الفلبين لا تقوى على تحمل تكلفة العودة للماضي

time reading iconدقائق القراءة - 13
فرديناند \"بونغ بونغ\" ماركوس جونيور ، السيناتور الفلبيني السابق والمرشح الرئاسي، خلال حملته الإنتخابية في سان فرناندو بالفلبين يوم الجمعة 29 أبريل 2022. - المصدر: بلومبرغ
فرديناند "بونغ بونغ" ماركوس جونيور ، السيناتور الفلبيني السابق والمرشح الرئاسي، خلال حملته الإنتخابية في سان فرناندو بالفلبين يوم الجمعة 29 أبريل 2022. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

بقلم محرري بلومبرغ

انتقى الناخبون الفلبينيون في 2016 رئيساً ظل العالم يتذكره بتصريحاته الفظة وحربه الوحشية على المخدرات. وإذا ثبتت صحة توقعات الاستطلاعات الانتخابية اليوم الإثنين؛ سيختار الشعب الفلبيني ابن الديكتاتور الراحل فرديناند ماركوس. وربما تتسبّب عودة عشيرة ماركوس إلى قصر مالاكانانغ الرئاسي في استعادة الشعب الفلبيني لذكريات تولي أحد أفراد هذه العائلة للحكم. لكنها لن تبشّر بالخير بالنسبة لمستقبل الدولة.

كانت الفلبين قبل الوباء واحدة من أسرع الاقتصادات الآسيوية نمواً، حيث تمكّنت من النمو رغم قاعدة التصنيع المحدودة والسياسات الفوضوية في البلاد، كما نجحت في ذلك دون اللجوء إلى الاستدانة المحفوفة بالمخاطر. ورغم كل التصريحات المثيرة للغط التي قالها الرئيس رودريغو دوتيرتي، إلا أن إدارته قامت فعلاً بتطبيق بعض الإصلاحات المهمة، ومنها: تقليل ضرائب الشركات، وتقديم حوافز للاستثمارات التقنية، والموافقة على تشريع يتيح التملك الكامل للأجانب في بعض القطاعات، مثل الاتصالات وخطوط الطيران.

غير محنّك سياسياً

قال فرديناند ماركوس الابن، المعروف باسم "بونغ بونغ"، إنه يتعزم مواصلة حملة "البناء.. البناء.. البناء" للبنية التحتية، التي أطلقها الرئيس دوتيرتي، مع مساندة المشروعات الصغيرة والزراعة. لكن مقارنه بخصمه الأساسي، يبدو المتصدر للسباق الرئاسي أقل تمكناً على الصعيد السياسي، إذ تجنّب إجراء مقابلات متعمقة أو مناظرات. كما لم يقرّ أو يعتذر عن التجاوزات التي صدرت عن والده. وحتى لو تغاضى الناخبون عن أوجه القصور هذه وانتخبوا ماركوس، ستضطره التحديات التي تواجه الدولة إلى القيام بمجهود أكبر من مجرد تطبيق السياسات التي وضعها آخرون وحسب.

رغم أن الاقتصاد الفلبيني انتعش من أعماق الوباء، إلا أن وتيرة النمو تتراجع. وبلغ معدل الدين العام 61% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية 2021، وهي نسبة لا تدق ناقوس الخطر بعد، لكنها لا تشكل نقطة انطلاق مريحة بدرجة كبيرة كذلك، لا سيما بعد إظهار ماركوس لرغبة محدودة في تطبيق الانضباط المالي بالبلاد.

سيحتاج الرئيس الفلبيني القادم لاختيار محافظ بنك مركزي موثوق بدلاً من بنجامين ديوكنو المنتهية ولايته. وستحتاج الحكومة كذلك إلى بذل جهد أكبر لتهيئة شعب الفلبين للتغيير الاقتصادي والبيئي في البلاد.

تحديات اقتصادية

أيضاً، تضرر رأس المال البشري في البلاد بسبب الجائحة، وسيحتاج إلى الاستثمار في التعليم التعويضي والتدريب. وبالفعل اقترب فقر التعلم، والذي يعني نسبة الأطفال في سن 10 سنوات ممن لا يستطيعون القراءة أو فهم القصص البسيطة، من 70% في 2019، وارتفعت هذه النسبة على الأرجح خلال فترة الجائحة، حسبما أشار البنك الدولي.

ونظراً لمخاطر الكوارث الطبيعية المحدقة بالدولة؛ يتوجب على الفلبين أيضاً زيادة الاستثمار لمساعدة المجتمعات والصناعات على التماسك في مواجهة الطقس القاسي. وما لم تتخذ الدولة إجراءً لتخفيف تأثير تغير المناخ؛ قد يتقلص ناتجها الاقتصادي بواقع 6% سنوياً تقريباً بحلول نهاية القرن الحالي.

حتى الآن، أظهر ماركوس إشارات محدودة على الكيفية التي يعتزم بها مواجهة هذه التحديات. ولم تكن فترة عضويته في البرلمان مميزة، حيث ركّز في أغلبها على المشاركة في المهرجانات، وتسمية الشوارع، وإعادة ترسيم حدود المدن أو المقاطعات.

المحسوبية

تتحالف مع ماركوس أيضاً سارة دوتيرتي كاربيو، ابنة الرئيس دوتيرتي، والأرجح أنها ستفوز بمنصب نائب الرئيس، وهو مزيج يبشّر باستمرار تاريخ الدولة الكئيب في سياسات بيع وشراء الأصوات والمحسوبية. في غضون ذلك، لا يبعث إعجاب ماركوس اللامحدود بنظام والده المستبد على الأمل بالنسبة للمستثمرين الذين يتمنون عودة الحكومة لطريق الشفافية وحكم القانون.

إن ميل الانتخابات في الفلبين للتركيز على الشخصيات –وليس التفاصيل- حقيقي. وقد يكون كافياً لوضع فرد آخر من عائلة ماركوس في سدة الحكم. لكن أن يقود ذلك الدولة إلى مستقبل أكثر ازدهاراً، فهذا أمر مختلف تماماً.

تصنيفات

قصص قد تهمك