ارتفاع قياسيّ لأعداد الطالبات في أعرق كلِّيات إدارة الأعمال

time reading iconدقائق القراءة - 8
تقول آنا ناكياسو طالبة ماجستير إدارة أعمال في السنة الأولى بجامعة ستانفورد إن الوباء لم يمنعها من متابعة دراستها. - المصدر: بلومبرغ
تقول آنا ناكياسو طالبة ماجستير إدارة أعمال في السنة الأولى بجامعة ستانفورد إن الوباء لم يمنعها من متابعة دراستها. - المصدر: بلومبرغ

ارتفعت حصَّة النساء من الطلاب الجُدد في الفصول الدراسية التابعة لأفضل كلِّيات إدارة الأعمال الأمريكية، لتصل إلى مستويات غير مسبوقة خلال دورة قبول الطلاب لهذا العام الدراسي، وذلك برغم الظروف الصعبة التي تُخلِّفها تبعات وباء كورونا، ولكن مع ذلك تبقى نسبة النساء بعيدة عن تمثيل النصف في معظم برامج الماجستير التابعة لأرقى كلِّيات إدارة الأعمال.

فمن بين أفضل عشرين كلِّية في تصنيف "بلومبرغ بيزنس ويك"، حصلت كلِّية توك للأعمال في دارتموث (School of Business at Dartmouth) على أكبر نسبة طالبات جديدات في فصولها، إذ وصلت نسبتهن إلى 49%، وتلتها كلية ستانفورد للأعمال بنسبة 47%.

أكثر المعدلات ارتفاعاً وانخفاضاً

ويأتي هذا وفقًا لتحليل "بلومبرغ" لأفضل كلِّيات الأعمال التي بدأت غالبية فصولها الدراسية في شهرَي أغسطس وسبتمبر 2020، وكانت نتائج هذا التحليل قد نُشِرَت في أماكن مختلفة، وتضمن بعض أكثر النسب ارتفاعًا وأكثرها انخفاضًا منذ سنوات.

وتَذيَّل هذا الترتيب كل من كلِّية كورنيل سك جونسون للأعمال وجامعة لكينان فلاغلر كارولاينا الشمالية، إذ إنه من بين كل أربعة طلاب ماجستير في إدارة الأعمال كان هناك طالبة واحدة فقط، أي ما نسبته 31%.

وراوح الرقم المتوسط لتمثيل النساء في كلِّيات إدارة الأعمال العليا مكانه تقريبًا بنسبة 39.05%، ما يعني أنه شهد ارتفاعًا طفيفًا مقارنة من نسبة العام الدراسي الماضي، التي كانت 38.95 في المئة، وارتفاعًا بنقطة واحدة فقط عند مقارنته بنسبة 38% لعام 2016، وهو العام الذي بدأت فيه "بلومبرغ بيزنس ويك" بتتبع بيانات تسجيل الطلاب الجدد. ومؤخرًا فحصت "بلومبرغ" بيانات الطلاب الجدد في أفضل 20 كلِّية خلال 2019-2020 وقارنتها بالأعوام الخمس الماضية.

"كورونا" يعرقل قبول الطلاب

وقال مديرو القبول في هذه الكلِّيات إنَّ جائحة كورونا أفسدت عملية قبول الطلاب بأكملها، بما في ذلك تسجيل مزيد من النساء، إذ تشهد حاليًّا عمليات قبول طلاب الماجستير لإدارة الأعمال من النساء تقلبات لا يمكن توقعها، فهذه النسب تنحسر وترتفع أكثر من النسب المشابهة في برامج دراسة القانون والطب، وهما الفرعان اللذان شهدا مساواة في فصولهما بين الجنسين مؤخرًا.

وما أثر في دقة ومصداقية أرقام هذا العام هو تمديد مواعيد القبول وتعليق متطلبات الاختبار لاستيعاب الأزمة، بالإضافة إلى التعقيدات التي تحيط بسفر الطلاب الأجانب.

وتقول كيلي ويلسون التي تشغل منصب المديرة التنفيذية لقبول طلاب الماجستير في كلية تيبير للأعمال (Tepper) التي انخفضت فيها نِسَب قبول الطالبات إلى 25 في المئة مقارنةً بـ 33 في المئة خلال العام الدراسي الماضي: "إنَّ القدرة على المنافسة في قبول الطالبات الجديدات أصبحت أكثر صعوبة خلال فترة الوباء". وتضيف: "يتعيَّنُ علينا الانتظار لبضع سنوات، لنرى ماذا سيحدث وما إذا كان الوباء عبارة عن سحابة عابرة".

ومن جهتها رفضت كلِّية كورنيل سك جونسون للأعمال التعليق على نِسَب النساء في فصولها، فيما لم تُبدِ جامعة كارولاينا الشمالية أيّ تعليق في الوقت الحالي حول الأرقام، كل هذا يدفعنا إلى طرح السؤال الجوهري، وهو بالأساس: لماذا لا تُشكِّل النساء نصف طلاب الفصول الدراسية في كليات إدارة الأعمال؟.

يقول بات هاريسون، المدير التنفيذي المشارك للقبول والمساعدات المالية في كلِّية توك للأعمال في دارتموث، التي حققت تحسنًا بلغ 7 نقاط مئوية مقارنة بالعام الدراسي الماضي، إذ بلغت نسبة طالبات ماجستير إدارة الأعمال الجدد 49 في المئة: "لعل الأمر يتعلق بمدى رؤية النساء لأنفسهن في أدوار بعالم الأعمال، وإدراك أنَّ برامج ماجستير إدارة الأعمال ليست فقط من أجل تأمين مستقبل مهنيِّ في البنوك أو الشركات الاستشارية. فماجستير إدارة الأعمال من شأنه حقًّا أن يطوِّر المستقبل المهني للمرء في قطاعات مختلفة".

ويشير هاريسون إلى أن كلية توك للأعمال في دارتموث نجحت في تحقيق شبه المساواة في أعداد الطلاب بين الجنسين بفضل الجهود الطويلة لدعم النساء من خلال الطلبة الخريجين سابقًا، أو عبر تقديم المنح الدراسية.

وانخفضت حصة النساء المسجلات حديثًا في برامج ماجستير كليات الأعمال العشر الأوائل بحسب ترتيب "بلومبرغ بيزنس ويك"، وفي نصف هذه الكلِّيات (خمس منها) شهدت النسبة انخفاضًا بمقدار 2 في المئة أو 3 في المئة مقارنة مع العام الدراسي الماضي. وهذه الكليات الخمس هي: جامعة بوث بشيكاغو، وجامعة داردين فيرجينيا، وجامعة وارتون بنسلفانيا، وسلون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT’s Sloan)، ونورث وسترن كيلوج (Northwestern’s Kellogg).

وعلى سبيل المثال انخفضت حصة النساء في جامعة وارتون بنسلفانيا بـ 6 نقاط مئوية، وهو ما يجعل نسبة النساء بها هذا العام هي الأقل منذ خمس سنوات، ويٌذكر أن الكلية رفضت التعليق على هذا الهبوط.

وتقول إليسا سانجستر، المديرة التنفيذية لمؤسسة "فورتي"، التي تنشر بيانات سنوية حول التحاق النساء بـ50 من أفضل برامج ماجستير إدارة الأعمال في الولايات المتحدة، وكتبت عن زيادة تدريجية تجري لأول مرة منذ مطلع القرن: "أعتقد أنَّ هذا التأخر انتشر في مختلف الكلِّيات، ولم يكُن ذلك بالضرورة بسبب مسار الكلية المتبع، بل يعود بشكل أكبر إلى كل الخيارات والقرارات المختلفة التي تُحتِّم على الجميع اتخاذها لمواجهة تحديات هذا العام".

عوامل مساعدة للسيدات

من جهتها تقول مديرة القبول في كلية روس بجامعة ميشيغان: "النساء اللواتي يفكِّرن في الدراسة بكلية الأعمال يتغلَّبن على الأساطير المرتبطة بهذا الموضوع".

وتضيف: "كثير من الناس يدرك أنَّ بإمكانك الحصول على ماجستير إدارة أعمال حتى لو كانت لديك خلفية غير تقليدية أو غير مرتبطة بالأعمال، وباعتقادي أنَّ هذا ساعد على ارتفاع عدد النساء اللواتي يَقُلن: (يا إلهي، من غير الضروري أن أكون قد عملت سابقًا في مصرف لكي أدرس ماجستيرًا في كلية إدارة الأعمال، يمكنني أن أكون صحفية سابقة أو محامية أو حتى لاعبة هوكي وأدرس هذا الفرع)، وهذه هي الحال في فصولنا الدراسية".

وجدير بالذكر أنَّ هذه الكلِّية حققت نسبة جيّدة من أعداد الطالبات المسجَّلات حديثًا، بلغت 43%.

وعززت جامعة ستانفورد في عام 2018، جهودها لتسجل مزيدًا من النساء، وذلك بعد أن قابلت ثلاث طالبات مديرة القبول في ماجستير إدارة الأعمال كريستين موس، وقالوا لها: "كريستين، هذا جنون، ما الذي ينبغي فعله للوصول إلى المساواة؟".

بعد هذه الحادثة، التقت كريستين على مدى ستة أشهر بشكل ودِّي مع 100 طالبة، للحوار بعفوية وشرب القهوة، وجرى التنسيق بين كل طالب حاليِّ في ستانفورد مع مجموعة من النساء (تصل إلى عشرة)، وذلك بهدف الحديث معهن حول الحصول على ماجستير في إدارة الأعمال وتقريب هذه الفكرة إليهن.

ويشار إلى أنَّ نسبة الطالبات اللاتي يَدرُسن ماجستير إدارة الأعمال في ستانفورد بقيت على حالها مقارنةً بالعام الدراسي الماضي عند نسبة 47%.

وتقول آنا ناكياسو، طالبة ماجستير إدارة الأعمال الدولية القادمة من اليابان وتدرس حاليًّا في سنتها الأولى، إنها تحدّثت قبل قبولها إلى صديق يدرس في ستانفورد، وقد أشاد بثقافة بلادها كثيرًا.

ومن المؤكد، كما تقول ناكياسو، إنها وجدت "الجميع متحمِّسين لأي قطاع أو قضية اجتماعية معيِّنة ينشغلون بها، وفعلًا تدعمنا الكلَّية في معرفة كيف يمكننا الاستفادة من هذا، فالكلِّية تقدِّم لنا معلومات قيّمة يصعب وجودها عبر محرك البحث (غوغل)".

وتضيف ناكياسو البالغة من العمر 27 عامًا أنها كانت مدرجة في قائمة الانتظار بسبب الوباء، ولم يُسمح لها بتأجيل حضورها إلى الكلِّية، وهو ما لم تنوِ فعله بكل الأحوال، لذلك خلصت إلى أنَّ "فرضية أن الوضع لن يشهد تحسنًا كبيرًا في العام الدراسي الذي يبدأ في سبتمبر 2021 جعلتني أدرك أنه من الأفضل لي أن أبدأ مباشرة، وشعرت أن هذا التوقيت هو الأفضل لي".

تصنيفات