ربما كان من المتوقع حدوث هبوط كبير في بيانات الوظائف غير الزراعية لشهر أغسطس، والتي زادت لتصل إلى 235 ألفاً، مقارنة بالتوقعات التي بلغت 720 ألفاً، فقد جاءت بيانات الوظائف في القطاع الخاص التي صدرت يوم الأربعاء عن "أيه دي بي" (ADP)، وحصة التوظيف من مؤشر مديري المشتريات، التي صدرت يوم أمس أقل من التوقعات. وبذلك فقد كانت الاحتمالات تصب أكثر في رؤية تباطؤ في نمو التوظيف في المستقبل.
ولكن الجزء الإيجابي الوحيد في تقرير سوق العمل الصادر اليوم يتمثل في التنقيحات بالزيادة لبيانات شهري يوليو ويونيو؛ وهو ما يشير إلى أن الاقتصاد كان يسير بسرعة فائقة حتى يوليو، إلا أنه تباطأ منذ ذلك الحين. وستشكل هذه الأرقام تحديات لبنك الاحتياطي الفيدرالي لأن هذا هو أضعف نمو للوظائف في سبعة أشهر. وقد انخفض كل شيء (الدولار، والأسهم، والسندات) باستثناء الذهب الذي ارتفع 14 دولاراً ليصل إلى 1,824 دولار للأونصة.
وفي الواقع، نما عدد الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة بمقدار 235 ألف وظيفة، وانخفض معدل البطالة إلى 5.2% في أغسطس، حيث أحجم أرباب العمل بشكل واضح عن التوظيف وسط زيادة حالات كوفيد-19 بفعل السلالة المتحولة دلتا.
كما جاء نمو الوظائف في أغسطس أقل بكثير مما كان متوقعاً؛ حيث انخفض من المكاسب المسجلة خلال الشهرين السابقين والبالغة 1.1 مليون وظيفة في يوليو و962 ألفاً في يونيو، وفقاً لوزارة العمل يوم الجمعة.
اقرأ أيضاً: رئيس الاحتياطي الفيدرالي يُسعد الأسواق لكنه يخاطر بالخطأ
مشكلة عرض العمالة
فضلاً عن ذلك، كان التوظيف ضعيفاً بشكل خاص في قطاعات الخدمات التي تنطوي على التفاعل الشخصي. في حين ظل العمل في مجال الترفيه والضيافة ثابتاً بعد إضافة ما متوسطه 350 ألف وظيفة شهرياً على مدار الأشهر الستة السابقة. ومع ذلك، بدأ تجار التجزئة في إلغاء الوظائف في أغسطس. وفي الوقت نفسه، أدى العدد المتزايد لحالات الإصابة بسلالة "دلتا" إلى تباطؤ نمو الوظائف خاصة في القطاعات التي تتطلب التفاعل الشخصي، مما أدى إلى تأجيل التوظيف، وسط عدم اليقين المتزايد بفعل الجائحة. كما كان الأفراد العاطلون عن العمل الذين يخشون الإصابة بالفيروس أبطأ في العودة إلى سوق العمل.
كان من الواضح تأثير "دلتا" أيضاً على ثقة المستهلكين ونمو الإنفاق الاستهلاكي حيث انخفض عدد رواد المطاعم بنسبة 9% في الأسبوع المنتهي في الثاني من سبتمبر. وتباطأ عدد الأشخاص الذين يتناولون الطعام خارج المنزل تدريجياً مقارنة بوقت مبكر من هذا الصيف.
الإنفاق الضخم المرتقب في أمريكا والصين.. هل يقلب طاولة الاقتصاد العالمي؟
الجدير بالذكر أن هذه البيانات المخيبة للآمال لشهر أغسطس قد تستبعد أي إعلان عن تخفيض التيسير الكمي في هذه المرحلة. وقد كان من المتوقع حدوث تباطؤ في التوظيف بسبب الموجة الجديدة من كوفيد-19، إلا أن الرقم النهائي جاء أقل بكثير من التوقعات. وفي الحقيقة، تعني المخاوف المرتبطة بسلالة "دلتا" أن عرض العمالة قد يظل مشكلة خلال الفترة المتبقية من هذا العام. وهناك خطر محتمل يتمثل في استمرار نقص العمالة، وضغوط الأجور، وذلك على النقيض من معدل البطالة الذي ما يزال مرتفعاً، وإن كان متراجعاً، بنسبة 5.2% مما يضع بنك الاحتياطي الفيدرالي في موقف غير مريح.