بلومبرغ
يقود أولاف شولز تيار الاشتراكيين الديمقراطيين ليكون على مقربة من الإطاحة بتيار المحافظين الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من السلطة لأول مرة منذ عام 2005.
لكن الفوز في الانتخابات لن يكون سوى خطوة أولى للحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني المنتمي إلى تيار يسار الوسط، الذي يتقدم على كتلة ميركل المكونة من ائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي بفارق خمس نقاط في استطلاع واحد، فيما من المرجح أن يكون لدى حزب الخضر بقيادة أنالينا بربوك شركاء راغبون في التحالف، لكن ذلك لن يكون كافياً للحصول على الأغلبية، وهو ما يترك الباب مفتوحاً أمام المنافس من التيار المحافظ أرمين لاشيت.
مع تغير الولاءات السياسية بعد 16 عاماً في عهد ميركل، أصبح بناء التحالف أكثر تعقيداً من أي وقت مضى. هناك خمسة أحزاب لديها فرصة للعب دور في الحكومة بعد تصويت 26 سبتمبر المقبل، مع استبعاد حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف.
في ما يلي نظرة على الخيارات الرئيسية التي جرت تسميتها وفقاً لألوان الحزب التقليدية، كالأحمر للحزب الاشتراكي الديمقراطي، والأسود لائتلاف حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، والأخضر لحزب الخضر ، والأصفر لحزب الديمقراطيين الأحرار الليبرالي، وظلال اللون الأحمر الداكنة لمناهضي الرأسمالية الحزب اليساري:
دعم شولز من حزبي الخضر والديمقراطي الحر
إذا تمكن الاشتراكيون الديمقراطيون من الحفاظ على تقدمهم في استطلاعات الرأي، فمن المرجح أن يطلب الرئيس فرانك فالتر شتاينماير من شولز تشكيل حكومة. ويُعَدّ التحالف الذي يقوده الحزب الاشتراكي الديمقراطي مع حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر -المعروف باسم "إشارة المرور"- هو السيناريو الأكثر ترجيحاً، على الرغم من أن الليبراليين أبعدوا أنفسهم عن مثل هذا التحالف دون رفضه تماماً.
يدعو كل من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر إلى سياسة موازنة عامة أكثر مرونة، على المستوى المحلي وكذلك الأوروبي. ويرى شولز أن صندوق التعافي من فيروس كورونا التابع للاتحاد الأوروبي خطوة أولى نحو آلية ديون مشتركة للتكتل الأوروبي. ومن المحتمل أن يقاوم الحزب الديمقراطي الحر المؤيد للأعمال التجارية مستويات إنفاق واقتراض أعلى، والضغط من أجل العودة إلى سياسة موازنة أكثر صرامة.
ما بعد فوز لاشيت
لن يلعب التحالف الذي يقوده المحافظون بقيادة لاشيت مع حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر دوره إلا إذا تمكن من تحقيق ما يمكن أن يكون تحولاً مذهلاً في استطلاعات الرأي. قبل أربع سنوات، فشلت الجهود في تشكيل تحالف "جامايكا" –اشتقت التسمية من اسم ألوان علم الجزيرة الكاريبية- لأن رئيس الحزب الديمقراطي الحر كريستيان ليندنر خرج من المحادثات.
من غير المرجح أن يخاطر ليندنر بذلك مرة أخرى، مما يعني أنه ستكون هناك فرصة أكبر للنجاح. الاختلاف هذه المرة هو أن حزب الخضر قد يكون ثاني أكبر قوة، وقد يكون أقل استعداداً للانضمام إلى التحالف، خصوصاً أن ليندنر ألقى باللوم عليهم في فشل المفاوضات بعد الانتخابات الأخيرة.
سيهدف كل من الكتلة المحافظة والحزب الديمقراطي الحر إلى عودة سريعة إلى ميزانية عامة متوازنة وإعادة فرض "مكبح الديون"، وهو حد للاقتراض منصوص عليه في دستور ألمانيا. قد يتسبب هذا في صراع مع حزب الخضر، الذين يريدون برنامج استثمار مدته 10 سنوات بقيمة 500 مليار يورو (591 مليار دولار) وتخفيف قيود الديون.
اتحاد أحزاب التيار المحافظ مع اليسار
يُعَدّ التحالف اليساري بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر واليسار من أكثر التحالفات إثارة للجدل قيد المناقشة. واليسار الذي يريد أن تترك ألمانيا حلف شمال الأطلسي وله جذور في الحزب الشيوعي بألمانيا الشرقية لم يلعب قَط أي دور في الحكومة الفيدرالية، لكن إذا رفض الحزب الديمقراطي الحر الانضمام إلى إدارة مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر، فقد يكون التحالف مع حزب اليسار هو الخيار الوحيد أمام شولز.
بالنسبة إلى المستثمرين، يمكن أن يؤدي مثل هذا التحالف إلى ظروف غير مواتية لممارسة الأعمال التجارية. في برلين، على سبيل المثال، فرضت حكومة الولاية ذات اللون الأحمر والأخضر والأحمر سقف الإيجار الذي ألغته لاحقاً المحكمة الدستورية الألمانية.
ائتلاف كبير آخَر ممانع
تحالف مكون من ائتلاف حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر، يُعَدّ أيضاً مجرد احتمال حسابيّ. التحالف الكيني -الذي أخذ اسمه من ألوان علم الدولة الإفريقية- غير مرجح، لأن الاشتراكيين الديمقراطيين أشاروا إلى أنهم غير مستعدّين للانضمام إلى "تحالف كبير" آخَر مع المحافظين. ومع ذلك، إذا كانوا في وضع يسمح لهم بقيادة مثل هذا التحالف فقد يغيرون رأيهم. ويبقى أن نرى ما إذا كان المحافظون سيقبلون دوراً ثانوياً في عهد شولز إذا أصبح مستشاراً.
ائتلاف غير محتمل
الأكثر احتمالاً أن يكون تحالف "ألمانيا" مكوناً من تحالف ائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب الديمقراطي الحر، إذ تتطابق ألوانه مع العلم الوطني الألماني. كان ليندنر منتقداً صريحاً لـ"الائتلافات الكبرى" الثلاثة لميركل مع حزب الاشتراكيين الديمقراطيين، وسيرى أنصاره أنه انتهاك للعقيدة إذا وافق على الانضمام إليهم في الحكومة.
مهما كانت مجموعة الأحزاب التي ستحكم في النهاية، هناك شيء واحد مؤكد: ستكون محادثات الائتلاف مرة أخرى طويلة ومعقدة. بعد الانتخابات الأخيرة في عام 2017، استغرقت الحكومة الجديدة زهاء خمسة أشهر لتتولى السلطة. وفقاً للدستور، ستبقى ميركل في منصب المستشارة حتى يوافق البرلمان الألماني "بوندستاغ" على إدارة بديلة.
إذا استمرت المحادثات إلى ما بعد 16 ديسمبر المقبل، فسيُكسَر الرقم القياسي الوطني، إذ ستكون ميركل في السلطة لفترة أطول من سلفها في الاتحاد الديمقراطي المسيحي ومعلمها السابق هيلموت كول، وبالتالي ستصبح المستشارة الألمانية الأطول خدمة.