الشركات الناشئة اليابانية تجذب الأموال الأجنبية بعد حملة الصين على التكنولوجيا

time reading iconدقائق القراءة - 16
تطبيق \"سوق ميركاري\" على أحد الهواتف الذكية - المصدر: بلومبرغ
تطبيق "سوق ميركاري" على أحد الهواتف الذكية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

باتت الشركات الناشئة في اليابان جذابة على نحو متزايد لاهتمام المستثمرين الأجانب، في وقتٍ شرعت البلاد في التخلص من شهرتها بأنها مشروع راكد خال من شركات الـ"يونيكورن".

شهدت أول ستة أشهر من عام 2021 فقط عمليات جمع تمويلات بما يزيد على 3 مليارات دولار، أي ثلاثة أضعاف قيمة المبلغ لنفس المدة الزمنية منذ خمسة أعوام، بحسب متتبع البيانات المحلي شركة "إنيشيال".

جاء ذلك بدافع من الاهتمام المتنامي من قبل المستثمرين الأجانب من ذوي رؤوس المال الضخمة، من بينها "سيكويا"، و"سوروس كابيتال"، وصندوق "بيتر ثيل فاوندرز فاند" - علاوة على ماسايوشي سون، الذي استحوذ صندوق "رؤية" الخاص به خلال العام الجاري على حصص في شركات يابانية ناشئة للمرة الأولى.

ومن العوامل التي شجعت شركات رأس المال المغامرة على التفتيش عن فرص استثمار في اليابان وأماكن أخرى، هو حملة الإجراءات التنظيمية الصارمة التي تستهدف قطاع التكنولوجيا في الصين.

أكد مستثمرون من بينهم سون، أن تفشي وباء فيروس كورونا جاء بمثابة منحة بالنسبة لبعض الجوانب، حيث عوضت اجتماعات تطبيق زووم جلسات التواصل وجهاً لوجه، وبات الموقع الحقيقي للشركة الناشئة يتمتع بأهمية أقل. يأخذ ذلك الاهتمام البعض إلى الحديث عن نقطة تحول على الساحة بالنسبة للشركات الناشئة المزدهرة داخل اليابان.

قال جيمس ريني، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "كورال كابيتال"، والتي تعتبر شركة رأس مال مغامر وتتخذ من طوكيو مقراً لها، عن مستثمرين كبار من الخارج: " من الناحية التاريخية كانوا يقومون بتجاهل اليابان ولا يهتمون بها". في الوقت الراهن "يوجد قدر كبير من الاهتمام باليابان باعتبارها سوق للشركات الناشئة"، على حد قوله.

فرص استثمارية واعدة

تمثل عملية استحواذ شهر سبتمبر الماضي التي نفذتها شركة "باي بال" القابضة على شركة "بايدي"، والتي تتخذ من طوكيو مقراً لها، وتعمل بنظام "اشتري الآن وادفع لاحقاً"، بقيمة 2.6 مليار دولار، إثباتاً لوجود فرص متوافرة للشركات اليابانية الناشئة والمستثمرين فيها.

ترددت أقاويل حول مضاعفة شركة "تابورن كابيتال مانجمنت" لاستثمارها في شركة "بايدي" بنحو 4 أضعاف في غضون سنتين فقط، حيث حقق أحد المستثمرين الذين بدؤوا الاستثمار مبكراً فيها عائداً وصل إلى 65 ضعفاً.

بدأ سون مؤسس مجموعة "سوفت بنك " كذلك، الذي شكك كثيراً في الشركات اليابانية، في تغيير وجهة نظره. كان مؤخراً في عام 2019 يهاجم رجال الأعمال في البلاد ويصفهم بـ"آكلي أعشاب" المفتقدين للطموح. بيد أنه مع وجود اضطراب في رهاناته الاستثمارية الصينية، انضم سون إلى تجمع من المستثمرين الساعين لتنويع الاستثمارات الخاصة بهم في أنحاء العالم.

خلال الشهرين الماضيين وحدهما، ضخ صندوق "رؤية" التابع لمجموعة "سوفت بنك" أول استثمارين له في شركات يابانية، حيث أتم صفقة شراء شركة "أكواليس فارما" المتخصصة في مجال التكنولوجيا الحيوية وشركة تشغيل سوق لتجارة الأحذية الرياضية "سودا".

قال سون في إفادة حول معدل الأرباح في شهر نوفمبر الماضي: "إنه لأمر مؤسف أن يتواجد عدد محدود للغاية من الشركات اليابانية وسط 3 آلاف شركة قمنا بدراستها". تابع: "إنني أرغب في زيادة الاستثمارات الخاصة بنا في اليابان".

اقتصاد اليابان ينكمش 3.6% في الربع الثالث بسبب قيود كورونا

طريق الوصول إلى طبقة النخبة

قالت شركة "كرانش بايس" إنه رغم أن قيمة مبلغ التمويل الذي جرى جمعه في طريقه لتسجيل عام قياسي، إلا أن قيمة مبلغ التمويلات التي جرى جمعها في اليابان ما تزال تمثل قدراً محدوداً من إجمالي تمويلات بلغ 288 مليار دولار حول العالم خلال النصف الأول من سنة 2021.

يُعدُّ سدُّ الفجوة مع الولايات المتحدة واحداً من الأهداف الخاصة برئيس الوزراء الياباني الجديد فوميو كيشيدا، الذي دعم بكل ما أوتي من قوة مجال أنشطة الشركات الناشئة.

دعت مجموعة، قام كيشيدا بتعيينها مكونة من قادة أعمال وأكاديميين، إلى اتخاذ إجراءات لدعم الشركات الحديثة. وقالت هذه اللجنة في تقرير لها أصدرته في شهر نوفمبر الماضي: "في حين تحصل الشركات الناشئة في الولايات المتحدة على استثمارات وفقاً لتوقعات النمو المستقبلي، إلا أن الطلب في اليابان ينصب على تحقيق الأرباح قصيرة الأجل، وهو ما يترك الشركات الناشئة تواجه صعوبة في الحصول على استثمار لتنمية أعمالها".

قال بول ماكينيرني، الشريك العام في صندوق رأس المال المغامر "إنكيوبيت فاند" إن الشركات الناشئة أيضاً مواقع عمل أشد جاذبية بالنسبة للجيل الأصغر الأقل هوساً بالطريق المهني الياباني التقليدي الحازم.

عوضاً عن الانضمام لجامعة مرموقة من أجل الحصول على وظيفة تتميز بالأمان في مؤسسة تجارية أو مصرف، أصبح الشباب في اليابان لديه طموح أكبر من أجل الاستعداد لتحمل مخاطر العمل في شركات حديثة بهدف الحصول على عمل في مشروعات يحبونها.

قال ماكينيرني: "إن فكرة طريق الوصول لطبقة النخبة في اليابان تشهد تغيراً سريعاً بطريقة أكبر بكثير مما يدركه الناس".

شركات يونيكورن خفية

وبينما كان لدى اليابان مشروع واحدٍ فقط بلغت قيمته مليار دولار خلال عام 2016، بحسب شركة "سي بي إنسايتس"، فإنها تعتبر حالياً مقراً لستة شركات، تشمل شركة "سبيبير" التي تعمل في مجال المواد الحيوية الاصطناعية الممولة من مجموعة "كارلايل"، وشركة تطوير الذكاء الاصطناعي "بريفيرد نيتوركس" الشركة الناشئة الأعلى قيمة في البلاد.

ويشير آخرون إلى أن اليابان لديها فعلياً عدد من الشركات الناشئة التي تفوق قيمتها مليار دولار أكبر بكثير مما يعلم عنه كثيرون. في الأغلب تصل شركة "اليونيكورن الخفية"، كما وصفها ريني وماكينيري، إلى هذه القيمة عقب مرور وقتٍ قصير من عملية طرحها العام الأولي بالبورصة.

قال سويشيرو سويمي مينامي، مؤسس شركة "فيجنال" (Visional Inc): "في حال قمت بإحصاء كافة الشركات التي كانت موجودة قبل فترة تقل عن 10 أعوام، والتي جرى طرحها للاكتتاب العام بالبورصة، وتصل قيمتها لما يزيد على مليار دولار، فستشاهد المزيد".

بجانب شركات على غرار "ماني فوروارد" و"فريي كيه كيه"، تعد شركة "فيجينال" أحد المشروعات التقنية التي جرى طرحها للتداول في أسواق الأسهم خلال السنوات الأخيرة وحققت قيمة تفوق المليار دولار.

أوضح مينامي أن مقارنة عدد شركات يونيكورن الخاصة في اليابان بنظيرتها في الخارج يُعدُّ "نوعاً من الظلم"، مع أخذ مدى يسر عملية إدراجها في اليابان في الحسبان.

وفي إمكان الشركات أن تصبح مطروحة للتداول بمجرد إدراجها في لوحة مؤشر "مازرز" لتداول الشركات الناشئة بقيمة سوقية تصل إلى 4.4 مليون دولار فقط. جرى إدراج عدد قياسي من الشركات خلال شهر ديسمبر الجاري، أغلبيتها ذات تقييمات محدودة.

قالت كاثي ماتسوي، نائبة الرئيس السابقة في بنك "غولدمان ساكس اليابان"، وهي حالياً الشريك العام في شركة "إم باور بارتنرز": "يوجد كثير من الشركات في حاجة خلال تلك المرحلة التالية إلى رأس المال، بيد أنه في ظل عدم وجود وفرة من رأس المال المغامر أو مستثمرين راغبين في تقديم رأس المال في تلك المرحلة التالية، فإن لديهم ميلاً كبيراً لطرح أسهمهم للاكتتاب العام". أضافت خلال فعالية في الأسبوع الجاري: "يجري الإعلان في كثير من الأوقات عنها مبكراً".

أول 10 مليارات دولار؟

هبط مؤشر "مازرز" للأسهم الناشئة بنسبة 16% في عام 2021، في مقابل تحقيق مكاسب في مؤشر ناسداك بنسبة 18%. حتى في حال تجاوز الأداء الحد، في وقتٍ تهيمن فيه على المؤشر شركة "ميركاري" للتطبيقات المستعملة في سوق السلع المستعملة والرخيصة، والتي ربما تكون هي الشركة الناشئة التي حققت النجاح الأكبر في اليابان. وتشكل ما يصل إلى 15% من مؤشر "مازرز" وصعدت بنسبة 43٪ خلال العام الحالي.

يجري تداول شركة "ميركاري" بقيمة 9 مليارات دولار وهي مثال نادر لشركة يابانية ناشئة حققت نجاحاً في الولايات المتحدة، حيث تقوم بشراء حقوق الإعلانات في أثناء بطولة "سوبر بول". جنت الشركة نحو 17% من الإيرادات الخاصة بها من الولايات المتحدة في السنة المالية السابقة لها.

رغم ذلك، ما تزال أكبر الشركات الناشئة اليابانية هزيلة بالمقارنة بنظيرتها في خارج البلاد. تصل قيمة شركة "بايت دانس" الصينية، التي تدير منصة "تيك توك"، إلى 140 مليار دولار، بحسب شركة "سي بي إنسايتس".

من غير الممكن أن تدخل الشركات اليابانية الناشئة في تحدٍ من حيث الوصول على مستوى العالم والتقييمات على غرار شركة "ستريب " أو "سبوتيفاي تكنولوجي" في أي وقتٍ قريب.

يفتقر مؤسسو الشركات الناشئة في اليابان في أغلب الأحيان إلى المعرفة الثقافية التي يحتاجونها للمنافسة في الغرب، في حين يسهم حجم السوق المحلية في جعلهم أثرياء تماماً دون وجود حاجة إلى إجراء معاملات مع الأسواق الأخرى. في ظل الوصول لمزيد من النتائج المتأخرة على غرار سون ومستثمرين دوليين آخرين من الممكن أن تساعد البلاد على تبني خطوات تالية خاصة بها.

قال ريني: "لدي اعتقاد فعلاً أنها ستتحقق نتائج تصل قيمتها إلى 10 مليارات دولار في سوق الشركات الناشئة في اليابان". كما لديه توقع بأن تظهر شركة "ديكاكورن"، وهي شركة ناشئة خاصة تصل قيمتها إلى 10 مليارات دولار، في غضون الفترة التي تمتد من الأعوام الثلاثة إلى الخمسة القادمة.

تصنيفات

قصص قد تهمك

بنك اليابان يسحب التحفيز النقدي خلسة تفادياً لإرباك الأسواق

time reading iconدقائق القراءة - 11
هاروهيكو كورودا، محافظ بنك اليابان - المصدر: بلومبرغ
هاروهيكو كورودا، محافظ بنك اليابان - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يستخدم بنك اليابان المركزي أسلوباً أكثر تخفياً من أقرانه في وقف برامج التحفيز النقدي الخاصة بجائحة كورونا دون أن يُحدث ارتباكاً في الأسواق.

مثل بنك اليابان، يعقد بنك الاحتياطي الفيدرالي وبنوك أخرى اجتماعات هذا الأسبوع.

اليابانيون على بعض الجبهات متقدمون فعلاً عن بقية البنوك، بعد أن قاموا بتخفيض حاد في مشتريات صناديق المؤشرات وتقليل شراء سندات الشركات.

أُعلن عن التحركات المتعلقة بصناديق المؤشرات بعد وقوعها فعلاً في مارس الماضي. أما تخفيض شراء ديون الشركات الذي يجري حالياً بالفعل فقد يعلن عنه رسمياً في يوم الجمعة القادم.

في تعارض صارخ مع أسلوب الاحتياطي الفيدرالي الذي يعتمد البث الكثيف لنواياه حتى يتجنب تكرار رد الفعل العنيف الذي حدث في عام 2013 على تخفيض برامج التيسير الكمي، فإن بنك اليابان المركزي يفعل أولاً ثم بعد ذلك يقوم بتشخيص ما فعل إذا حدث ذلك من الأساس.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

مساحة للمناورة

يساعد أسلوب حاكم بنك اليابان هاروهيكو كورودا على تعظيم مساحة المناورة أمام البنك بتكلفة يمكن تحملها دون أن يقلب الأسواق رأساً على عقب.

قال هيديو كومانو، كبير الاقتصاديين التنفيذي لدى معهد الأبحاث "داي-إيتشي لايف ريسيرش إنستيتيوت": "إن حديث تخفيض برامج التيسير برمته أمر يتجنبه بنك اليابان. بطريقة ما يمكن أن نقول إنهم يفعلون ما يفعلون بطريقة جيدة".

أطلق كورودا دفعة من قذائف التيسير الكمي في عام 2013 حتى يرفع معدل التضخم في اليابان وراكم أكواماً من الأصول تزيد قيمتها على حجم الاقتصاد، غير أن الطبيعة الهجومية لبرنامجه جرت تهدئتها منذ فترة طويلة بعد ذلك.

الحد من شراء السندات

أوقف بنك اليابان المركزي برنامج شراء السندات السنوي الذي تبلغ تكلفته 80 تريليون ين (700 مليار دولار) بعد إطلاقه بأربع سنوات، واشترى كميات أقل كثيراً من هذا الرقم. ووفق بيانات البنك انخفضت حيازته من السندات منذ بداية هذا العام.

رغم الاندفاع العنيف في شراء صناديق المؤشرات المتداولة في ذروة اضطرابات السوق بسبب الجائحة، لم يكن بنك اليابان في سبيله إلى شراء ما يعادل 6 تريليونات ين منها منذ عام 2018، وقد تخلى عن هذا المستهدف في مارس من العام الحالي.

وانخفضت حيازة البنك من سندات ديون الشركات منذ ديسمبر من سنة 2020.

عبر تجنب السجال التقليدي حول وقف التيسير الكمي، فإن سياسة بنك اليابان التي اعتمدت التخفيف خلسة أتاحت له مجالاً لكي يراكم مشترياته مرة أخرى عند الحاجة.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

سحب التيسير الكمي

عمد كورودا عدة مرات إلى تفنيد فكرة أن البنك يقوم بأي سحب لسياسة التيسير الكمي، مشيراً إلى أن مجرد مناقشة الفكرة أمر سخيف عندما يكون التضخم في اليابان -خلافاً عن الاقتصادات الأخرى الكبيرة- أبعد كثيراً من المستوى المستهدف ونسبته 2%. فقد ارتفعت أسعار المستهلك الرئيسية بنسبة 0.1% فقط في شهر أكتوبر.

منهج البنك المركزي الأكثر مرونة في شراء الأصول يساعده في خفض الآثار الجانبية حتى يستطيع أن يستمر في الشراء على المدى الطويل، كما ذكر بنك اليابان.

استمرت استراتيجية بنك اليابان بدون أن تربك الأسواق، رغم أن المستثمرين لم يبلعوا دائماً توصيفه لما يتخذ من إجراءات.

إن منهج بنك اليابان يتسم بمرونة أكبر من البنوك المركزية الأخرى في الأسواق المتقدمة، بحسب فريا بيميش، رئيسة بحوث الاقتصاد الكلي لدى شركة "تي إس لومبارد" للاستشارات.

قالت بيميش: "ذلك المنهج سهل للبنك الانسحاب المبكر خلسة، في مقابل موقف الاحتياطي الفيدرالي الآن الذي يتطلب تسريع سحب سياسات التحفيز النقدي مع ضرورة أن يعلن ذلك بطريقة لا تتسبب في أزمة بأسواق الأسهم".

في نهاية المطاف، يدرك الفاعلون في السوق أن الأفعال أعلى صوتاً من الأقوال.

قال هيديو هاياكاوا، كبير الاقتصاديين سابقاً لدى بنك اليابان: "من السهل معرفة ما يفعل البنك المركزي عن طريق المشاهدة بدلاً من الاستماع. وبطريقة ما، ينتهى بنك اليابان من سحب سياسة التيسير الكمي منذ فترة".

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.