على غرار ما حصل مع الأسلحة النووية.. هل نستطيع التوصل للسلام الإلكتروني بالطريقة ذاتها؟

time reading iconدقائق القراءة - 14
حزم بيانات - المصدر: بلومبرغ
حزم بيانات - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

على مدى ثلاثة عقود، نشبت حربان عالميتان، لقي فيهما أكثر من 100 مليون شخص حتفهم، ثم في أغسطس 1945، عرفت البشرية أكثر الأسلحة التي تم نشرها على مدار التاريخ تدميراً. ومنذ ذلك الحين، أدى الاحتمال المروّع للهلاك المؤكد الناجم عن الحروب المُغذية بالأسلحة النووية، إلى بقاء القوى العظمى تحت السيطرة، والآن في الوقت الذي تتحول فيه الأعمال العدائية العالمية إلى الرقمية، قد يكون التوصل إلى مقابل سيبراني للأسلحة النووية، هو الأمر المطلوب تماماً.

منذ شهر فبراير، صاحب الغزو الروسي لأوكرانيا وابل من الهجمات الإلكترونية التي استهدفت البنية التحتية للطاقة والاقتصاد الأوكراني، وهو ما ذكّرنا بأن الكرملين يعطي ترسانته الرقمية الأهمية ذاتها التي يوليها لعتاده من الدبابات والصواريخ القديمة. مع ذلك، فإن أياً من هذه التوغلات لم ينجم عنها ضربة قاضية، ويعود أحد تفسيرات ذلك إلى أن كييف بدأت بناء دفاعاتها الرقمية خلال العقد الماضي، وباتت رائدة عالمياً في القدرة على صد الهجمات الإلكترونية الآن.

حرب روسيا

مع ذلك، يوجد شعور بأن موسكو ربما تكون تخطط لأمر ما. حيث قد يكون لدى الرئيس فلاديمير بوتين مخطط أكبر يتماشى مع أسلوب تفكيره، وينتهي باستخدام سلاح رقمي مدمر لم نشهده من قبل. وهو بالفعل قد أصدر تهديدات ضمنية بنشر أسلحة نووية مع استمرار الصراع.

من جهته، فإن البيت الأبيض بالتأكيد يأخذ حذره فيما يتعلق بالحرب الإلكترونية، وقد حذّر سابقاً أن الولايات المتحدة نفسها مهددة بسبب دعمها المستمر لأوكرانيا وزعيمها فولوديمير زيلينسكي.

في الوقت الحالي، يضم "النادي النووي" تسعة أعضاء، بما فيها الدول التي أكدت امتلاكها لهذه الأسلحة، والدول التي يُفترض أنها تمتلكها.

(الدول الأعضاء في معاهدة الحد من الانتشار النووي: الصين، فرنسا، روسيا، بريطانيا، والولايات المتحدة. أما الدول النووية غير الأعضاء في معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية: الهند، وباكستان، وكوريا الشمالية، بينما تُحافظ إسرائيل على إخفاء وضعها).

القوى العظمى الثلاث

لكني أرى أن هناك ثلاث دول فقط يمكن تسميتها بالقوى العظمى إلكترونياً، من بينها الصين التي أثبتت نفسها كمُنفّذة هجمات إلكترونية ذات تسلّل ماهر وعدواني، رغم عدم وجود الكثير من الأدلة حتى الآن تؤكد عزمها التدمير الشامل. حيث تُركّز غالبية الهجمات، التي يُعتقد حصولها على موافقة بكين الضمنية أو الصريحة، على الأمن أو الأسرار الصناعية. وكان لعدد قليل منها دوافع اقتصادية مثل برامج البرمجيات الذكية المهاجمة "رانسومواري". بينما تنفي بكين من جهتها اتهامات القرصنة.

أما القوى الثانية فهي روسيا التي تشتهر ببراعتها الأسطورية في المجال. وكانت العصابات الإلكترونية، بتوجيه من موسكو أو بموافقتها على الأقل، أطلقت برامج ضارة أوقفت خطوط أنابيب، وحصلت على كميات كبيرة من البيانات الحساسة، وتسبّبت في أنواع أخرى من الأضرار الواسعة والخبيثة. حيث أدّى هجوم" 2020 سولار ويندز" (2020 SolarWinds)، الموجّه بواسطة الوكالات الروسية، إلى اختراق كثير من الإدارات في الحكومة الأمريكية وتسبّب بأضرار قيمتها 100 مليار دولار.

هناك كذلك، الولايات المتحدة الأمريكية، التي تختلف طريقة الهجمات المُنفَّذة تحت قيادتها عن تلك التي تقوم بها الصين أو روسيا. ويعود أحد أسباب ذلك إلى أن الهيئات الأمريكية، ومنها مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل، تنشر المعلومات عن تعرضها لهجمات خارجية باستمرار، ربما لتحظى بدعم الميزانية أو لتُظهر عملها الجاد. بينما بكين وموسكو، على الجانب الآخر، لا تميلان إلى الاعتراف بأنهما كانتا ضحيتي هجمات، وتحتفظان بسرية هذه الانتهاكات بشكل عام. وتضمّنت الهجمات الأكثر شهرة وتدميراً، "ستاكسنت" (Stuxnet)، التي نفذتها الولايات المتحدة ضد المنشآت النووية الإيرانية في عام 2009 (هناك اعتقاد واسع أن إسرائيل لعبت دوراً بها).

وبالرغم من التدمير الناتج عن هذه الهجمات التي شهدناها، فإن أياً منها لا يرقى إلى مستوى الدمار الشامل حتى الآن. مع ذلك، لا زال من المنطقي أن نشعر بالقلق، حيث إن هذه القوى العظمى، بالإضافة لحلفائهم (مثل كوريا الشمالية من جهة، وبريطانيا وأستراليا من جهة أخرى) تعمل باستمرار لتطوير هذه القوى السيبرانية لتشكّل أسلحة إلكترونية أكثر قوة. خلال مارس الماضي، خصّصت كانبيرا ميزانية تاريخية تصل قيمتها إلى 7.5 مليار دولار لتعزيز قدرات أستراليا خلال 10 سنوات، ولإضافة أدوات هجومية تستهدف الصين بشكل مباشر.

دروس التسلّح النووي

لا يبدو أن هذا التصعيد سينتهي في أي وقت، والهجمات تبدو مستمرة. لكن في حال استطاعت إحدى القوى إثبات امتلاكها لسلاح هائل لا يُمكن إيقافه، ولحقت بها الدول الأخرى سريعاً، فسيوجد حينها أمل بالتوصل إلى هدنة من نوع ما. وقد شهدنا ذلك سابقاً مع الأسلحة النووية، عندما قامت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي ببناء مخزونات تكفي لتدمير كليهما مرات عدة، وحينها فُتح الباب للتهدئة. وكانت معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية، التي دخلت حيّز التنفيذ في عام 1970 الخطوة الأولى في ذلك، كما أنها ساعدت في إقناع المزيد من الدول بالتخلي عن الانضمام إلى النادي النووي.

ومع أن توقف القوتين الرئيسيتين عن بناء ترسانتهما النووية تطلّب 15 عاماً وانهيار الاتحاد السوفييتي أيضاً، إلا أن مخزون الأسلحة النووية اليوم هو عند أدنى مستوياته منذ عام 1958، ولم تضف الدول الأخرى سوى هوامش ضئيلة إلى ترساناتها.

في المقابل، لن يكون خفض التصعيد السيبراني سهلاً، لأن عتاده هي حزم بيانات، وأهدافه هي برامج، لا يمكن حملها أو لمسها. عدم القدرة على التنبؤ بهذا النوع من الأسلحة يجعل السيطرة عليها أمراً صعباً، وقياسها أمراً مليئاً بالتحديات.

يقول غريج أوستن، الذي يشغل منصب زميل أول في الصراع السيبراني والفضائي والمستقبل، في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في سنغافورة: "في السلاح النووي فإننا نعلم بأنه سينفجر وسيكون تأثيره كما يريد مُطلقه في مكان ما، بينما في السلاح الإلكتروني، فإننا لا نستطيع التأكد من المكان الذي سيهبط فيه، أو أين سيتم اعتراضه"، مضيفاً: "لا يمكننا إحصاء حزم البيانات في الفضاء الإلكتروني، لكن سيمكننا عدّ الرؤوس الحربية النووية ".

ومع توفر الكثير من الأسلحة الإلكترونية، توجد احتمالية تنفيذ معارك عسكرية بالوكالة على غرار الحروب البرية في فيتنام وشبه الجزيرة الكورية، حيث يستعين فيها الخصوم الرقميون بمصادر خارجية لتنفيذ عملياتهم، ثم ينكرون مسؤوليتهم حيالها. ويعني هذا من الناحية الواقعية أننا لا نستطيع توقع توقف تام لكافة الحروب الإلكترونية، لكن إذا حصل انفراج في الأسلحة الرقمية، يمكننا أن نأمل على الأقل بعالم أكثر سلاماً في الفضاء الإلكتروني.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

موسكو

-3°C
غيوم متفرقة
العظمى / الصغرى -4°/-2°
7.2 كم/س
60%

أين الخط الأحمر في الحروب السيبرانية؟

أفضل طريقة لمنع الهجمات السيبرانية الكبرى قد لا تكون التهديد أو تنفيذ عمليات سيبرانية

time reading iconدقائق القراءة - 21
ضباب الحرب السيبرانية يخيّم على أوكرانيا وروسيا - المصدر: بلومبرغ
ضباب الحرب السيبرانية يخيّم على أوكرانيا وروسيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

شاع أنّ إحجام الاتحاد السوفييتي عن استخدام سلاحه النووي إبان الحرب الباردة سببه أن أي هجوم قد يجرّ وراءه رداً نووياً مدمراً. كانت خشية التدمير المتبادل المؤكد كافيةً لردع كل من الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة عن شن هجوم نووي، حتى حينما أمضيا عقوداً في تكديس مخزونات ضخمة من الأسلحة.

تختلف الحرب السيبرانية عن ذاك، فقد نفذت حكومات ومخترقون من جهات خاصة هجمات خلال السنوات الأخيرة، كان دافع كثير منها مالياً، لكن بعضها الآخر غرضه التجسس أو تخريب البنى التحتية في عدد من السوابق البارزة. هناك اتفاق واسع النطاق على أن الهجوم السيبراني في مرحلةٍ ما سيُعتبر من أعمال الحرب، لكن لا أحد يعرف بالضبط أين الخط الفاصل.

بات الوضع أخطر من أي وقت مضى؛ يثير الغزو الروسي الدموي لأوكرانيا الخوف من أن تتصاعد الهجمات السيبرانية وصولاً إلى حرب معلنة مع الولايات المتحدة. لقد حذرت إدارة بايدن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من استهداف 16 قطاعاً جوهرياً في الاقتصاد والأمن القومي الأمريكيين، بما فيها الطاقة والتمويل. قال جو بايدن للصحفيين الصيف الماضي بعد اجتماع مع بوتين في جنيف: "سنرد سيبرانياً". لم يوضح الرئيس ما الذي سينطوي عليه ذلك بالضبط، لكنه أضاف بتوعد: "هو يدرك".

نقاط ضعف

اجتمع خبراء الإنترنت من إدارة بايدن والجيش والأوساط الأكاديمية في 4 و5 مايو بجامعة "فاندربيلت" لمناقشة جديد ملامح الصراع الحديث في فعالية نظمها بريت غولدشتاين، وهو مسؤول كبير سابق في البنتاغون وعالم كمبيوتر يعمل حالياً مستشاراً خاصاً في "فاندربيلت". قال غولدشتاين إنه ينبغي على الولايات المتحدة خلال خمسة إلى عشرة أعوام أن تطور استراتيجية سيبرانية للتدمير المتبادل المؤكد كنمط ردع. أضاف قوله: "ضروري أن نتعلم دروساً من نجاح مفاهيم التدمير النووي المتبادل المؤكد"، وحذر من أن نقاط الضعف في الولايات المتحدة تتجه لأن تزداد.

تُعِدّ وزارة الدفاع استراتيجية إلكترونية جديدة هذا العام قد يُحتمل أن تتضمن دوراً أبرز للردع. يناقش المسؤولون وخبراء السياسة الأمريكيون ما إذا كان من الأفضل ردع هذه الهجمات بوعد بالانتقام في الفضاء السيبراني أو في أي مكان آخر، أو محاولة منعها من خلال اتخاذ تدابير سيبرانية هجومية تقوض قدرة المهاجمين على التنفيذ. ستعتمد استراتيجية إدارة بايدن على الردع المتكامل، وهو مفهوم يعني أنه يمكن منع الهجمات عبر التهديد بعقوبات اقتصادية أو حلول أخرى تعتمد على عناصر القوة الأمريكية.

يدفع مشرعون من كلا الحزبين وخبراء من خارج الحكومة كلّ برؤيته حول الردع. تفضل "لجنة سولاريوم للفضاء السيبراني" (Cyberspace Solarium Commission)، التي استمرت لمدة عامين بتكليف من الحزبين واختتمت أعمالها العام الماضي، نمطاً من "الردع السيبراني متعدد الطبقات" يجمع بين التركيز على تعزيز الدفاعات التقنية ضد الهجمات، وتعزيز المعايير الدولية ضد الهجمات الإلكترونية التي تستهدف البنى التحتية المدنية على سبيل المثال.

هويات غامضة

إنّ قناعة غولدشتاين بأن التهديد بردّ كارثي قد يمنع هجمات سيبرانية ترعاها دولة، تجعله يبدو خارجاً عن السرب. قد يكون تحديد موعد الرد أمراً محفوفاً بالمخاطر، لأنه يصعب تحديد من قام بأي خرق، فغالباً ما يُخفي أفضل المخترقين هوياتهم. قال خبراء الأمن السيبراني إنّ المخترقين الروس، على سبيل المثال، تركوا أدلة خداعاً ليشيروا إلى أنهم كوريون شماليون أو إيرانيون. قال المسؤولون إنهم أصبحوا أبرع في تحديد المسؤولية عن الهجمات خلال السنوات الأخيرة.

على عكس الأسلحة النووية، التي لم تُستخدم منذ الحرب العالمية الثانية، فإنّ أدوات الحرب الإلكترونية متاحة على نطاق واسع وتُستخدم بانتظام لشن هجمات متفاوتة الخطورة. كتبت إميلي غولدمان، المحللة الاستراتيجية الإلكترونية في القيادة الإلكترونية الأمريكية، في ورقة بحثية نشرتها دورية "ذا سايبر ديفينس ريفيو" (The Cyber Defense Review) هذا العام: "معلوم أنه يصعب تحديد الخطوط الحمراء في الفضاء السيبراني". كما قالت إنّ العقوبات ولوائح الاتهام الجنائية وغيرها من الإجراءات الرادعة أثبتت عدم فاعليتها، وإنّ "مزيداً من الشيء ذاته لن يؤدي إلى نتائج مختلفة".

رفض الجنرال بول ناكاسوني، قائد القيادة الإلكترونية العسكرية الأمريكية التي يبلغ قوامها نحو 6000 فرد، وكان أحد المتحدثين في الفعالية التي أقامها غولدشتاين، المقارنات مع الحال النووية. قال في إفادته للكونغرس في أبريل: "إن الردع السيبراني ليس كالردع النووي". أشرف بول على زيادة عمليات البنتاغون الهجومية الإلكترونية المستمرة خارج حدود الولايات المتحدة خلال سنوات عديدة مضت، في إطار استراتيجية وصفها بأنها "دفاع إلى الأمام".

بدأت الولايات المتحدة بتغيير نهجها حين دفع التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية في 2016 قادة الولايات المتحدة إلى التخلي عن إحجامهم عن شن هجمات إلكترونية مضادة، وفقاً لجوناثان ريبر، الذي وضع استراتيجية الحكومة الإلكترونية لعام 2015 حين ترأس استراتيجية السياسة الإلكترونية في وزارة الدفاع. غيّر الكونغرس التعريف القانوني للعمليات الهجومية السيبرانية في 2018 ليصنفها نشاطاً عسكرياً تقليدياً.

تفويض مطلق

أصدرت إدارة ترمب في العام ذاته مذكرة سياسة سرّية قال بعض المشرعين الأمريكيين إنها فوضت وزارة الدفاع أساسياً لإنفاذها، دون العودة إلي البيت الأبيض.

أخبر ناكاسوني الكونغرس أن كلاً من التغيير القانوني ومذكرة السياسة كان "مفيداً للغاية". تراجع إدارة بايدن المذكرة، ويخشى مؤيدو استراتيجية "الدفاع إلى الأمام" من أنها قد تقرر تقييد قدرة القيادة السيبرانية على التصرف بفاعلية.

حسب ما قال ناكاسوني، فإن إحدى مشكلات اللجوء إلى التهديد بالهجمات السيبرانية رادعاً هي أن التفوق السيبراني بطبيعته سريع الزوال، فيما تستمر قوة الترسانة النووية، إذ تعتمد الأسلحة السيبرانية على استغلال نقاط الضعف في التعليمات البرمجية، التي يمكن تصحيحها لتختفي بسرعة بمجرد العثور عليها. لذا، على عكس الأسلحة النووية، يجب أن تتغير ترسانة ناكاسوني السيبرانية وطرق الوصول طوال الوقت. إن قدرة الولايات المتحدة على العثور على مثل هذه الثغرات واستغلالها كبيرة، لكن قدرتها على تنفيذ هجمات على أهداف محددة قد تتقدم وتتراجع.

الدروس المستفادة من الهجوم السيبراني على خط أنابيب "كولونيال" الأمريكي: يجادل بعض الأكاديميين بأن استراتيجية "الدفاع إلى الأمام" هي كناية تعني أن تشن الولايات المتحدة هجماتها بنفسها. احتجّت خبيرة الإكراه السيبراني جيني جون في بحث لمجلس الأطلسي في مارس بأن الاستراتيجية تترك "مجالاً كبيراً لسوء التقدير وسوء التفسير" حول كيفية استجابة الولايات المتحدة، وبدلاً من الردع، قد تشجع الأعداء على الضرب أولاً بدلاً من الانتظار والتعرض لخطر.

قالت إيريكا لونيرغان، كبيرة المديرين في لجنة سولاريوم للفضاء السيبراني، إن النقاشات حول الردع أصبحت "مزدوجة" وغير مفيدة وسط عدم اليقين بشأن طبيعة الحرب السيبرانية. بيّنت أن أفضل طريقة لمنع الهجمات السيبرانية الكبرى قد لا تكون التهديد أو تنفيذ عمليات سيبرانية، بل هي الاعتماد على أدوات القوة الوطنية الأخرى.

رد نووي؟

أدرجت إدارة ترمب استخدام الأسلحة النووية في 2018 كردّ مناسب محتمل على أي هجوم استراتيجي غير نووي، وهي فئة يمكن أن تشمل هجوماً سيبرانياً كارثياً، فيما تحتفظ إدارة بايدن بحق اختيار طريقة ردها، بما يشمل استخدام القوة العسكرية، وتصر على أن أي هجوم سيبراني ضد أي عضو في الناتو قد يجرّ رداً مشتركاً من دوله الثلاثين.

يتمثل أحد التحديات في أن عدم وجود تعريف واضح للحرب السيبرانية أغرى البلدان باختبار الحدود وتنفيذ هجمات أصغر على افتراض أنها لن تكون كافية لإثارة رد فعل كبير. يحذر بعض الخبراء من أن قدرة الولايات المتحدة على إرساء معايير تحيط بمثل هذه الهجمات قد قوضتها سوابقها في الهجمات السيبرانية وبرامج التجسس الرقمي التي استهدفت مدنيين، بمن فيهم قادة من الحلفاء وهجوم ستوكسنت، الذي استهدف المنشآت النووية الإيرانية منذ أكثر من عقد، وهو حملة يُعتقد على نطاق واسع أن الولايات المتحدة وإسرائيل نفذتاها.

قال مايكل دانيال، المنسق السابق للأمن السيبراني في إدارة أوباما، إن الولايات المتحدة يمكنها فعل كثير لردع انتشار الهجمات السيبرانية التي لا تبلغ مستوى حرب في الفضاء السيبراني. أضاف قوله: "السؤال هو: هل يمكنك استخدام القوة الوطنية للحكومة لتقليل حجم النشاط الضار في الفضاء السيبراني وتقليل تأثيره في الولايات المتحدة؟".

هناك فسحة صغيرة قد تكون مؤقتة، وهي أن حرب روسيا مع أوكرانيا لم تؤدِّ إلا إلى أقل مما توقعه الخبراء من أعمال الحرب السيبرانية. إحدى النظريات التي تفسر ذلك من الباحث لينارت ماشماير من المعهد الفيدرالي السويسري للتقنية، هي أنها ليست فعالة للدرجة التي يعتقدها كثير من الناس. درس ماشماير تأثير الهجمات السيبرانية الروسية على أوكرانيا منذ 2014. قال: "لم تحقق أي تأثير استراتيجي ملموس تقريباً". قد يكون التفسير الآخر هو أن روسيا لم تخطط لأي شيء لأنها توقعت نصراً عسكرياً سريعاً. قد يتغير ذلك مع استمرار الحرب، وتشير أبحاث حديثة من "مايكروسوفت"إلى أن روسيا تشن هجمات سيبرانية "مُدمرة بلا هوادة" ضد خدمات ومؤسسات أوكرانيا.

قد يكون مردّ ذلك أن الردع ناجح وأن روسيا كانت تخشى تنفيذ هجمات سيبرانية خارج أوكرانيا لأن ذلك قد يؤدي إى تفعيل المادة 5 من ميثاق حلف الناتو حول الدفاع الجماعي فتجذب دولاً أخرى إلى الصراع. يشير هذا التردد بالنسبة إلى غولدشتاين إلى فرصة إستراتيجية، إذ قال: "قد نشهد بدايات مبكرة لما يمكن أن يبدو عليه الردع".

تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

واشنطن

11 دقائق

12°C
غيوم متناثرة
العظمى / الصغرى 10°/13°
11.1 كم/س
86%

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.