بلومبرغ
تسبّبت التصريحات غير الرسمية التي أدلى بها مسؤول عن السلامة الجوية في روسيا -والتي قامت هيئة مراقبة الصناعة بنفيها بسرعة- في حالة من عدم اليقين بشأن مصير نحو 10 مليارات دولار تمثل قيمة الطائرات المملوكة للأجانب والمحتجزة في البلاد.
أوضح فاليري كودينوف، المسؤول عن صلاحية الطيران في "وكالة النقل الجوي الاتحادية الروسية" أنَّ هناك ما يبدو وكأنَّها خطة يتم وضعها لقطاع الطيران الروسي تسمح بمواصلة الطيران بعد فرض عقوبات على البلاد بسبب غزوها أوكرانيا.
تشير التصريحات التي نشرتها وكالتا "تاس" و"إنترفاكس" إلى أنَّ شركات الطيران الروسية ستحتفظ بجزء من الطائرات المملوكة للأجانب واستخدامها مع إعادة طائرات أخرى. في المقابل؛ قالت "وكالة النقل الجوي"، إنَّ تصريحات كودينوف التي أدلى بها في مؤتمر تجاري في موسكو يوم الخميس "لا تتفق مع الواقع"، وأكدت أنَّه غير مخول له بالتحدّث رسمياً باسمها.
قرائن متطابقة
برغم نفي التصريحات؛ لكنْ يصعب عدم تصديقها نظراً إلى المكانة المرموقة التي يتمتع بها كودينوف والتفاصيل التي أدلى بها، إذ تتوافق مع تقرير منفصل بشأن قانون جديد لمعالجة أوضاع الطائرات المملوكة لأجانب والموجودة في روسيا، والتي أصبحت في مأزق.
وبحسب "إيشكا" (Ishka Ltd)، الاستشارية المتخصصة في استشارات الطيران؛ فإنَّ هناك نحو 500 طائرة من ذلك النوع في روسيا تقدّر قيمتها بنحو 10.3 مليار دولار.
قال كودينوف للصحفيين: "ستتم إعادة جزء من الأسطول"، بحسب وكالة "تاس" التي ذكرت أنَّ شركات الطيران ستقرر بنفسها الطائرات التي ستعود. ووفقاً لتقرير منفصل للوكالة نفسها نقلاً عن المسؤول؛ يتم إعادة تسجيل بعض الطائرات في البلاد. وقال في التقرير، إنَّ قطع الغيار التي لا يمكن الحصول عليها من "إيرباص" و"بوينغ" سيتم البحث عنها في دول أخرى مثل الهند وتركيا.
قالت "وكالة النقل الجوي" في بيان، إنَّ كودينوف ليس مسؤولاً عن تسجيل الطائرات المدنية، وليست لديه معلومات موثوقة، وإنَّ تعليقاته على العلاقات بين شركات الطيران الروسية والشركات المؤجرة ليست واقعية.
كانت صحيفة "كومرسانت" قد نشرت تقريراً منفصلاً عن مشروع قانون يتوافق تقريباً مع تصريحات كودينوف. وقالت الصحيفة، إنَّ المشروع يسمح للحكومة بمصادرة بعض الطائرات المملوكة للأجانب، ويفرض على شركات الطيران الحصول على موافقة الدولة لإعادة أي طائرات أو محركات إلى شركات أجنبية مؤجرة للطائرات. كما أنَّه في حالة رفض استعادة الطائرات؛ سيكون لشركات الطيران الروسية الحق في مواصلة الدفع للشركات المؤجرة للطائرات بالروبل.
رحلات "إيروفلوت"
يسمح التوجه الروسي لشركة "إيروفلوت" (Aeroflot) المملوكة للدولة وشركات الطيران الأخرى مثل "إس 7" (S7) الرائدة محلياً بمواصلة تحليق طائرات "إيرباص" و"بوينغ". في حين لم تتضح قيمة الطائرات التي ستستعيدها الشركات المؤجرة، ومن بينها "إيركاب هولدينغز" (AerCap Holdings) في دبلن، و"كارلايل أفياشن"
(Carlyle Aviation) بعد تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا قبل أسبوعين في فجوة بالطيران الدولي، وقطع الوصول إلى طائراتهم.
أصبحت روسيا معزولة نسبياً منذ بدء فرض العقوبات، وحظر المجال الجوي، والإجراءات الانتقامية التي تم تنفيذها ضدها، إذ أصبحت شركات الطيران الروسية غير قادرة على الطيران إلى العديد من الوجهات حول العالم، أو الحصول على طائرات أو قطع غيار أو خدمات جديدة.
يقول ستيفن أودفار هازي، رئيس "إير ليس" (Air Lease Corp)، إنَّ طائرات "سوخوي سوبرجيت 100" (Sukhoi Superjet 100) المصنّعة محلياً تسهم بعدد قليل من أسطول شركات الطيران الروسية؛ بينما تشكّل طائرات "بوينغ" و"إيرباص" أكثر من 90% من أسطول الطائرات التجارية في البلاد
وأشار الاستشاري ومثمن الطائرات آدم بيلارسكي، وهو نائب رئيس "أفيتاس" (Avitas Inc) إلى أنَّ مساحة اليابسة الشاسعة لروسيا التي تمتد بين 11 منطقة زمنية، وطبيعة الاعتماد على السفر الجوي يعنيان أنَّ مصير الطائرات الأجنبية يمثل مصدر قلق واهتمام محلي يصل إلى أعلى مستويات الكرملين.
وقال بيلارسكي يوم الثلاثاء على هامش مؤتمر "آيستات أمريكا"( ISTAT Americas) في سان دييغو، إنَّ "الطيران بالنسبة لحجم الدولة أمر بالغ الأهمية".
سيطرت حالة من عدم اليقين على المستثمرين في الطائرات والأوراق المالية المرتبطة بهم. تمنح عقوبات الاتحاد الأوروبي مهلة للشركات المؤجرة حتى 28 مارس لإلغاء العقود. وقالت "إيركاب" وشركات أخرى، إنَّها ستوقف الأنشطة التجارية في روسيا والمطالبة بعودة الطائرات. وبرغم ذلك؛ هدّدت الحكومة بتأميمها، وطلبت من شركات الطيران إعادتها إلى البلاد. وفي حين تمت إعادة عدد قليل من الطائرات؛ يبقى الجزء الأكبر بعيداً عن متناول الشركات المالكة لها.
ومن المرجح تضاؤل قيمة أي طائرة محجوزة في البلاد بشكل كبير في ظل القيود المفروضة على الصيانة والخدمة.
تبحث روسيا أيضاً عن بدائل لتوفير صيانة الطائرات؛ إذ نقلت وكالتا "تاس" و"إنترفاكس" عن كودينوف أنَّ الصين رفضت إمداد شركات الطيران الروسية بقطع غيار، وأنَّ الدولة ستبحث في تركيا والهند ودول أخرى.
وقد امتنعت "وزارة النقل الروسية" عن التعليق.