انكماش طلبات المصانع الصينية يصدم التوقعات العالمية

time reading iconدقائق القراءة - 9
موظفون يعملون بطابق الإنتاج في مصنع لقطع غيار السيارات في شنغهاي في الصين - المصدر: بلومبرغ
موظفون يعملون بطابق الإنتاج في مصنع لقطع غيار السيارات في شنغهاي في الصين - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يتعيَّن على المستثمرين الراغبين في قياس ازدهار معنويات المستهلكين حول العالم ألا يبحثوا أكثر عن المصانع الصينية حالياً.

بداية من صنّاع زينة عيد الميلاد، وصولاً إلى الملابس والخيام، أكدوا أن الطلبات من العملاء عبر الحدود بدأت تجف، ويتوقع البعض أن أفضل ما يستطيعون إنجازه هو تحقيق طلب مستقر بالمقارنة مع السنة الماضية، حسب ما ذكره أكثر من 12 من مديري التصدير الذين أجرت معهم "بلومبرغ نيوز" مقابلات.

طالع أيضاً: انكماش غير متوقع لنشاط المصانع بالصين في يوليو

تدلل اللقطات المأخوذة من المصانع بالمراكز الصينية الأساسية على أن الأُسَر في كل أنحاء العالم، التي تشدّ الحزام فعلاً للتصدي للصعود السريع لتكلفة المعيشة، قد تكون حذرة لمدة أطول وتزيد ثقل التحذيرات إزاء الركود المحتمل على مستوى العالم.

قالت ويندي ما، مديرة التسويق لدى شركة لتصنيع المنسوجات بمدينة نينغبو بشرق البلاد: "لا يمتلك المستهلكون المال للإنفاق مع زيادة معدل التضخم"، وقد هبط الطلب بطريقة مفاجئة.

أضافت أن طلبات مكونات التصنيع، بما فيها الأزرار والسحابات وخيوط الخياطة، هبطت بنحو 30% خلال شهرَي يوليو وأغسطس، بالمقارنة مع العام السابق في ظل انخفاض الطلب من الأسواق الكبرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا.

منطقة سلبية

تشير التقارير الواردة من شركات التصنيع إلى أن القدرة على الصمود التي تتجلى عبر بيانات الصادرات الصينية قد تتلاشى. رغم ذلك فإن تضخم الأسعار ساهم نوعاً ما في الازدهار، وكذلك شركات التصنيع الصينية التي تعوض عمليات التأخير الناجمة عن الإغلاق المرتبط بوباء فيروس كورونا، والطلبات التي جرى تقديم مواعيدها في ضوء الاختلالات المتواصلة بسلاسل التوريد.

اقرأ أيضاً: صادرات الصين ترتفع في يوليو بأسرع وتيرة منذ 6 أشهر

قال لاري هو، رئيس اقتصادات الصين بشركة "ماكواير غروب" (Macquarie Group): "يتمثل الاتجاه العامّ في أنّ نموّ الصادرات سيتباطأ خلال الأشهُر المقبلة، وقد يبلغ منطقة سلبية مع حلول نهاية السنة الحالية، وسيكون تراجع الطلب على السلع المصنَّعة بالصين تدريجياً عوضاً عن حدوث انهيار.

كانت الرياح المعاكسة تتجمع ببطء منذ أشهُر. قال كلارك فينغ، الذي تشتري شركته "فيتا ليجر" (Vita Leisure) الخيام والأثاث من شركات التصنيع المحلية لبيعها بالخارج، إنّ طلبات التصدير آخذة في التراجع منذ مارس الماضي، ويطلب العملاء الأوروبيون فقط شراء نحو ما يتراوح بين 30% و50% بالمقارنة بما طلبوه العام المنصرم.

جرى تسريح العمال من بعض المصانع التي يحصل منها على البضائع أو أُرسلوا في إجازة، وهو أمر لم يشاهده في أثناء العقد الذي قضاه بهذا القطاع.

قال فنغ إنّ العملاء بالخارج يطمحون إلى الانتهاء من مخزوناتهم الحالية عوضاً عن طلب منتجات جديدة، "وكانت منتجاتنا رائجة للغاية السنة الماضية، ونتأرجح حالياً من النقيض إلى النقيض، والطلب أقل حتى بالمقارنة بحقبة ما قبل الوباء، وتوجد حالة من الشعور بالذعر".

مخزونات متضخمة

على مدى السنة الماضية، زادت مخزونات الشركات بمؤشر "ستاندرد أند بورز" للسلع غير الضرورية والسلع الاستهلاكية الأساسية بـ93.5 مليار دولار، بارتفاع 25%، حسب بيانات جمعتها "بلومبرغ".

جاء ذلك عقب تكثيف الشركات لعمليات الشراء خلال 2021 لمواجهة التأخيرات لمدة طويلة في الشحن، كما أعطى البعض طلبات عيد الميلاد الخاصة بهم الأولوية.

تزامن ذلك أيضاً مع تحول الإنفاق الاستهلاكي على مستوى العالم صوب الخدمات، عوضاً عن البضائع، إذ ازداد الطلب على السفر بمناطق كثيرة حول العالم.

يخفض تجار التجزئة مثل شركتي "وول مارت" و"تارغت" أسعار البضائع على غرار الملابس والسلع المنزلية، حتى مع فرض رسوم أعلى بفئات أخرى وسط صعود معدل التضخم في الولايات المتحدة.

طالع المزيد: إنفوغراف: 10 دول تهيمن على أكثر من نصف صادرات العالم

يحتاج مشترو تجزئة عديدون إلى تجميد الطلبات مسبقاً، ما يعني أن التراجع حالياً يُعَدّ علامة على أن طلب المستهلك قد يكون ضعيفاً لعدة شهور، حسب بعض الشركات.

قال جو كووك، المدير العام لشركة "هيندا برينتينغ أند داييينغ" (Hengda Printing & Dyeing) المصنّعة للمنسوجات والملابس، ومقرها في شنغهاي، إنّ كبار عملائه من قطاعَي الملابس الرياضية وتجارة التجزئة قلصوا الطلبات بنسبة تبلغ 30% منذ يونيو الماضي. وتوقع أن يبقى الطلب متراجعاً لمدة سنة أو سنتين.

قيود صفر كوفيد

سيواجه المصنّعون الصينيون صعوبة في تعويض النقص الخارجي عبر أسواقهم المحلية. ألقى التزام البلاد نهج صفر كوفيد، الذي يشمل عمليات الإغلاق المفاجئة واختبارات الإصابة المتواصلة والقيود على الحركة، بثقله على ثقة المستهلكين وتسبب في دمار بقطاع التصنيع.

تكشف مدينة ييوو، وهي أكبر مركز عالمي لبضائع عيد الميلاد بداية من زينة الأشجار وحتى الغزلان البلاستيكية، كيف يمكن أن تكون الأنشطة التجارية محفوفة بالمخاطر.

في أثناء عطلة نهاية الأسبوع، مددت المدينة فترة الإغلاق الذي واصل منع غالبية السكان من مغادرة منازلهم، إذ تخطت الإصابات خلال موجة تفشي المرض الشهر الحالي 630 حالة. أُغلقت المدينة أيضاً في أبريل الماضي، لكن القيود الأخيرة تشكل انتكاسة هائلة لشركات التصنيع في منتصف موسمهم الأكثر نشاطاً للإنتاج والشحن.

تحسن طفيف

تعلَّم المصدّرون من الاضطرابات السابقة وقدموا مواعيدهم للتسليم لمدة شهر أو أكثر تحسباً للحالات المثيرة للشك، وفقاً لكاي تشين ليانغ، الأمين العام لرابطة قطاع تصنيع منتجات عيد الميلاد في ييوو، التي تضم 200 عضو يمتلكون من 500 إلى 600 مصنع.

لكن ذلك لا يكفي لتعزيز التعافي الكامل. قال كاي إنّ الأنشطة التجارية المرتبطة بعيد الميلاد انخفضت بما يفوق النصف من 2020، إذ ألقى وباء كورونا بالتجارة على مستوى العالم في حالة من الفوضى، وألغى عملاء كبار الطلبيات. أوضح كاي أن المبيعات تحسنت السنة الماضية، رغم أنها ما زالت أقل بنسبة تتراوح بين 20% و30% بالمقارنة بما كانت عليه قبيل تفشي الوباء، وقد تبقى عند هذا المستوى العام الجاري.

طالع المزيد: انتعاش اقتصاد الصين أمام اختبار صعب مع استمرار تفشي "كورونا"

تكرر هذا الموقف على بُعد 250 ميلاً باتجاه الشمال، إذ قالت ميليسا شو إنها تحولت من ساعات العمل الإضافية السنة الماضية في مصنع لمصابيح السيارة "ليد" بمدينة تشنجيانغ إلى مواجهة دفتر طلبات متراجع بمقدار الثلث على الأقل.

قالت مديرة التصدير إنّ العملاء "يتصرفون بحذر بالغ، وبيئة الاقتصاد الكلي قاتمة، جرّاء الحرب وارتفاع التضخم وأزمة تكلفة المعيشية، ولا يمكن لأحد منا الهروب".

تصنيفات

قصص قد تهمك