بلومبرغ
عندما تراجعت أسواق السندات العالمية في فبراير، انطلق مدير الصندوق "جون ستوفر" مُتنبئاً بانتعاش الأسعار، كي يشهد لاحقاً انهيار الأسعار مع تفشي جائحة فيروس كورونا، لكن "ستوفر" ظل يشتري.
يتذكر "ستوفر" في وقت سابق من هذا الشهر أن "ليس من الجيد أبداً الشراء من القاع أو عندما تتدهور الأمور"، مُستذكراً تلك المُكالمات الهاتفية المُتسرّعة لشركات المحافظ التي تتحقق من مقدار الأموال المُتبقية لديها.
ساعد البحث عن الصفقات مع قيام المستثمرين المذعورين بالضغط على زر البيع في صندوق الائتمان "تريبيكا فاندا آسيا" المملوك من قبل "ستوفر" وقيمته 50 مليون دولار، على تحقيق ما يقرُب من 21% هذا العام مع بدء التحفيز الحكومي -أعلى بكثير من مؤشر صندوق التحوط متعدد الإستراتيجيات الائتماني من بلومبرغ، الذي كان ثابتاً. ويُعتبر الصندوق من بين العديد من الصناديق المُتفائلة بشأن فرص التداول في السندات الآسيوية خلال العام المقبل -بما في ذلك السندات ذات التصنيفات غير الاستثمارية- بعد تحقيق عوائد خلال تقلبات هذا العام.
عائد نادر جداً
على الرغم من الارتفاع المفاجئ في حالات التخلف عن السداد وعودة انتشار الفيروس، يتوقع بعض المُستثمرين أن تقدم سوق الديون في آسيا عوائداً أعلى من نظرائها في أوروبا والولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن احتمال تراجع الدعم المالي وجهود الحكومة لإجبار شركات العقارات الصينية على تخفيض الديون سيجعل عام 2021 صعباً بالنسبة لصناديق الائتمان في المنطقة.
وتقول "راتشانا ميهتا" التي تساعد في إدارة فريق الدخل الثابت في "ماي بانك أسيت مانجمنت" في سنغافورة أنها: "ترى تدفقات الأموال تأتي إلى الائتمان الآسيوي لأنها لا تزال أرخص -وخاصة ذات العائد المُرتفع".
وقد ارتفع صندوق سندات العائد الإجمالي لـ"مايبانك بلوواترز Maybank Bluewaterz" بأكثر من 9% مُنذ يناير. وتقول "راتشانا": "لدينا فعلاً عائد إيجابي، وهو نادر جداً في بيئة المُعدّل السلبي هذه."
هُناك تصور خاطئ في السوق بأن الائتمان في آسيا أكثر خطورة بكثير من المناطق الأخرى، بينما أن البيانات لا تدعم ذلك
تظل شركة" تريبيكا" التابعة لـ"ستوفر" التي تدير شركتها الأم حوالي 1.7 مليار دولار، مُتفائلة بشكل مُشابه عندما يتعلق الأمر بآسيا. واحدة من صفقات "ستوفر" المُفضلة هي شركة التطوير العقاري الإندونيسي "ليبو كاراواشي Lippo Karawaci ". وعلى الرغم من تصنيفات "ستاندر آند بورز" وتقييمات "فيتش" الذين يعطيها نظرة سلبية، لكن في ظل قيام الشركة بخفض التكاليف وزيادة مبيعات العقارات هُناك، فإنه يُراهن على أنه يمكنه التغلب على الجمهور مرة أخرى.
يقول "ستوفر": "هُناك تصور خاطئ في السوق بأن الائتمان في آسيا أكثر خطورة بكثير من المناطق الأخرى، بينما أن البيانات لا تدعم ذلك، ويتم الدفع لك لقاء هذا التصور الخاطئ".
واليوم، ما يقرب من خُمس أموال "ستوفر" تقبع في سندات لتطوير العقارات الصينية مثل "سوناك تشاينا"، التي تخضع لأوامر للتخلي عن الديون. وهناك 20% أخرى في شركات السفر والترفيه التي ارتفعت بفضل اللقاحات. بالإضافة إلى ذلك يشغل "سوفر" أيضاً مناصب في في شركات العقارات الإندونيسية، ومُقدمي الطاقة المُتجددة ومُوردي البطاريات.
ارتفاع العائد
وفي هذا العام حتى 15 ديسمبر، حقق صندوق الائتمان "إل آند آر كابيتال L&R Capital" عائداً يصل 30% تقريباً بعد الرسوم. يتخذ هذا الصندوق من هونغ كونغ مقراً له، وتبلغ تكلفته 650 مليون دولار، ويركز على آسيا، وفقاً لما ذكره شخص مطلع على الأمر. ومن جانبه امتنع الرئيس التنفيذي للعمليات "فرانسيس تان" عن التعليق نيابةً عن الشركة التي يقودها "لي ران" وهو مدير السابق لمحفظة "ليمان براذرز القابضة".
وجاء جزء من العائد من الرهانات قصيرة الأجل في فبراير وأوائل مارس على الشركات التي لديها احتمالية عالية في تقلص السيولة أو صُعوبات في التدفق النقدي أو إعادة التمويل في الأشهر الستة إلى الاثني عشر المقبلة، حسبما قال شخص طلب عدم ذكر اسمه لأنه العائدات خاصة. وعلى سبيل المثال، قامت بالبيع على المكشوف لبعض سندات شركات السلع الآسيوية حيث أثّر الإغلاق على الطلب العالمي.
حتى 15 ديسمبر، حقق صندوق الائتمان "إل آند آر كابيتال L&R Capital" عائداً يصل 30% تقريباً بعد الرسوم
استفاد الصندوق أيضاً من اختلالات الأسعار على أساس القيمة النسبية، مثل مزاوجة المراكز طويلة الأجل في السندات ذات الجودة العالية وسندات العائد المرتفع الصينية المقوّمة بالدولار مع المراكز قصيرة الأجل في نظرائهم الإندونيسيين والهنود.
وكان يتم تداول ديون الشركات الصينية بالدولار ذات العائد المُرتفع بفروق أوسع عن سندات اليوان المحلية حتى في ظل تماسك الانتعاش الاقتصادي، بينما كانت التدفقات الخارجة من صناديق الأسواق الناشئة الخارجية تضغط على الائتمان الإندونيسي والهندي.
كما أنها اشترت بعض السندات التي بيعت بكثافة بعائد 15% أو أكثر، وتُراهن على أن لديها إمكانية عالية للإنتعاش في ظل تحسن الأساسيات. وعلى سبيل المثال، تحوّل الصندوق لفترة طويلة على بعض سندات السلع في أواخر مارس وأوائل أبريل، وتوقع بشكل صائب انتعاشاً في أسعار السلع الأساسية في النصف الثاني.
ملكية الصين
ووفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ، تخلّفت الشركات الصينية عن سداد حوالي 25 مليار دولار من السندات الداخلية والخارجية خلال هذا العام، وألغى المُقترضون نحو 92 مليار يوان من مبيعات السندات المخطط لها الشهر الماضي، وهي أكبر حصيلة منذ أبريل 2017.
وقالت "مونيكا هسياو" التي تشغل منصب كبيرة مسؤولي الاستثمار في صندوق الائتمان الآسيوي التابع لشركة "تريادا كابيتال" التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها، أن الصندوق قد حقق عائداً يبلغ أكثر من 10% حتى 11 ديسمبر الجاري. والتقط الصندوق سندات رخيصة خلال عمليات البيع في مارس، بما في ذلك "مجموعة إيفرغراند الصينية China Evergrande Group"و"كايزا غروب Kaisa Group"، ومرةً أخرى عندما قام المُستثمرون بالتخلص منهم في أواخر سبتمبر عندما واجهت "إيفرغراند" أزمة نقدية.
تخلّفت الشركات الصينية عن سداد حوالي 25 مليار دولار من السندات الداخلية والخارجية خلال هذا العام
قضمتان من التفاحة
تقول "هسياو": "كُنا نعتقد أن الأساسيات في العقارات الصينية ستستمر في العمل لدعم انتعاش سريع في الأسعار، وقد حصلنا على قضمتين من التفاحة في لعب هذه الأطروحة، وسنشهد خلال العام المُقبل المزيد من التمايز الائتماني الذي سيوفر المزيد من الفرص."
وكانت البنوك الأسترالية والعقارات الصينية من الرابحين الكبار لـ"راتشانا ميهتا " من" ماي بانك أسيت مانجمنت" حيث تقول "ميهتا" إن الديون السيادية الإندونيسية حققت أيضاً عوائد قوية، مُضيفةً أنها خفّضت بالفعل تعرضها للسندات ذات العائد المُرتفع مباشرة قبل بداية عام 2020 استعداداً لتراجع.
"الاحتياطي الفيدرالي أنقذ العالم"
عندما انهارت أسواق السندات في شهر مارس، تحركت "ميهتا" بسرعة للخروج من عدة مراكز، حتى عندما نتج عن ذلك خسارة، من أجل أن تتمكن من إعادة الانتشار بشكل أسرع من المنافسين أثناء التحوط من خلال التحول إلى السندات ذات المدة الأعلى. وقالت "ثم جاء بنك الاحتياطي الفيدرالي وأنقذ العالم".
ومع استمرار انخفاض الدولار الأمريكي بفضل التيسير الكمّي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي وأسعار الفائدة المُنخفضة بشكل قياسي، استُخدمت السيولة النقدية لشراء السندات السيادية بالعملة المحلية في أماكن مثل الفلبين، وتايلاند، وسنغافورة، وإندونيسيا. كما ظلت السندات الخضراء في الهند قوية وستكون هدفاً في العام المقبل.