سيكون اجتماع البنك المركزي الأوروبي هذا الأسبوع الأول لمؤسسة نقد كبرى منذ أن غزت روسيا أوكرانيا. غيّرت الحرب المشهد الاقتصادي؛ إذ يضطر البنك للإبقاء على كل خيارات السياسة مفتوحة، بدلاً من أن يضع خطة زمنية لإنهاء برامج التحفيز.
لا توجد أي علامة على أنَّ تقلبات السوق المصاحبة تتجه للهدوء، إذ يهوي اليورو كما لو كان في سقوط حر، وتراجعت عوائد سندات ألمانيا المعيارية لأجل 10 سنوات إلى ما دون الصفر، وتنهار أسواق الأسهم، فيما أسقطت أسواق المال من حساباتها أي توقُّع لرفع الفائدة في منطقة اليورو هذا العام من مستوى –0.5% الحالي.
غيّرت العقوبات المالية والاقتصادية التي تستهدف روسيا آليات تعامل الاتحاد الأوروبي تغييراً جوهرياً. يستوجب هذا التغيير أيضاً رد فعل مغاير من السلطات النقدية. لقد كررت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد مع رئيس البنك المركزي الفنلندي أولي ريهن التزامهما باتخاذ أي إجراء يحتاجه الحفاظ على استقرار الأسعار.
عملات أوروبية تتهاوى مع الروبل بعد التهديد بحظر نفط روسيا
مانزال بانتظار أن نرى معنى ذلك بالضبط في الممارسة الواقعية، لكنَّ إنهاء برامج التحفيز المرتبطة بجائحة كورونا تدريجياً قبل فصل الصيف، الذي كانت "أقلية كبيرة" من المجلس الحاكم تدافع عنه في اجتماع فبراير؛ سيُعلق بوضوح حتى وقت متأخر من هذا العام في أفضل الأحوال.
يبدو أن لاشيء يوقف التضخم حالياً، مع ارتفاعه إلى 5.8% في منطقة اليورو في فبراير ليتجاوز مرة أخرى تقديرات المحللين، ويتموضع لمزيد من الارتفاع مع جموح أسعار الغاز.
كما أنَّ سوق النقد الأجنبي لا تساعد؛ فمع تداول اليورو عند أقل مستوى له أمام الدولار منذ 22 شهراً وعند أدنى مستوى له أمام عملات أكبر الشركاء التجاريين للكتلة منذ أكثر من 18 شهراً؛ قد تبدأ المنطقة باستيراد معدلات مرتفعة من التضخم. بل قد ينخفض سعر اليورو لموازاة الدولار الأمريكي، وهو مستوى لم يشهده منذ عقدين.
لا حل أمام أوروبا إلا تقنين استخدام الطاقة فوراً
تتلقى بنوك المنطقة أيضاً نصيبها من الضربات، ويكشف تدهور المؤشر المعياري لأسهم البنوك في منطقة اليورو بنسبة 10% عن خطر العدوى، فيما يحاول المستثمرون معرفة حجم خسائر المؤسسات المالية نتيجة انكشافها على روسيا.
إفلاسات ممكنة
توضّح حركة الأسعار أنَّ فرص إفلاس أي بنك في أوروبا أصبحت ممكنة لأول مرة منذ أزمة ديون منطقة اليورو.
سيتنبّأ البنك المركزي الأوروبي لدى تحديث توقُّعاته الفصلية خلال اجتماعه هذا الأسبوع بانخفاض معدل النمو، وارتفاع أسعار المستهلك، غير أنَّ تشديد السياسة النقدية لن يؤثر لصالح تهدئة أسواق الطاقة، وستصبح مهمة البنك المركزي الأولى والأهم هي تجنّب سقوط منطقة اليورو في ركود اقتصادي.
لاغارد: "المركزي الأوروبي" سيتحرك في "الوقت المناسب" بنهجٍ تدريجي
إنَّ صناعة السياسة النقدية صعبة بما يكفي دون إضافة اضطرابات جيوسياسية. لا ينبغي على صنّاع السياسة أن يفعلوا أي شيء حالياً إلا المراقبة والانتظار، والحفاظ على تدفق السيولة النقدية في أسواق المال والقطاع المصرفي.