بلومبرغ
شهد الاقتصاد الصيني مزيداً من التباطؤ خلال شهر نوفمبر الماضي، مدفوعاً بتدهور الأوضاع في السوق العقارية، والاضطرابات جراء تفشي فيروس كوفيد المتجدد، وهو ما يؤدي إلى تقليص حجم إنفاق المستهلكين.
هبط معدل نمو الاستثمار في الأصول الثابتة إلى 5.2% خلال الـ 11 شهراً الأولى من العام الجاري. وحقق الاستثمار في القطاع العقاري نمواً بنسبة 6% في المدة الزمنية نفسها، متراجعاً من نسبة 7.2% خلال المدة الزمنية من شهر يناير إلى شهر أكتوبر الماضيين، في حين بقيت قواعد التمويل متشددة، وهبطت مبيعات المنازل.
دعم الاستقرار الاقتصادي
تُلقي هذه البيانات الضوء على الضغوط الهبوطية التي يتعرض لها الاقتصاد، والقادمة من قطاع العقارات، وحجم المصاعب الذي تتعرض لها الحكومة الصينية إزاء تحقيق حالة من الاستقرار لثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم.
نقلت بكين في الآونة الأخيرة تركيزها صوب تحقيق نمو مستقر، في حين عمل البنك المركزي على تيسير السياسة النقدية، وأصدر الحزب الشيوعي أوامره بضخ إنفاق مالي على نحو أكثر خلال سنة 2022.
أوضح بروس بانغ، رئيس وحدة أبحاث الاقتصاد الكلي والاستراتيجية في شركة "تشاينا رينيسانس سيكيوريتيز هونغ كونغ" قائلاً: "سيشهد الاستثمار والاستهلاك تعافياً عندما يحدث استقرار في التوقُّعات".
وأضاف: "وفقاً لهذا السبب؛ يوفر المسؤولون سياسات دعم أكثر، وحزم تحفيز مالي لوضع مخططات لتحقيق مثل هذه التوقُّعات".
تخفيف القيود
صعد الناتج الصناعي بنسبة 3.8% بالمقارنة مع السنة الماضية، وهو معدل أسرع من نسبة 3.5% المسجلة في شهر أكتوبر الماضي، بيد أنَّ السوق العقارية تضيف من العبء على هذا القطاع أيضاً.
هبطت مبيعات العقارات السكنية والمساحات المخصصة للأغراض السكنية المنشأة حديثاً بنسبة 20% تقريباً بالمقارنة مع السنة الماضية، كما تراجع إنتاج السلع المرتبطة بالعقارات على غرار الإسمنت والصلب.
في حين تشير التوقُّعات إلى أنَّ بكين ستقدّم ائتماناً أكثر، وتنوه إلى حدوث قدر من التخفيف في القيود على السوق العقارية من أجل تعزيز حالة "الاستقرار"، أصر المسؤولون الأسبوع الماضي على موقفهم الأساسي القائم على أنَّ "المساكن جرى تخصيصها للمعيشة فيها، وهي غير مخصصة للقيام بالمضاربة عليها".
تراجع الاستهلاك
تراجع معدل نمو مبيعات التجزئة إلى 3.9% خلال شهر نوفمبر، وهو ما خالف توقُّعات خبراء الاقتصاد بوصول نسبة الزيادة إلى 4.7%. هبطت مبيعات قطاع المطاعم، وشركات المواد التموينية بنسبة 2.7%، فقد استمر الأشخاص في البقاء في منازلهم وسط موجة تفشي فيروس كورونا المتجددة.
هبط معدل الاستهلاك برغم الدعم من قبل مستوى المبيعات القوي في فترة مهرجان التسوق "يوم العزاب".
خلال وقت مبكر من يوم الأربعاء، احتفظ البنك المركزي الصيني بسعر الفائدة الأساسي على القروض لمدة سنة واحدة للبنوك دون تعديل، وقام فقط بإعادة جدولة ما يزيد على نصف الديون المستحقة، وسحب السيولة النقدية من الاقتصاد.
برغم ذلك؛ فإنَّ تقليص نسبة متطلبات الاحتياطي النقدي لدى البنوك، الذي جرى الإعلان عنه مؤخراً أصبح ساري المفعول بداية من يوم الأربعاء، مما سيرفع من حجم الأموال التي تكون في حوزة المؤسسات المالية المخصصة للإقراض.
[object Promise]تحديات أمام التعافي الاقتصادي
قال المكتب الوطني للإحصاء في بيان له، إنَّ "البيئة الدولية باتت معقدة وتشاؤمية على نحو متنامٍ، وما تزال توجد قيود كثيرة تعرقل التعافي الاقتصادي على الصعيد المحلي".
وأضاف: يتعين علينا "التوفيق بين التغييرات في السياسة الكلية الشاملة للدورات الاقتصادية التي تحدث بصفة دورية، والسياسات المضادة للتقلبات التي تحدث بطريقة دورية من أجل تحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلي عموماً".
شهدت حركة الأسهم تغيرات بطريقة محدودة عقب صدور البيانات، فقد هبط مؤشر "سي إس أي 300" بنسبة تصل إلى 0.2% عند الساعة 10:38 صباحاً. وجاء العائد على السندات الحكومية فئة استحقاق 10 سنوات ثابتاً عند نسبة 2.88% تقريباً، وصعد سعر صرف اليوان بنسبة أقل من 0.1% ليسجل 6.3641 مقابل الدولار.
حقق الاستثمار في البنية التحتية، والذي يعتبر حلقة أخرى ضعيفة في التعافي البطيء في الصين خلال السنة الحالية، نمواً بوتيرة أشد بطئاً بنسبة 0.5%. عززت الحكومات المحلية من جهودها المتعلقة باقتراض الأموال، وإطلاق مشروعات حديثة، وأعطت بكين الإذن للمسؤولين بالشروع في عمليات بيع سندات خلال السنة القادمة اعتباراً من الأول من شهر يناير المقبل بهدف الإسراع بوتيرة الإنفاق.
صعد معدل البطالة الذي جاء في استطلاع الرأي إلى نسبة 5%، في حين هبط متوسط عدد ساعات العمل خلال الأسبوع الواحد إلى 47.8 ساعة بالمقارنة مع الرقم القياسي 48.6 في شهر أكتوبر الماضي. وصعد معدل البطالة للفئة العمرية التي تترواح بين 16 و24 سنة بنسبة محدودة ليصل إلى 14.3% بدلاً من 14.2%.
قال ريموند يونغ، كبير خبراء الاقتصاد في الصين الكبرى في مجموعة "أستراليا ونيوزيلندا" المصرفية: "يبقى الاستهلاك المحلي متراجعاً في ظل مبيعات التجزئة المحبطة".
وأضاف: "يثير الصعود المتنامي في معدل البطالة القلق. ويتعين على المسؤولين توفير دعم أكثر، وإعطاء إشارة أشد قوة للسوق".