بلومبرغ
لم ينجح الاقتصاد الياباني في جذب المستفيدين الرئيسيين وفي مقدمتهم السياح الأجانب من الضعف الحادّ الذي يشهده الين.
أشار رئيس الوزراء فوميو كيشيدا مؤخراً إلى السماح بعودة أول زوار لقضاء إجازتهم في اليابان منذ أكثر من عامين وسط تخفيف الإجراءات الحدودية.
رغم ذلك، سيكون من الصعب العودة إلى استقبال نحو 32 مليون سائح كانت تستقبلهم اليابان قبل الوباء، حتى مع انخفاض الين إلى أدنى مستوى خلال عقدين.
تداعيات كورونا
يحرم ذلك اليابان من إيرادات سياحية غير مؤكدة بقيمة 4.8 تريليون ين (37 مليار دولار) تعادل قيمة الإنفاق المباشر عام 2019، إضافة إلى تأثيرات أكبر، إذ يجري ضخ تلك الأموال من قطاع الضيافة إلى كل اقتصادات الأقاليم المحلية.
ليست اليابان وحدها التي تعاني من تداعيات الوباء على صناعة السياحة العالمية، لكن المشهد قد يتغير تماماً في حالة عودة الزوار الأجانب الذين ينفقون مبالغ كبيرة وسط الانخفاض الذي يشهده الين.
"بنك أوف أمريكا": اليابان قد تنفق 100 مليار دولار للحد من هبوط الين
هايدوفومي موروتا من بين عشرات الآلاف من أصحاب المطاعم الذين يعانون التداعيات الاقتصادية لانخفاض الين دون زيادة في حركة السياحة تعوض ذلك التراجع.
يقول موروتا، الذي يدير 3 مطاعم على الطراز الياباني، متخصصة في تقديم أطباق السمك الطازج، في هاكوداتا، في هوكايدو: "ضعف الين يزيد تكاليفنا، وفي الوقت نفسه لا يوجد أي سياح أجانب ينفقون أكثر بكثير من اليابانيين، ونأمل أن يُسمَح لهم بالعودة قريباً لأنهم مهمّون للغاية بالنسبة إلى مدينتنا".
رغم تعافي الاقتصاد الياباني فإنه لا يزال متأخراً بالمقارنة بنظرائه في مجموعة السبع.
قال هيروشيغي سيكو، أحد كبار المسؤولين في الحزب الحاكم، لـ"بلومبرغ" يوم الثلاثاء إنه يجب إلغاء قيود الدخول، والسماح لرجال الأعمال والسياح بالعودة.
وأضاف سيكو: "من الضروري زيادة عدد السياح حتى يصبح الين الضعيف إيجابياً للاقتصاد، وفي نفس السياق من الضروري أيضاً إلغاء القيود المفروضة على السياح في أقرب وقت ممكن".
فتح الحدود أمام السياح
تصريحات كيشيدا عن استهدافه رفع دخول الأفراد إلى مستوى باقي الدول الأعضاء في مجموعة السبع تشير إلى صرامة القيود التي فرضتها اليابان بشكل أكبر من معظم الاقتصادات الكبرى الأخرى.
يدرس رئيس الوزراء إعادة فتح الحدود أمام أفواج السياح الأجانب في وقت مبكر من شهر يونيو، وفقاً لوسائل إعلام محلية، فيما لا يتوقع المحللون انفتاحاً جريئاً قبل الانتخابات المقرر إجراؤها هذا الصيف.
الين الياباني يعاني من أطول سلسلة خسائر في 50 عاماً أمام الدولار
قال ماساتو كويكي، الخبير الاقتصادي في معهد "داي إيتشي لبحوث الحياة"، الذي يرصد الأثار الاقتصادية للسياحة: "من المحتمل أن يستغرق الأمر عاماً أو أكثر لتخفيف القيود على الحدود، ولن يكون هناك آثار إيجابية قوية لضعف الين من دون هؤلاء المسافرين".
منذ تكثيف الحكومة في عهد رئيس الوزراء السابق شينزو آبي جهودها لاستقبال السياح الأجانب، تمثل السياحة التي يعززها ضعف الين محركاً رئيسياً لاقتصادات الأقاليم اليابانية.
أصبحت اليابان وجهة منخفضة التكلفة ومناسبة لميزانية المسافر العادي، وقد أدى ذلك إلى زيادة عدد الزوار 4 أضعاف في السنوات التي سبقت الوباء. وخلال تلك الفترة انخفض سعر صرف الين من متوسط 79.83 مقابل الدولار في عام 2012 ليصل إلى 109.03 في عام 2019.
انخفاض الين
منذ ذلك الحين، انخفضت العملة اليابانية إلى مستوى 130 مقابل الدولار، ومن المفترض أن يؤدي ذلك التراجع إلى زيادة إضافية في أعداد الزوار.
قال كويكي: "يلمس الأفراد العاديون والشركات على الأرجح إيجابيات انخفاض الين في زيادة الإنفاق الداخلي، وإلا سيبدو الأمر بالنسبة إليهم كأنه يزيد تكاليفهم فقط".
أشار استطلاع أجرته شبكة "جيه إن إن" (JNN)، وقد أُجري نهاية الأسبوع، إلى أن الرأي العام بدأ ينظر بإيجابية إلى فكرة تخفيف الضوابط الحدودية، وتأييد 48% من الذين جرى استطلاع آرائهم للتخفيف، مقابل معارضة 38% فقط.
رغم ذلك، تحمل تلك الخطوة بعض المخاطر، إذ استقال رئيس الوزراء السابق يوشيهيدي سوغا بعد عام من توليه المنصب عقب إلقاء اللوم على جهوده للترويج للسياحة الداخلية في زيادة الإصابات.
تُظهِر أرقام عام 2019 أن أكبر عدد من السياح الأجانب جاءوا من الصين، وشكّل إنفاقهم أكثر من ثلث إجمالي إنفاق كل الزوار.
لذلك بغضّ النظر عن مستويات سعر صرف الين وقواعد الحدود اليابانية، سيبقى هؤلاء السياح في أوطانهم ما دامت عمليات الإغلاق مستمرة وقيود السفر سارية هناك.