الصين تردّ بإجراءات انتقامية على زيارة بيلوسي لتايوان

الزيارة تشكّل معضلة للرئيس شي جين بينغ قبل أشهُر من انعقاد مؤتمر القيادة في وقت لاحق من هذا العام

time reading iconدقائق القراءة - 7
بيلوسي في تايبيه.  - المصدر: بلومبرغ
بيلوسي في تايبيه. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

اتخذت الصين سلسلة من الإجراءات غير المسبوقة ضد تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي والتي تعتبرها بكين تابعة لها، ردّاً على وصول رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة في وقت متأخر من أمس الثلاثاء.

ففي غضون دقائق من وصولها أعلن جيش التحرير الشعبي عن تدريبات استفزازية وإطلاق صواريخ حول تايوان، وسرعان ما تبع ذلك فرض عقوبات اقتصادية على السلع الزراعية التايوانية وصادرات الرمال الصينية.

تشكّل زيارة بيلوسي معضلة بالنسبة إلى الرئيس شي جين بينغ قبل أشهُر فقط من مؤتمر القيادة الذي يُعقد مرتين كل عقد، في وقت لاحق من هذا العام. يجب أن يكون رد الرئيس قاسياً بما يكفي لإرضاء الرأي العامّ المتسم بالنزعة القومية، لكن مع تجنب مزيد من العلاقات المزعزعة للاستقرار مع الولايات المتحدة وإلحاق مزيد من الضرر بالاقتصاد الصيني المتعثر بالفعل.

قال جود بلانشيت، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، لتليفزيون "بلومبرغ": "بالنسبة إلى شي جين بينغ، يشكّل هذا موقفاً حرجاً حقاً بدءاً من الآن وحتى المؤتمر العشرين للحزب، فهو في الحقيقة لا يستطيع تحمُّل أن يُنظَر إليه على أنه ضعيف. لهذا السبب يوجد قلق كبير بشأن ما يمكن أن تؤول إليه الأمور".

وفي ما يلي نسرد سُبل تعامل الصين بالفعل مع الموقف، وما يمكنها فعله حتى الآن:

اقرأ أيضاً: بيلوسي تصل إلى تايوان.. والصين تحمّل الولايات المتحدة العواقب المحتملة

1. اختبارات الصواريخ وتدريبات لتطويق تايوان:

أعلنت بكين عن ست مناطق حظر تطوق من خلالها تايوان، وذلك لتسهيل التدريبات العسكرية بالذخيرة الحية من الخميس إلى الأحد. ويتصل بعض هذه المناطق بالمياه الإقليمية للجزيرة، مما يهدّد بتعطيل حركة الطيران والشحن في مضيق تايوان، الذي يُعَدّ أحد أكثر طرق التجارة ازدحاماً في العالم.

في وقت مبكّر من اليوم الأربعاء، أعلن تليفزيون الصين المركزي الحكومي أن البلاد أجرت تدريبات مشتركة بين القوات البحرية والجوية حول تايوان. وقال جيش التحرير الشعبي الصيني إنّ العمليات ستشمل "تجارب إطلاق نار منتظمة في المياه الشرقية" -أو صواريخ- قبالة تايوان.

وأرسلت الصين 21 طائرة حربية إلى منطقة تحديد الدفاع الجوي بجنوب غرب تايوان أمس الثلاثاء، وفقاً لما ذكرته وزارة الدفاع بالجزيرة. ويُعَدّ الرقم القياسي اليومي 56 طائرة لجيش التحرير الشعبي الصيني في 4 أكتوبر، الذي تزامن مع التدريبات العسكرية القريبة التي تقودها الولايات المتحدة.

يمكن للصين أن تفعل المزيد، إذ قالت صحيفة "غلوبال تايمز" التابعة للحزب الشيوعي الصيني أمس الثلاثاء إنّ جيش التحرير الشعبي يمكن أن يصيب أهدافاً عسكرية تايوانية، نقلاً عن خبير يقترح أن تمارس الصين "سيطرة" على المجال الجوي التايواني والبحار المجاورة.

2. الرمال والأسماك والتكنولوجيا:

قبل هبوط بيلوسي في تايوان، حظرت الصين واردات المواد الغذائية من أكثر من 100 مورّد تايواني. ووقفت وزارة التجارة الصينية، صباح الأربعاء، صادرات الرمال الطبيعية إلى تايوان، دون إبداء التفاصيل، وأضاف مسؤولو الجمارك إجراءات مقاطعة لبعض واردات الأسماك والفاكهة.

وعلى صعيد منفصل، جرى حظر المؤسسات والشركات والأفراد الصينيين يوم الأربعاء من التعامل مع الشركات التايوانية، بما في ذلك "سبيد تيك إنيرجي" (Speedtech Energy) و"هاويب تكنولوجي" ( Hyweb Technology) ، حسبما ذكرت محطة "سي سي تي في" (CCTV) التي تديرها الدولة في الصين.

وتُعَدّ الصين الشريك التجاري الأكبر لتايوان، إذ بلغ حجم التجارة الثنائية 328.3 مليار دولار العام الماضي، مما أعطى بكين ميزة استراتيجية. ومع ذلك يجب على الصين أن تخطو بحذر لأنها تحتاج إلى أشباه الموصلات التايوانية.

طالع أيضاً: الصين تحظر واردات 35 شركة أغذية تايوانية قُبيل زيارة بيلوسي

3. تجريم الانفصاليين:

ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا"، نقلاً عن متحدث باسم مكتب شؤون تايوان بالحزب الشيوعي، أن الصين تعهّدت بمحاسبة "الانفصاليين" التايوانيين المتشددين وفرض عقوبات جنائية عليهم. ولم يُذكر اسم أي شخص، وليس من الواضح كيف سيجري تنفيذ هذا الأمر.

4. الاحتجاج الدبلوماسي:

شيه فنغ نائب وزير الخارجية الصيني استدعى السفير الأميركي نيكولاس بيرنز مساء أمس الثلاثاء لتوجيه رسالة شديدة اللهجة بسبب زيارة بيلوسي، وقال للمبعوث الأميركي إن بلاده "يجب أن تدفع ثمن الأخطاء"، وفقاً لما جاء في منشور "سي سي تي في" على موقع "وايبو" (Weibo)، الذي يُعَدّ نظيراً لـ "تويتر" في الصين.

ولا يزال من الممكن استدعاء سفير الصين بالولايات المتحدة تشين غانغ، الذي تولى مهامّ منصبه العام الماضي، إذ سيتعيَّن عليه العودة إلى الصين قريباً لحضور المؤتمر القادم، مما يمنح بكين فرصة مناسبة. وفي العام الماضي، استدعت الصين سفيرها لدى ليتوانيا بعد خلاف حول تايوان، فيما سحبت بكين في عام 1995 سفيرها لدى أميركا آنذاك، لي داويو، بعد أن زار الرئيس التايواني آنذاك لي الولايات المتحدة.

وفي حديث لشبكة "سي إن إن" في وقت متأخر من أمس الثلاثاء، وصف غانغ رحلة بيلوسي بأنها "خاطئة تماماً". وأضاف: "إنه حدث كبير يرفع مستوى العلاقات الجوهرية بين الولايات المتحدة وتايوان".

5. الهجمات الإلكترونية:

واجهت تايوان هجمات إلكترونية في وقت متأخر من أمس الثلاثاء، إذ قال المكتب الرئاسي إنها عانت من وابل من الهجمات استمر لمدة 20 دقيقة في ساعات المساء الأولى، وكان أسوأ من المعتاد 200 مرة. كما يبدو أن موقع وزارة الخارجية التايوانية على الإنترنت يواجه اضطرابات دورية.

6. الاستيلاء على جزيرة:

سيكون رد الصين الأكثر استفزازًا هو الاستيلاء على واحدة من الجزر الصغيرة النائية في تايوان، على الرغم من أن هذا غير مرجّح إلى حد كبير، وليس هناك ما يشير إلى أن جيش التحرير الشعبي يستعدّ للقيام بذلك.

لكن الصين هاجمت الجزر من قبل، وفي وقت مبكر من الحرب الباردة قصف جيش التحرير الشعبي جزر كينمن التايوانية، الواقعة قبالة الساحل الجنوبي الشرقي للصين، مما جذب دعماً عسكرياً أميركياً كبيراً لتايبيه. وفي عام 2012 احتلّت الصين سكاربورو شول، وهي شعاب مرجانية ادّعت الفلبين أنها تابعة لها، في نزاع إقليميّ في بحر الصين الجنوبي.

الولايات المتحدة ستعتبر أي استيلاء على أنه تصعيد كبير يمكن أن يختبر حدود التزام بايدن العسكري تجاه تايوان. ويمكن للولايات المتحدة أيضاً أن تضيف مزيداً من العقوبات على الصين، وهي خطوة من شأنها أن تثير قلق الدول المجاورة في آسيا، إذ إنّ عديداً منها لديه أيضاً نزاعات إقليمية مع بكين.

تصنيفات

قصص قد تهمك