بعد "إيفرغراند".. أزمة كهرباء تضرب الصين وتهدد سلاسل التوريد العالمية

time reading iconدقائق القراءة - 6
الحكومة الصينية دعت الشركات والأفراد لتقليل استهلاك الكهرباء وسط أزمة طاقة تضرب البلاد - المصدر: بلومبرغ
الحكومة الصينية دعت الشركات والأفراد لتقليل استهلاك الكهرباء وسط أزمة طاقة تضرب البلاد - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تعدُّ أزمة الطاقة التي بدأت في الصين أحدث صدمة لسلاسل التوريد العالمية، إذ تضطر المصانع في أكبر دولة مصدِّرة في العالم لتقليص استهلاك الطاقة من خلال كبح الإنتاج.

وتأتي هذه الاضطرابات في الوقت الذي يتسابق فيه المنتجون وشركات الشحن لتلبية الطلب على كل شيء، وذلك بدءاً من الملابس إلى الألعاب في موسم التسوق بعطلة نهاية العام، ويتصارعون مع خطوط الإمداد التي انقلبت رأساً على عقب بسبب ارتفاع تكاليف المواد الخام، والتأخيرات الطويلة في الموانئ، ونقص حاويات الشحن.

اقرأ أيضاً: مقاطعة صينية تطالب المتاجر والمكاتب بخفض استهلاك الكهرباء

من نيروبي إلى نينغبو… صدمات سلاسل التوريد اجتاحت الكرة الأرضية

خفض استهلاك الكهرباء

تحذِّر الشركات الصناعية الصينية من أنَّ التدابير الصارمة لخفض استهلاك الكهرباء من شأنها تقليص الإنتاج في المحرِّكات الاقتصادية، مثل: مقاطعات جيانغسو، وجيجيانغ، وغوانغدونغ- التي تمثِّل مجتمعة ما يقرب من ثلث الناتج المحلي الإجمالي للدولة - وربما سترفع الأسعار.

وتأمر الحكومات المحلية المصانع بخفض استهلاك الكهرباء في الوقت الذي تحاول فيه تجنُّب ضياع أهداف تقليص الطاقة، وكثافة الانبعاثات، في حين تواجه بعض المصانع نقصاً فعلياً في الكهرباء.

قال كلارك فنغ، الذي تشتري شركته "فيتا ليجر" خياماً وأثاثاً من المصنِّعين الصينيين لبيعه في الخارج، إنَّ القيود المفروضة على الكهرباء في مقاطعة تشجيانغ الشرقية، حيث يقع مقر الشركة، وجَّهت صفعة أخرى للشركات. وقال، إنَّ صانعي الأقمشة في المقاطعة، والذين يعانون من تعطُّل الإنتاج، بدأوا يرفعون الأسعار،

وقاموا بتأجيل تلقي طلبات خارجية جديدة.

قال فنغ: "كنا نعاني بالفعل عند شحن البضائع إلى الخارج، والآن مع قيود القدرة الإنتاجية؛ ستكون هناك بالتأكيد فوضى كبيرة.. واضطررنا بالفعل إلى التعامل مع العديد من العوامل غير المؤكَّدة، والآن هناك عامل آخر، وسيكون من الصعب تسليم الطلبيات خاصة في موسم العطلات".

علَّقت شركة "ييوو هوادينغ نايلون كو ليمتد" التي تصنع النسيج الصناعي "النايلون" في تشجيانغ، نصف طاقتها الإنتاجية منذ 25 سبتمبر استجابةً لأمر الحكومة المحلية بخفض استهلاك الكهرباء، وفقاً لبيان مقدَّم للبورصة يوم الإثنين الماضي، وتتوقَّع الشركة استئناف الإنتاج اعتباراً من 1 أكتوبر. وقالت، إنَّها ستعمل على تقليل تأثير الإغلاق.

اقرأ أيضاً: أزمة الطاقة العالمية تترك الصين في مواجهة مزيد من نقص الكهرباء

اضطرابات الموانئ

تأتي مشكلات الطاقة بعد الاضطرابات بالموانئ الصينية في الآونة الأخيرة، التي تسلَّلت تداعياتها عبر سلاسل التوريد العالمية، وظلَّ جزء من ميناء "نينغبو"، أحد أكثر الموانئ ازدحاماً في العالم، عاطلاً عن العمل لأسابيع الشهر الماضي بعد تفشي فيروس كوفيد، في حين تمَّ إغلاق ميناء "يانتيان" في شينزين في مايو.

وستؤثِّر أزمة الطاقة على الاقتصاد الصيني في وقت يتباطأ فيه بالفعل بسبب عوامل، مثل التدابير الصارمة لمكافحة الفيروسات، والقيود الأشد لكبح سوق العقارات.

وقامت "نومورا هولدينغز"، و"تشاينا إنترناشونال كابيتال كورب"، و"مورغان ستانلي"، إمَّا بتخفيض توقُّعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي، أو حذَّرت من احتمالية تراجع النمو نتيجة اضطرابات الطاقة.

وقال لو تينغ، كبير اقتصاديي الصين في "نومورا هولدينغز" في هونغ كونغ: "ستشعر الأسواق العالمية بوطأة نقص المعروض بدءاً من المنسوجات، والألعاب، وقطع غيار الآلات.. وسيتحوَّل الموضوع الأكثر سخونة المتعلِّق بالصين قريباً جداً من إيفرغراند إلى أزمة الطاقة".

وبالتأكيد؛ ما يزال التأثير الكامل على الإنتاج غير معروف.

تأثير سلبي على الإنتاج

وقالت شركة "بيغاترون كورب" الشريك الرئيسي لشركة "أبل"، وأحد مجمّعي أجهزة "أيفون"، يوم الإثنين الماضي، إنَّ عمليات تجميع "أيفون" في الصين بدأت في تقليل استهلاكها للطاقة، وقالت الشركة، إنَّها تتخذ التدابير لتوفير الطاقة للامتثال لسياسات الحكومة المحلية.

ومع ذلك؛ تجنَّبت الشركات المسؤولة عن إنتاج هاتف "أبل" التخفيضات الكبيرة في الإنتاج حتى الآن، ويبدو أنَّها تحصل على معاملة تفضيلية في الوصول إلى الطاقة من أجل استمرار العمليات، وفقاً لأشخاص مطَّلعين على الموقف.

تراقب السلطات أي اضطراب، وقالت صحيفة "بيبلز دايلي" الرسمية التابعة للحزب الشيوعي الصيني، في افتتاحية يوم الأحد الماضي، إنَّ النقص سيجبر الشركات على رفع أسعار السلع على المستهلكين الصينيين، وحثَّت حكومة مقاطعة لياونينغ شمال شرق البلاد المنظِّمين المحليين على منع قيود الطاقة من التأثير على الإنتاج والاستخدام السكني، بحسب ما نقلت هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية.

وفي ظلِّ انتقال أزمة الطاقة من المصانع إلى منازل الناس، قالت شركة الكهرباء "مؤسسة الشبكة الحكومية الصينية"، يوم الإثنين الماضي، إنَّها ستبذل قصارى جهدها لتجنُّب انقطاع التيار الكهربائي، وتلبية الطلب الأساسي السكني.

خسائر كبيرة

ويقول المحللون، إنَّ نقص الطاقة سيؤثِّر حتماً على كلٍّ من الصناعات الثقيلة، مثل: الألمنيوم والصلب وغيرها من الصناعات المكملة. وفي المركز الصناعي، قوانغدونغ، أصدرت إدارة الطاقة بالمقاطعة إشعاراً يوم الأحد الماضي قالت فيه، إنَّه تمَّ بالفعل تنفيذ تخفيضات واسعة النطاق في استهلاك الكهرباء بالمصانع.

وقال هاو هونغ، رئيس الأبحاث وكبير الاستراتيجيين في "بوكوم إنترناشونال": "لا أحد يعرف متى سيتمُّ التغلُّب على عقبات سلسلة التوريد.. لكن يبدو الشتاء المقبل مشؤوماً".

قال تشين يوبينغ، مدير في شركة "سوتشو بريا تكستايل تكنولوجي"، وهي مُصدِّرة لأقمشة البوليستر والنايلون، ومقرّها في تشجيانغ، إنَّ شركته تعرَّضت "لخسائر فادحة" بسبب تعليق القدرة الإنتاجية، ولم يُسمح لخطوط إنتاج الشركة بالعمل إلا ثلاثة أيام في الأسبوع بدءاً من أوائل سبتمبر، كما أنَّ أحدث طلبية يوم الإثنين الماضي تعني أنَّه سيُسمح لها بالعمل مدة يوم من كل يومين، وتأتي نصف مبيعات الشركة من عملاء في الخارج.

وقال تشين: "نعاني من مشكلات في تسليم بعض طلبياتنا بالفعل.. وكل ما نستطيع فعله الآن هو الانتظار والتفاوض مع العملاء".

تصنيفات

قصص قد تهمك