الشرق
يتوقَّع البنك الدولي أن تعود اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي إلى مسار النمو لتحقق نمواً كلياً بنسبة 2.6% في عام 2021. بحسب تقرير البنك الدولي عن آخر المستجدات الاقتصادية لمنطقة الخليج الصادر اليوم الخميس.
أكد التقرير أنَّ التعافي القوي في هذه البلدان، الذي يعود إلى نمو القطاعات غير النفطية، والارتفاع الذي شهدته أسعار النفط؛ سوف تتسارع وتيرته خلال عام 2022 بالتوازي مع الإلغاء التدريجي لتخفيضات إنتاج النفط وفقاً لاتفاق أوبك+، وتحسّن الثقة لدى مؤسسات الأعمال، وجذب استثمارات إضافية. وقلّصت الظروف المواتية في سوق النفط من الاختلالات التي طالت حسابات المالية العامة، والحسابات الخارجية لهذه البلدان، مع انتعاش عائدات صادراتها. وبرغم ذلك؛ فإنَّ الآفاق المستقبلية متوسطة الأجل تبقى عرضة للمخاطر الناشئة عن التباطؤ في وتيرة التعافي العالمي، وتجدّد تفشي فيروس كورونا، وتقلبات قطاع النفط.
فاتورة الأجور
أكد البنك الدولي على وجوب معالجة فاتورة الأجور، وهي مقدار الإنفاق الحكومي في دول مجلس التعاون الخليجي على الرواتب والمزايا التي تمنحها للموظفين الحكوميين. وتُعتبَر وظائف القطاع العام ذات الأجور العالية جزءاً من العقد الاجتماعي السائد في المنطقة، بالإضافة إلى الرعاية الصحية المجانية، والتعليم، ومزايا الضمان الاجتماعي، ودعم المرافق والإسكان، وهي المزايا التي غالباً ما يحظى بها المواطنون أيضاً.
قال عصام أبو سليمان، المدير الإقليمي لدائرة دول مجلس التعاون الخليجي بالبنك الدولي: "مع ما تشهده دول مجلس التعاون من الارتفاع في معدلات النمو السكاني، والخيارات المحدودة التي يوفرها القطاع الخاص؛ باتت فاتورة الأجور غير مستدامة في بعض هذه الدول، بما أنَّها تشكل جزءاً كبيراً من الإنفاق الحكومي، ومن الاقتصاد بشكل عام. ونظراً إلى التحسن في وضع المالية العامة لهذه الدول؛ فقد أصبحت الفرصة سانحة لحكوماتها لتسريع وتيرة تنفيذ أجندتها الإصلاحية، وتحقيق الأهداف التي سبق ووضعتها لنفسها".
ووفقاً لما أورده التقرير؛ فقد تجاوز متوسط فاتورة الأجور في مجلس التعاون الخليجي خلال العقدَيْن الماضيَيْن متوسطها في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، باستثناء قطر والإمارات العربية المتحدة. ولدى العديد من دول مجلس التعاون الخليجي قطاعات عامة تتوافق مع معايير الحجم السائدة في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من ناحية عدد الموظفين. ومع ذلك، يتقاضى الموظفون الحكوميون بدول المجلس علاوة أجور تتراوح بين 50% و100%، ممّا يؤدي إلى ارتفاع فاتورة الأجور مقارنة بإجمالي الناتج المحلي، وإجمالي الإنفاق العام في هذه الدول.
استحداث ضرائب
ويرصد التقرير أيضاً أنَّه، وبالرغم من تدهور أسعار النفط؛ فقد ارتفع الإنفاق على فاتورة الأجور، كما ارتفعت أعداد من تم توظيفهم في القطاع العام بشكل ملحوظ. على سبيل المثال، خصَّصت موازنة الكويت لعام 2022 مبلغ 12.6 مليار دينار كويتي (حوالي 42 مليار دولار أمريكي) للرواتب والمزايا، أي ما يعادل 55% من إجمالي نفقاتها. وثمة دول أخرى في مجلس التعاون الخليجي في الموقف نفسه، فقد تضاعفت فاتورة الأجور في سلطنة عمان في العقد الماضي بالرغم من الجهود الحكومية لوضع حدٍّ لنموها. وارتفعت المخصصات التي تمنحها المملكة العربية السعودية لموظفي الخدمة المدنية من 44 مليار ريال سعودي في عام 2016 إلى 148 مليار ريال سعودي في عام 2019، وهي اليوم تتجاوز ثلث إجمالي فاتورة الأجور الحكومية.
ووفقاً للتقرير، تضيف فاتورة الأجور المرتفعة ضغوطاً مفرطة على موازنات دول مجلس التعاون الخليجي، لا سيّما في الدول التي تعاني من قلة الموارد، ومحدودية هوامش الأمان المتاحة في ماليتها العامة. ونتيجةً لذلك؛ لجأت معظم هذه الدول إلى استحداث قواعد ضريبية أو توسيعها، وتقليص المزايا المالية، والنظر في منح خيارات التقاعد المبكر إلى بعض موظفيها.