بلومبرغ
سجل اقتصاد كوريا الجنوبية وتيرة نمو متسارعة في الربع الثاني، بدعم من إنفاق الأسر والحكومة، ما يتيح المجال أمام البنك المركزي للبلاد لمواصلة رفع أسعار الفائدة في وقت يحاول فيه كبح التضخم.
أظهرت بيانات البنك المركزي الكوري الجنوبي الصادرة يوم الثلاثاء نمو الاقتصاد بنسبة 0.7% في الأشهر الثلاثة حتى يونيو، رغم ارتفاع أسعار الطاقة الناتج عن الغزو الروسي لأوكرانيا وتعطل سلاسل التوريد بسبب إغلاق الصين. وتجاوزت نسبة النمو توقعات الاقتصاديين، وكذلك عزز الارتفاع السنوي المتوقع للناتج الإجمالي السنوي بنسبة 2.9%.
قال يون يو سام، المحلل في شركة "ميريتز سيكيوريتيز" (Meritz Securities) في سيول: "إنها مفاجأة في ظل فورة الطلب المكبوت، إذ يتيح النمو الأسرع من المتوقع للبنك المركزي مواصلة التركيز على كبح التضخم بقيادة الطلب".
تشير النتيجة إلى أن الاقتصاد يتأقلم مع دورة تشديد استمرت لمدة عام، وهذا قد يُشجع صُناع السياسة على مواصلة رفع أسعار الفائدة لمعالجة التضخم الذي يسير بأسرع وتيرة منذ أكثر من عقدين. سجل البنك المركزي الكوري أول زيادة على الإطلاق في أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في 13 يوليو، لينضم بذلك إلى نظرائه العالميين في تسجيل زيادات كبيرة في أسعار الفائدة للمساعدة في الحفاظ على رسوخ توقعات التضخم.
تعزيز الإنفاق
أظهر التقرير أن الكوريين الجنوبيين عززوا الإنفاق مع تخطي البلاد لأزمة متحور أوميكرون الفيروسي الذي أثر على الاقتصاد في الأشهر الثلاثة الأولى من العام. وافق البرلمان أيضاً على تقديم ميزانية إضافية قياسية في مايو لمساعدة الشركات الصغيرة مع تخفيف قيود كوفيد.
مع ذلك، تراجعت الصادرات بالقيمة الحقيقية حيث تعرض الاقتصاد المعتمد على التجارة لضغوط من ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية التي غذَّاها الغزو الروسي لأوكرانيا. يواجه المصدرون أيضاً مخاطر تراجع الطلب العالمي استجابة لسياسة التشديد السريع التي يتبعها بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى.
كذلك، أدت عمليات الإغلاق المفروضة للتصدي لكوفيد في الصين، أكبر وجهة تصدير لكوريا الجنوبية، إلى إضعاف الطلب وتفاقم اضطرابات سلسلة التوريد. كانت أشباه الموصلات، وهي الصادرات الرئيسية لكوريا الجنوبية، تتراكم سريعاً في المخزونات حتى مع توقف الشحنات.
يواجه المستهلكون المحليون بيئة مليئة بالتحديات حيث يؤدي التضخم إلى تآكل قوتهم الشرائية ويواصل البنك المركزي زيادة تكاليف الاقتراض. كان أداء عملة الوون الكورية الجنوبية الأسوأ في آسيا بعد الين الياباني هذا العام، مما جعل الواردات أكثر تكلفة بالنسبة للأسر والمصنعين.
مع ذلك، يخطط الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول للتحفظ بشأن الإنفاق التحفيزي بعد تضخم ديون كوريا الجنوبية في عهد سلفه مون جاي إن.
رغم أن أداء الناتج المحلي الإجمالي لا يمكن اعتباره أول سجل أداء كامل ليون، إلا أنه يُظهر نوع الزخم الاقتصادي الذي ورثه ويوفر معياراً للتدابير التي يحتاج إلى اتخاذها.
يعد التضخم التحدي الرئيسي للإدارة الكورية الجنوبية التي تولت السلطة في مايو، رغم أنها تكافح أيضاً لاحتواء نزاعات العمل المتصاعدة التي يغذيها ارتفاع تكاليف المعيشة وتجدد تفشي كوفيد.
تضخم سنوي يصل إلى 4.5%
تجاوز معدل التضخم حاجز الـ6% في يونيو للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين، ويُتوقع أن يظل مرتفعاً هذا الربع. يعتقد البنك المركزي في البلاد نمو الأسعار بنسبة 4.5% هذا العام، أي أكثر من ضعف هدفه البالغ 2%، بينما يتوقع أن يتوسع الاقتصاد بنسبة 2.7%.
كذلك، يعد تفشي كوفيد تحدياً آخر، رغم أن الحكومة واثقة من إمكانية السيطرة على تفشي الوباء دون عرقلة مسار الاقتصاد. ويشعر البنك المركزي أيضاً بالقلق من احتمال حدوث دوامة تضخم الأجور.
تراجع توافق آراء الاقتصاديين في القطاع الخاص بشأن النمو هذا العام إلى 2.6% هذا الشهر، فضلاً عن أنهم يقدرون وجود فرصة نسبتها 25% لحدوث ركود في غضون عام.
في الوقت نفسه، أظهر تقرير المركزي ارتفاع الاستهلاك الخاص بنسبة 3% عن الربع السابق، مدعوماً بزيادة الإنفاق على الملابس والأحذية والترفيه والسفر، بحسب البنك المركزي الكوري الجنوبي. ارتفع الإنفاق الحكومي بنسبة 1.1%، بينما ارتفع الاستثمار في قطاع البناء بنسبة 0.6%.
وانخفضت الصادرات بنسبة 3.1%، مع تراجع الطلب على المنتجات الكيماوية والمعدنية، بينما انخفضت الواردات بنسبة 0.8% حيث قاد النفط الخام والغاز الطبيعي الانخفاض. وقال البنك المركزي للبلاد إن الاستثمار في المرافق تراجع بنسبة 1%.