الشرق
حذّر صندوق النقد الدولي من تزايد التهديدات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، وتأتي على رأسها سلالة "دلتا" المتحولة سريعة الانتشار وتأثيرها المتزايد على قطاع التوظيف، بالإضافة لاضطراب سلاسل التوريد وتسارع التضخم وارتفاع تكاليف الغذاء والوقود.
خلال لقاءٍ خاص مع "الشرق"، رأت غيتا غوبيناث، كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، أن زخم التعافي من عام 2020 أصبح أضعف حالياً، والسبب في ذلك يرجع إلى متحول "دلتا" الذي أثر بشكل كبير على عودة الناس إلى سوق العمل، وأضعف نشاط قطاع الخدمات الذي يتطلب تواصلاً بين الناس.
في تقريره الصادر مؤخراً، توقّع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 5.9% خلال 2021، وذلك بانخفاض قدره 0.1 نقطة مئوية مقارنة بـتوقعات الصندوق الصادرة في يوليو، ليرتد بذلك من انكماش قدره 3.1% في 2020.
بينما أبقى الصندوق على توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد العالمي عند 4.9% في عام 2022، وفق أحدث تقاريره عن آفاق الاقتصاد العالمي.
عوائق النمو
بحسب غوبيناث، فإن اضطرابات سلاسل التوريد تزايدت حدتها بسبب الجائحة وعوامل الطقس المتطرفة، وشكّلت مشاكل التوريد سبباً إضافياً أثّر على تخفيض الصندوق لتوقعات النمو بالنسبة لكل من أمريكا واليابان.
وكان صندوق النقد الدولي خفض توقعاته في عام 2021 لنمو الولايات المتحدة الأمريكية بنقطة مئوية كاملة إلى 6%، لكنه رفع تقديراته لعام 2022 إلى 5.2% من 4.9%.
كما توقع الصندوق أن ينمو اقتصاد الصين بمعدل 8% خلال 2021 و5.6% في عام 2022. كذلك رفع الصندوق توقعاته لمنطقة اليورو إلى 5% العام الحالي من 4.6%، وأبقى على تقديراته لعام 2022 عند 4.3%.
وبرغم تخفيض توقعاته لمعدلات النمو في اليابان وبريطانيا وألمانيا وكندا خلال 2021، إلا أن صندوق النقد الدولي رفع توقعاته لعام 2022.
الأفق الزمني
تتوقع غوبيناث أن "تستمر الزعزعة في سلاسل التوريد وضغوط الأسعار حتى العام المقبل، ولكن بحلول أواسط العام المقبل سيكون العالم في وضع أفضل، حيث سنكون قد تعاملنا مع بعض هذه المشاكل". وأضافت: "بالنسبة لأسعار الطاقة، فنحن نتوقع لها أن تتراجع في أواسط العام المقبل أيضاً".
ويتوقع الصندوق أن يؤثر الارتفاع الحاد في أسعار الغاز الطبيعي والنفط والفحم على مستويات التضخم في الشهرين المقلبين، لكن غوبيناث تقول إنه وفقاً لقراءات أسعار العقود الآجلة: "نتوقع تراجع هذه الأسعار بحلول نهاية الربيع المقبل". لكن كل ذلك يتوقف أيضاً على مدى برودة الطقس، ففي حال واجه العالم شتاءً قارساً، فإن ذلك سيفاقم مشاكل الطاقة. وترى غوبيثات أن "حل هذه المشاكل ستتوقف على قرارات "أوبك+" بشكلٍ كبير".
الإجراءات المطلوبة من الحكومات
إلى ذلك، قالت غوبيناث إنه بالنسبة لأزمات الطاقة، فإنه يتوجب على الدول التعامل مع ثلاث قضايا رئيسية في الوقت الحالي، أولها يتمثل بأن تضمن الحكومات حصول الأسر الفقيرة على ما يلزمها من الدعم لتحمل تكلفة الطاقة، خاصة في فصل الشتاء. وثانياً، التأكد من أن تكون سياسات التحول الأخضر مرنة، وزيادة الاستثمار في تخزين الطاقة المتجددة لتجنب أزمات الطاقة مستقبلاً. وثالثاً، ضمان استمرارية شركات إنتاج الكهرباء وتجنّب حالات الإفلاس.
التضخم
مع تزايد قلق المستثمرين بشأن خطر الركود التضخمي، قدم صندوق النقد الدولي بعض الطمأنينة بعد أن أوضح أن التضخم سينخفض إلى 2% في الاقتصادات المتقدمة بحلول منتصف عام 2022 بعد أن يبلغ ذروته في الأشهر الأخيرة من 2021.
لكن الصندوق يرى أن أسعار المستهلكين ستواصل الصعود في الاقتصادات الناشئة والنامية بنسبة 4.9% في العام المقبل بعد أن تسجل 5.5% في 2021.
ووفقاً للصندوق، فإن وضع السياسات المالية بات أمراً أكثر تعقيداً في الوقت الحالي، وذلك بسبب عوامل مختلفة؛ منها نقص الرقائق وعدم توازن العرض والطلب ومستويات المجازفة العالية في الأسواق المالية، وغير ذلك. وشددت غوبيناث أنه من المهم أن تحدد كل دولة سياساتها المالية بحسب وضعها.
وختمت بتقديم نصيحة للبنوك المركزية بالتعامل مع التضخم المتزايد، بما في ذلك رفع الفائدة.. لكنها أكّدت أن الصندوق "لا يتوقع أي ركود تضخمي".