بلومبرغ
ارتفعت الأسعار التي دفعها المستهلكون الأمريكيون في سبتمبر لأكثر من المتوقَّع، مستأنفة وتيرة النمو الأسرع، ومؤكِّدة على استمرار الضغوط التضخمية في الاقتصاد.
صعد مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.4% عن أغسطس، وفقاً لبيانات وزارة العمل الصادرة يوم الأربعاء، وعلى أساس سنوي، ازداد المؤشر بنسبة 5.4%، وهو أكبر ارتفاع سنوي منذ عام 2008.
وباستثناء مكوِّنات الغذاء والطاقة المتقلِّبة؛ ارتفع ما يسمى بالتضخم الأساسي بنسبة 0.2% عن الشهر السابق.
قفزة في تكاليف الإنتاج
وأدت مجموعة من تحديات الشحن غير المسبوقة، ونقص المواد، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وازدياد الأجور إلى صعود حادٍّ في التكاليف على المنتجين، ومرر الكثيرون منهم جزءاً من هذه التكاليف إلى المستهلكين، مما قاد إلى تضخمٍ مستمر أكثر مما توقَّعه العديد من الاقتصاديين، بمن فيهم أولئك الذين فيالاحتياطي الفيدرالي.
ويأتي الارتفاع في نمو الأسعار الشهر الماضي من تكاليف الغذاء والمسكن، في حين هدأت مقاييس أسعار السيارات، والشاحنات المستعملة، والملابس، وأسعار تذاكر الطيران.
وافتتحت الأسهم الأمريكية جلستها على ارتفاع، في حين انخفض العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، وكان متوسط توقُّعات الاقتصاديين في استطلاع أجرته "بلومبرغ" يشير إلى تحقيق مكاسب شهرية بنسبة 0.3% في المقياس العام، فضلاً عن تقدُّم بنسبة 0.2% في معدل التضخم الأساسي.
الفنادق والإيجارات
تعكس بيانات مؤشر أسعار المستهلكين تيارات متقاطعة في الاقتصاد، وانخفضت أسعار الفنادق، مما يعكس تأثير متحوِّر "دلتا" على السفر، لكنَّ التضخم يتسع ليتجاوز حتى الفئات المرتبطة بإعادة الفتح، وقالت "بلومبرغ إيكونوميكس" في مذكرة: هذا "مقلق" من وجهة نظر الاحتياطي الفيدرالي.
بدأت أسعار المنازل المرتفعة تتسرَّب حالياً إلى البيانات، وقفز إيجار المسكن الأساسي بنسبة 0.5%، وهي أعلى قفزة منذ 2001، في حين سجل مقياس الإيجار المكافئ لأصحاب المنازل أكبر زيادة في خمس سنوات.
كما أنَّ تكاليف المسكن، التي يُنظر إليها على أنَّها مكوِّن أكثر هيكلية في مؤشر أسعار المستهلكين، وتشكِّل حوالي ثلث المؤشر الإجمالي؛ يمكن أن تثبت أنَّها رياح خلفية أكثر ديمومة للتضخم.
استبعاد فرضية "التضخم المؤقت"
وتساهم المكوِّنات غير المرتبطة بإعادة الفتح في مؤشر أسعار المستهلكين بشكلٍ أكبر في زيادة سبتمبر.
ومن المرجح أن يعزز التقرير اتجاه الفيدرالي إلى بدء تقليص مشترياته من الأصول قريباً، خاصة أنَّ تحديات سلسلة التوريد التي أضرَّت بالشركات تظهر علامات قليلة على الانحسار، وستوفِّر تفاصيل اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الشهر الماضي مزيداً من الأفكار حول وجهات نظر صانعي السياسة تجاه التقدُّم المحرز في التوظيف، وأهداف التضخم، وما يعنيه لتقليص المشتريات.
وقال إيان شيبردسون، كبير الاقتصاديين في "بانثيون ماكرو إيكونوميكس"، في مذكرة: "من الآن وعلى المدى المتوسط، يتعيّن على المستثمرين الاستعداد للبيانات التي ستبدو، على الأقل، تهديداً لقصة التضخم "المؤقت".
بعد البيانات، ولفترة وجيزة، سعّرت مقايضات أسعار الفائدة لليلة واحدة رفعاً للفائدة في سبتمبر 2022 قبل دفعها إلى نوفمبر.
وأظهر التقرير أنَّ المستهلكين الأمريكيين يشهدون أيضاً ارتفاعاً في أسعار السيارات الجديدة، والمفروشات، واللوازم المنزلية، التي ارتفعت بنسبة 1.3%، وفي المستقبل، من المتوقَّع أن تأخذ أسعار الطاقة المرتفعة جزءاً إضافياً من رواتب العمال.
وأظهر استطلاع أجراه الفيدرالي في نيويورك يوم الثلاثاء الماضي أنَّ توقُّعات المستهلكين الأمريكيين للتضخم استمرت في الارتفاع في سبتمبر مع تسارع توقُّعات عام، و3 أعوام إلى مستويات قياسية.
القوة الشرائية
في حين زادت الأجور في الأشهر الماضية، أدى ارتفاع أسعار المستهلكين إلى تآكل القوة الشرائية للأمريكيين، وأظهرت بيانات منفصلة يوم الأربعاء أنَّ متوسط الدخل المعدّل للساعة حسب التضخم، ارتفع بنسبة 0.2% في سبتمبر مقارنة بالشهر السابق، لكنَّه انخفض بنسبة 0.8% عن العام الماضي.
قالت إدارة الضمان الاجتماعي، يوم الأربعاء، إنَّه للمساعدة في تخفيف تأثير الأسعار المرتفعة، سيشهد أكثر من 64 مليون متقاعد أمريكي ممن يحصلون على بدل الضمان الاجتماعي زيادة بنسبة 5.9% في مدفوعاتهم الشهرية في عام 2022.
قال جيسون فيشتنر، كبير الاقتصاديين في مركز سياسة الحزبين: "في شهر يناير، يمكن للمستفيدين أن يتوقَّعوا رؤية واحدة من أكبر الزيادات في المدفوعات الشهرية، وليس في فترة استفادتهم من البرنامج فقط، وإنَّما هي أكبر زيادة في الأربعين عاماً الماضية".