اقتصادات أوروبا تواجه مخاطر أكبر من الولايات المتحدة في الصراع مع روسيا

time reading iconدقائق القراءة - 13
الولايات المتحدة تسعى للتوصل مع أوروبا إلى عقوبات على روسيا إذا غزت أوكرانيا - المصدر: بلومبرغ
الولايات المتحدة تسعى للتوصل مع أوروبا إلى عقوبات على روسيا إذا غزت أوكرانيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لدى الاتحاد الأوروبي ما يخسره أكثر بكثير من الولايات المتحدة في الصراع مع روسيا، مما يُوضِّح سبب صعوبة توصّل الحلفاء الغربيين لاتفاق على موقف متشدد في المواجهة بشأن أوكرانيا.

حيث تُصنّف روسيا على أنها خامس أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي - فضلاً عن كونها أكبر مُورِّد للطاقة - بينما بالنسبة للولايات المتحدة، فهي بالكاد بين المراتب الثلاثين الأولى.

كما أن هناك فجوة مماثلة في الاستثمار، حيث تجذب روسيا الأموال من الأسماء التجارية الأوروبية، بما في ذلك "أيكيا"، و"رويال داتش شل"، و"فولكس واجن".

ومع ارتفاع التضخم وضغوط المستهلكين بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، يتحرك مسؤولو الاتحاد الأوروبي بحذر بشأن احتمال فرض عقوبات، فهم يريدون أن تشعر روسيا بألم أكثر من أوروبا بفعل الإجراءات التي تهدف إلى منع غزو أوكرانيا، كما أنهم قلقون من أن الحرب يمكن أن تخنق إمدادات الغاز الطبيعي في منتصف الشتاء عندما تكون هناك حاجة ماسة إليه.

في هذا الصدد، قال تيم آش، كبير محللي الأسواق الناشئة في "بلوباي أسيت مانجمنت"، لتلفزيون بلومبرغ: "تُعدّ أسعار الطاقة الأوروبية مصدر قلق كبير".

وأضاف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد أن "يخشى الاتحاد الأوروبي موضوع الغاز والبرد هذا الشتاء، ولا يريدهم أن يفعلوا أي شيء في حال قرر الذهاب إلى أوكرانيا".

أوروبا تدفع الثمن

إضافة إلى هذا التردد، هناك شعور بأنه بالنسبة للعقوبات المفروضة على روسيا في الماضي، خاصة بعد غزو القرم عام 2014، كانت اقتصادات الاتحاد الأوروبي وليس الولايات المتحدة هي التي دفعت الثمن.

بينما حذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن من أن الجيش الروسي قد يتحرك قريباً، فإن قادة الاتحاد الأوروبي مثل الفرنسي إيمانويل ماكرون يماطلون من أجل كسب الوقت.

من جانبها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك الأسبوع الماضي: "سيكون للعقوبات أفضل تأثير إذا كانت فعالة، والأمر يتعلق بالعقوبات التي لها تأثير حقيقي، وليست تلك الموجهة ضد الذات، بل الموجهة ضد روسيا بالأحرى".

على النقيض من ذلك، قال فيكتور زابو، مدير الصناديق في "أبردين أسيت مانجمنت" في لندن إن روسيا "مستعدة جيداً" للتغلب على أية عقوبات بعد اتخاذ خطوات لعزل نفسها عن الإجراءات التي قد تفرضها الولايات المتحدة.

كما قال زابو: "سيكون من الصعب إحداث مثل هذا الألم الذي نشعر به، فهو لن يدفع روسيا إلى الحافة".

[object Promise]

أزمة الطاقة

الطاقة هي أكثر مسألة حساسة؛ فالولايات المتحدة مُصدِّر صافٍ للطاقة، إلا أن الاتحاد الأوروبي يعتمد على الواردات، وروسيا هي المُورِّد الأول للنفط والغاز الطبيعي.

وفي الواقع، حذّر الاقتصاديون في "جيه بي مورغان تشيس آند كو" يوم الجمعة من أن ارتفاع أسعار النفط إلى 150 دولاراً للبرميل من شأنه أن يضر بالنمو ويُحفِّز التضخم.

ما من شكٍ في أن الغاز يُعتبر مسألة حساسة بشكل خاص حالياً، حيث أوقفت روسيا الإمدادات خلال الأشهر القليلة الماضية. وتضاعفت الأسعار ثلاث مرات، مما رفع تكلفة الكهرباء في جميع أنحاء القارة، وهذا هو السبب الرئيسي الذي يجعل أوروبا تعاني من صدمة طاقة أكبر من الولايات المتحدة.

يُشار إلى أن التصعيد مع روسيا بشأن أوكرانيا يمكن أن يجعل الأمر أسوأ. كما أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي عالقون في مأزق، لأن إنتاج الغاز المحلي آخذ في التراجع بينما بنتْ روسيا منشآت لتوريد المزيد.

فضلاً عن ذلك، أنفق مُصدِّر الغاز الروسي "غازبروم" وشركاء من بينهم "شل" مبلغاً قدره 9.5 مليار يورو (10.8 مليار دولار) على استكمال خط أنابيب "نورد ستريم 2"، وهم يريدون فتحه.

إلا أن العمل العسكري في أوكرانيا من شأنه أن يضع ذلك على المحك - وأية صفقات مستقبلية لتعزيز الإمدادات الروسية إلى المنطقة – مما سيؤدي إلى تفاقم نقص الطاقة في الاتحاد الأوروبي.

في حين قال ويليام جاكسون المحلل في "كابيتال إيكونوميكس": "لو فُرِضتْ عقوبات على صادرات الطاقة الروسية أو إذا استخدمت روسيا صادرات الغاز كأداة للضغط، فمن المحتمل أن ترتفع أسعار الغاز الطبيعي الأوروبي، ونعتقد أنها ستتجاوز بكثير الذروة التي وصلتْ إليها العام الماضي".

كما ستفيد العقوبات المفروضة على روسيا المُصدِّرين الأمريكيين الذين يسعون إلى شحن المزيد من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.

عقوبات محتملة

يقول كبير الاقتصاديين في "آي إن جي بنك أوراسيا"، دميتري دولجين، إن الولايات المتحدة وحلفاءها يمكن أن يضربوا روسيا بما يلي:

· عقوبات على التقنيات غير العسكرية، أو منع الوصول إلى التمويل الأجنبي للشركات.

· فرض حظر على شراء الصناديق الغربية للديون الحكومية، الأمر الذي يُكلّف روسيا 10 مليارات دولار في السنة.

· فرض حظر بأثر رجعي على المشاركة الأجنبية في ديون الدولة المحلية، بتكلفة 60 مليار دولار.

· وقف الوصول إلى نظام الدفع "سويفت" (Swift)، مما سيجعل من الصعب على روسيا تحصيل مدفوعات على صادرات بقيمة 535 مليار دولار سنوياً.

علاوةً على ذلك، تتعرّض الشركات الأوروبية للخطر بشكل أكبر لأنها استثمرت في روسيا أكثر من نظيراتها في الولايات المتحدة - واتسعت الفجوة في السنوات الأخيرة. كما تُعدّ روسيا أيضاً واحدة من أكبر مُصدِّري الألمنيوم، والنيكل، والصلب، والأسمدة.

كذلك تعمل شركات "أيكيا"، و"فولكس واجن"، ومصنع البيرة "كارلسبرغ" (Carlsberg) في روسيا. وكان بنك "يوني كريديت" الإيطالي يتطلع إلى عملية استحواذ هناك تجعله أكبر بنك أجنبي في البلاد – متجاوزاً "سوسيتيه جنرال"، و"رايفيزن" (Raiffeisen) النمساوي.

خسائر أوروبا من العقوبات

يُذكر أن أوروبا تأثّرتْ بشدة بالعقوبات السابقة التي استهدفت روسيا، فبعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014، اتفقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على نظام عقوبات.

لكن بعد ثلاث سنوات، وجدتْ دراسة أجراها معهد كيل للاقتصاد العالمي أنه بينما تكبّدت روسيا أكبر الخسائر التجارية، لم تكن ألمانيا بعيدة عنها كثيراً، وتضرّرت اقتصادات الاتحاد الأوروبي الأخرى أيضاً. في حين تقدّمتْ الولايات المتحدة بالفعل، وقد تبع نمط مماثل العقوبات على إيران.

يتفاخر السياسيون في الولايات المتحدة وأوروبا بالألم الاقتصادي الذي يمكنهم إلحاقه بروسيا؛ إلا أنهم التزموا الصمت بشأن "الحقيقة المزعجة" بأنه ستكون هناك عواقب عليهم أيضاً، وذلك وفقاً لتوم كيتنج، رئيس مركز دراسات الجرائم المالية والأمن في "معهد رويال يونايتد سيرفيسز" في لندن.

كما كتب كيتنج الشهر الماضي: "نادراً ما تتضمن العقوبات التي أصدرتها الدول الغربية الحاجة إلى قبول أي إيذاء ذاتي ذو مغزى؛ وقد يكون التأثير على اقتصادات المُصدِرين - لا سيما في الاتحاد الأوروبي - كبيراً".

تصنيفات

قصص قد تهمك