق مع ختام زيارتها إلى لبنان:
- وجود أسعار صرف متعدّدة يؤدي لتشوّهات كبيرة في النشاط الاقتصادي، ويقوّض عمل القطاع العام، ويخلق فرصاً للفساد، ويؤدي لضغوط مفرطة على العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان.
- اعتماد قانون ضبط تحويل الأموال، وتحديد سقف لسحب الودائع، المقدّم لمجلس النواب منذ مارس، بالغ الأهمية لمعالجة العديد من القضايا، ولتقليل الضغوط على احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية.
- ثَبُتَ أنَّ التدخل بسوق أسعار الصرف لتحقيق الاستقرار غير فعّال مع غياب الإصلاحات المطلوبة بشدة.
- في حين تضمّن إصلاح قانون السرية المصرفية، الذي أقرّه مجلس النواب في يوليو، بعض الخطوات الإيجابية، لكنَّه لم يرقَ إلى التغييرات اللازمة لجعله يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية.
- يرحب الصندوق بمراجعة أوجه القصور في هذا القانون، والتي تُعتبر أساسية لمحاربة الفساد، والتحقيق في الجرائم المالية، واستعادة الأصول المختلسة.
- ضرورة تنفيذ استراتيجية إعادة هيكلة القطاع المالي، التي أقرّها مجلس الوزراء، لإتاحة المجال مجدداً لنظام مصرفي أكثر صحة للعمل بشكل طبيعي، ودعم النشاط الاقتصادي.