بلومبرغ
ارتفعت أسعار المواد الغذائية عالمياً إلى أعلى مستوى لها في ست سنوات خلال ديسمبر 2020، ومن المرجَّح أن تواصل الارتفاع في عام 2021، مما يزيد الضغط على ميزانيات الأسر في حين ترتفع أعداد الجوعى في جميع أنحاء العالم.
وقفز مقياس الأمم المتحدة لأسعار الغذاء بنسبة 18% منذ مايو 2020، إذ ساعدت الأحوال الجوية السيئة، والتدابير الحكومية لحماية الإمدادات، والطلب القوي على زيادة أسعار السلع الزراعية من الحبوب إلى زيت النخيل. وقالت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، إنَّ الأسعار من المرجَّح أن ترتفع أكثر.
أخبار سيئة للمستهلكين
ويهدد الارتفاع المفاجئ لأسعار الغذاء بزيادة التضخم على نطاق أوسع، مما يجعل من الصعب على البنوك المركزية توفير المزيد من الحوافز لدعم الاقتصادات، مع إثارة ذكريات أزمات أسعار الغذاء قبل عقد من الزمن.
ويمثِّل ارتفاع أسعار الغذاء أخباراً سيئة للمستهلكين الذين تضررت دخولهم بسبب أزمة كوفيد-19، ويزيد من المخاوف بشأن الأمن الغذائي العالمي الذي يتأثَّر بالصراعات، والتقلبات المناخية. وينطبق هذا بشكل خاص على أفقر البلدان التي يتعيَّن عليها التعامل مع شبكات الأمان الاجتماعي، والقوة الشرائية المحدودة، وفقاً لـ "فاو".
وقال عبد الرضا عباسيان، كبير الاقتصاديين في المنظمة: "نرى في هذه المرحلة المزيد من العوامل التي تدفع أسعار الغذاء العالمية إلى الارتفاع.. تضخم أسعار الغذاء أمر واقعي. وفي حين فقد الناس مصادر الدخل، فإنَّهم يواجهون مصاعب كبيرة للغاية".
وارتفعت أسعار الذرة، وفول الصويا في العقود الآجلة إلى أعلى مستوياتها في ست سنوات؛ إذ يهدد الجفاف المحاصيل بأمريكا الجنوبية في وقت يتزايد الطلب الصيني، كما يقترب زيت النخيل-المستخدم في حوالي نصف جميع السلع المعروضة في المتاجر- من أعلى مستوياته في 10 سنوات.
عوامل داعمة للأسعار
وتدعم الإجراءات الحمائية الأسواق أيضاً، في حين يخطط المزارعون الأرجنتينيون لتنظيم إضراب احتجاجي بعد أن علَّقت الحكومة تراخيص تصدير الذرة، في حين تعتزم روسيا، عملاقة القمح، كبح صادرات الحبوب اعتباراً من منتصف فبراير لمواجهة كبح تضخم أسعار المواد الغذائية.
وقال عباسيان، إنَّ السلع المسعَّرة بالدولار –غالباً ما يُنظر إليها على أنَّها وسيلة تحوُّط ضد التضخم- وستظل مدعومة مع انخفاض الدولار أكثر خلال العام الجاري.
بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن يؤدي الانتعاش الاقتصادي في بعض أجزاء العالم إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي، والطلب على الغذاء، مع مخاطر الطقس، وقيود التصدير من بعض مورِّدي الحبوب التي تساعد الأسعار على المدى القصير.
وقد تدفع المخاوف المناخية، والتدخل الحكومي، والصادرات القوية إلى الصين الأسواق الزراعية للأعلى هذا العام، وفقاً لـ"رابو بنك انترناشيونال".
وقال جو ستون رئيس سلسلة التوريد الزراعي، وتجارة الشركات في شركة "كارجيل إنك"، خلال الأسبوع الجاري، إنَّ أسعار فول الصويا أصبحت باهظة الثمن بما يكفي لأن يلجأ العالم إلى تقنين الطلب، أو المطالبة بحصص.
وارتفع مؤشر "فاو" لأسعار المواد الغذائية خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2020، بعد أن تجاوزت الأسعار السنوية أعلى متوسط في ثلاث سنوات.
ومع ذلك، لا تزال أسعار المواد الغذائية أقل بكثير من المستويات المرتفعة في عامي 2008 و2011 ، عندما تسبب ارتفاع الأسعار في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في جميع أنحاء العالم، كما أدَّى حظر تصدير الحبوب إلى تشديد (تقليل) المعروض.
وقال تيم بينتون، مدير الأبحاث لقسم المخاطر الناشئة في "تشاتام هاوس" بلندن، إنَّ تضخُّم أسعار السلع الأساسية أمر حقيقي للغاية، لكن لا يقارن أبداً بما كان عليه قبل 10 سنوات.
وأضاف: "واثق بشكل معقول من أنَّ تضخُّم أسعار السلع لن يؤدي إلى أمور كبيرة، كما كان عليه الحال قبل عقد من الزمان. ومع ذلك؛ فإنَّ كوفيد-19 لديه القدرة على إحداث اضطراب في الأمور فيما يتعلَّق بتدفقات السلع، وتوفير العمالة".