بلومبرغ
ربما تكون أطول تجربة في العالم من أسعار الفائدة السلبية على وشك الانتهاء؛ إذ يستعد المسؤولون في الدنمارك لاتباع نهج رفع تكاليف الاقتراض التي انتهجتها منطقة اليورو المجاورة.
مع إشارة مسؤولي "البنك المركزي الأوروبي" فجأة إلى التحول نحو سياسة أكثر تشدداً هذا الشهر؛ يتوقَّع الاقتصاديون الآن أن يرفع البنك الوطني في كوبنهاغن أسعار الفائدة بنفس وتيرة نظرائه في فرانكفورت حتى عام 2023. يمكن أن تتحول تكاليف الاقتراض المعيارية إلى إيجابية للمرة الأولى منذ عام 2014 .
من شأن ذلك أن يجلب نهاية حقبة شهدت ريادة الدنماركيين بنهج متطور تم اتباعه لاحقاً من منطقة اليورو إلى اليابان.
استجابت أسعار الأصول لذلك، ليتفوق مؤشر الأسهم القياسي في الدنمارك على مؤشر "ستوكس 600 الأوروبي" في ثماني سنوات من السنوات العشر الماضية، وارتفعت قيم المنازل 40% بين عامي 2014 و2021. وفي مرحلة ما؛ تحولت معدلات الرهن العقاري إلى سلبية.
كما هو الحال في أي مكان آخر؛ تركت السياسة المواطنين منقسمين حول التأثير. قالت البنوك، التي تعرضت أرباحها لضغوط متزايدة، في عام 2019، إنَّها ربما لم تعد تحمي المودعين الأفراد من معدلات فائدة الإيداع السلبية. وهذا ما دفع العملاء إلى إبطاء الادخار والاستثمار، في بعض الأحيان في الأصول ذات المخاطر العالية، مما أثار مخاوف بشأن تعرض الأسر لصدمات السوق.
قال فريدريك إنغولم، كبير المحللين الاستراتيجيين في مؤسسة "نيكريديت" (Nykredit) للخدمات المالية: "بالنسبة للكثيرين؛ كانت المعدلات السلبية خارجة عن المعهود، وأنا متأكد من أنَّ البنوك خصيصاً ستكون سعيدة لرؤيتها تختفي". ومع ذلك؛ أضاف: "عندما نرى المعدلات تسير باتجاه إيجابي مرة أخرى؛ هناك خطر من إمكانية تعرض بعض مالكي المنازل للضغط".
في سوق الرهن العقارية الاستثنائية في الدنمارك، تعمل البنوك كوسطاء، و يكسبون المال من تحصيل الرسوم التي زادت بشكل مطرد على مر السنين. وهذا أحد الأسباب التي جعلت محافظ البنك المركزي لارس روده يقول، إنَّه غير قلق بشأن قدرة البنوك على التعامل مع سياسة دون الصفر.
من جانبه؛ امتنع "البنك الوطني الدنماركي" - الذي لا يقدّم توقُّعات حول مساره لتكاليف الاقتراض - عن التعليق.
البنك | التوقيت المتوقع لتحول أسعار الفائدة الرئيسية إلى الإيجابية |
بنك جيسكي | الربع الثالث 2023 |
نورديا | الربع الثالث 2023 |
نيكريديت | الربع الثالث 2023 |
سيدبانك | الربع الرابع 2023 |
دانسكه بنك | لا توجد توقعات |
على الرغم من ذلك؛ قال المسؤولون، إنَّ المعدلات السلبية تعمل بشكل أو بآخر بالطريقة نفسها التي تعمل بها المعدلات المنخفضة جداً، وإنَّ "البنك الوطني الدنماركي" لم يكتشف بعد المدى الذي قد تنخفض إليه الفائدة.
خفّض البنك المركزي، الذي تركّز سياسته النقدية على استقرار الكرونة الدنماركية، لأول مرة أسعار الفائدة إلى ما دون الصفر في عام 2012. وأخذ البنك فاصلاً قصيراً في المنطقة الإيجابية في عام 2014 قبل أن يتراجع مرة أخرى عندما تحول "البنك المركزي الأوروبي" للفائدة السلبية. كما تبنى "البنك الوطني السويسري"، و"بنك السويد المركزي"، و"بنك اليابان" السياسة ذاتها.
في أوائل عام 2015؛ واجه روده الفترة الأكثر دراماتيكية خلال تجربة ما دون الصفر، عندما هاجم المستثمرون ربط الكرونة، وراهنوا على أنَّ هذا الربط سينكسر. عندها قاوم البنك المركزي عبر خفض أسعار الفائدة إلى 0.75%، والتخلص من 275 مليار كرونة (42 مليار دولار) في سوق العملات.
ربط العملة الدنماركية
يتمثل التفويض الرئيسي للبنك الوطني في الدفاع عن نطاق 2.25% حول سعر صرف 7.46038 مقابل اليورو. من الناحية العملية؛ تحمل التحركات في حدود 0.1% فقط. كما يستخدم البنك الوطني التدخلات في العملة، ويغيّر سياسته لسعر الفائدة بهدف توجيه الكرونة. وليس لدى البنك الوطني أي هدف للتضخم، على الرغم من أنَّ إحدى تفويضاته الأخرى هي "المساهمة في استقرار النظام المالي".
بالنظر إلى السياسة برمتها؛ يعتقد جان ستورب نيلسن - كبير المحللين في شركة "نورديا ماركتس" (Nordea Markets) التي يقع مقرها في كوبنهاغن- أنَّ نطاق ومدة هذه السياسة قد أظهرا مدى عزم الدنمارك على الحفاظ على استقرار عملتها.
يقول ستورب نيلسن: "أكد البنك المركزي الدنماركي رغبته في الذهاب إلى أبعد مما هو متوقَّع للدفاع عن ربط العملة... ربما كان المرء يتوقَّع أن ينقلب الدنماركيون ضد ربط العملة بسبب عواقب أسعار الفائدة السلبية؛ لكنَّنا لم نشهد ذلك على الإطلاق".