نظرة مستقبلية إيجابية للعملات المشفرة في 2025

القطاع سيشهد دورات ازدهار وانكماش على غرار أسهم التكنولوجيا

time reading iconدقائق القراءة - 11
إحدى محطات التلفزيون تبث كلمة لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول بعد اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في قاعة تداول بورصة نيويورك، الولايات المتحدة، بتاريخ 18 ديسمبر 2024 - بلومبرغ
إحدى محطات التلفزيون تبث كلمة لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول بعد اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في قاعة تداول بورصة نيويورك، الولايات المتحدة، بتاريخ 18 ديسمبر 2024 - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

قبل أن أخوض في التحدي الصعب المتمثل في التنبؤ بمستقبل العملات المشفرة في عام 2025، دعونا نستذكر ما حدث في الماضي في دقيقة. نوبة الحماس التي نشهدها حالياً جاءت بعد ثلاث دورات من "صيف التشفير" تلتها "شتاءات التشفير"، أي حوالي ثلاثة أعوام من ارتفاع أسعار "بتكوين"، وزيادة تدفقات رأس المال، وزيادة الاهتمام الشعبي، تلتها حوالي 14 شهراً من تراجع الأسعار، وطرح تساؤلات جدية حول مستقبل العملات المشفرة.

من المغري افتراض أن هذا النمط سيتكرر دائماً، ما يعني أن أسعار "بتكوين" قد تصل إلى حوالي 500 ألف دولار في عام 2025، قبل أن تهبط إلى 100 ألف دولار تقريباً في عام 2026. لكن هذا التصور يغفل نقطة رئيسية، وهو التقدم الكبير الذي حققته الصناعة. ففي عام 2014، اعتقد الكثيرون أن "بتكوين" والعملات المشفرة الأخرى لن تدوم طويلاً، وأن تقنية "بلوكتشين" التي تقوم عليها لن تكون سوى أداة لتطبيقات محدودة. وفي عام 2018، بدأت الآراء تتغير، مع اعتقاد الأغلبية أن العملات المشفرة ستبقى، لكنها لن تحقق ثورة اجتماعية تماثل الإنترنت. أما في 2022، فتمحورت النقاشات حول إمكانية اندماج قطاع التشفير مع اللوائح القائمة والأسواق المالية، أو بقائها في الظل كبديل غير قانوني يشبه "الدارك ويب".

مستقبل العملات المشفرة

سيكون لعام 2025 دور كبير في الإجابة على ذلك السؤال الأخير. فهناك دلائل تدعو للاعتقاد بأن الحرب الباردة بين مبتكري العملات المشفرة والحكومات قد تصل إلى نهايتها، ما يسمح بتدفق رأس المال بشكل أكثر حرية بين القطاعات التقليدية وقطاع التشفير. قد تزدهر "بتكوين" والمشاريع "المرموقة" التي تدعمها شركات رأس المال الجرئ والمؤسسات المالية التقليدية، بينما تبقى المشاريع التي يديرها أفراد أو مجموعات مثل القراصنة والفوضويين والليبراليين خارج دائرة الرقابة التنظيمية.

هذا السيناريو قد يعزز قيمة "بتكوين"، أو قد تظل العملات المشفرة في حالة غموض قانوني تصاحبها تقلبات، بحيث تكون العملة المشفرة والمشاريع التي تسيطر عليها الشركات التقليدية هي الوحيدة التي تحظى بقواعد واضحة. هذا السيناريو لن يؤدي إلى انهيار أسعار "بتكوين"، لكنه قد يحد من اتجاهها الصعودي.

حتى في ظل السيناريو الذي يفترض الصعود، ستظل العملات المشفرة تشهد دورات من الازدهار والانكماش على غرار أسهم التكنولوجيا، لكن ربما لن تشهد فصول الشتاء الطويلة والعميقة التي رأيناها في الماضي، ولا العوائد المذهلة لصيف العملات المشفرة. إذا فشلت المفاوضات، وهو احتمال وارد أيضاً، فإن العملات المشفرة الآن قوية كفاية للبقاء والتأقلم حتى في ظل القمع التنظيمي. (تنويه: أنا مستثمر نشط في العملات المشفرة، ولدي استثمارات في رأس المال الجرئ وعلاقات استشارية مع شركات تعمل بهذا المجال).

إليكم خمس تقنيات تُستخدم بالفعل حالياً، وقد تشهد انتشاراً واسعاً خلال عام 2025. وإذا لم تحقق النجاح المتوقع، فمن المرجح أن يتكرر النمط التاريخي، ما قد يؤدي إلى موجة جديدة من الركود في مجال التشفير.

الهويات الرقمية اللامركزية

الحلم هو أن يحتفظ الأفراد بجميع معلوماتهم الشخصية بشكل مشفر على "بلوكتشين" يضمن الخصوصية والجدارة بالثقة، بحيث لا يمكن لأي شخص الاطلاع على المعلومات إلا بتفويض من الفرد نفسه، وبالتالي يطمئن المفوضون إلى دقة المعلومات التي تتم مشاركتها. يتطلب مثل هذا النظام رموزاً مشفرة قيّمة لتغطية تكاليف معالجة البيانات، وضمان الأمان والدقة. لا يعتبر هذا الإنجاز مهماً في حد ذاته فقط، بل يمهد الطريق أمام مشاريع تشفير أخرى عديدة.

في عالم تُدار فيه المعلومات الشخصية عبر قواعد بيانات مركزية تقليدية غالباً ما تكون غير دقيقة، وتعتمد على وسائل تقليدية مثل صور بطاقات الهوية والتوقيعات، تتمتع المؤسسات التقليدية بميزة. لكن في عالم الهويات الرقمية اللامركزية، ستصبح العملات المشفرة الوسيلة الطبيعية لإجراء المعاملات، ومنح الصلاحيات، وتنظيم العقود، وإدارة الأنشطة الجماعية.

رغم أن الانتقال إلى نظام الهويات الرقمية اللامركزية الكامل قد لا يتحقق في عام 2025، فإن نجاح أنظمة مثل "بوليغون آي دي" (Polygon ID)، أو "وورلد آي دي" (World ID) في جذب ملايين المستخدمين سيكون خطوة كبيرة للأمام. إذا لم يتحقق ذلك، ولم ينجذب عدد كبير من محبي التكنولوجيا، فقد يكون هذا دليلاً على أن العملات المشفرة ليست بالقوة التي يتم الترويج لها.

أوراكل

تعد أوراكل حلول تشفير مبتكرة تهدف إلى توفير معلومات موثوقة عبر الإنترنت، وهي تختلف عن الثقة التي تُمنح للمصادر التقليدية مثل البيانات الحكومية، أو وسائل الإعلام أو الكتب المدرسية. الفارق الأساسي هنا هو أن المعلومات المقدمة تضمن لك تعويضاً مالياً إذا ثبت عدم صحتها. بدلاً من الاعتماد على تقييم مصدر المعلومات من حيث بيانات اعتماده، وسجله الحافل أو حوافزه، تستند الثقة إلى المبلغ الذي يمكنك جمعه إذا تبين أن المعلومات غير صحيحة.

أنظمة أوراكل مثل "تشين لينك" (Chainlink) و"باند" (Band) موجودة بالفعل، وتُستخدم على نطاق واسع في أنظمة التشفير المختلفة. ومع ذلك، بحلول عام 2025، قد نشهد ظهور برمجيات مخصصة للمعلومات العامة التي تحظى باهتمام واسع، تماماً كما هي الحال مع الهويات الرقمية اللامركزية، وسيكون هذا التطبيق خطوة كبيرة في حد ذاته، وسيمهد الطريق أمام تطوير تطبيقات تشفير أخرى.

إثباتات المعرفة الصفرية

إثباتات المعرفة الصفرية تمثل نهجاً آخر للحصول على معلومات موثوقة عبر الإنترنت، وتعزيز قبول العملات المشفرة. منذ عام 2023، تُستخدم هذه التقنية لإثبات الملاءة المالية لبورصات العملات المشفرة، ويُتوقع أن يشهد عام 2025 توسيع نطاق استخدامها لتشمل تطبيقات أخرى خارج نطاق العملات المشفرة. (تنويه: أنا مستشار بأجر لإحدى منصات تزويد حلول تقنية إثباتات المعرفة الصفرية في قطاع العملات المشفرة).

ما يميز إثباتات المعرفة الصفرية هو أنها لا تقتصر على ضمان تعويض مالي إذا كانت المعلومات خاطئة، بل تقدم دليلاً رياضياً قاطعاً على صحتها. ومع ذلك، فإن نطاقها أكثر تحديداً بالمقارنة مع أنظمة أوراكل. فبينما تستطيع أوراكل الإجابة على أي سؤال، يمكن لإثباتات المعرفة الصفرية فقط معالجة الأسئلة المتعلقة بالمعلومات المشفرة المخزنة على "بلوكتشين".

على سبيل المثال، يمكن لإثباتات المعرفة الصفرية أن تؤكد أن بورصة معينة للعملات المشفرة لديها ملاءة مالية، أو أن منصة تواصل اجتماعي، بمساعدة الهويات الرقمية اللامركزية، لا تضم مستخدمين تقل أعمارهم عن 13 عاماً. ومع ذلك، لا يمكنها تأكيد ما إذا كان فريق "لوس أنجلوس دودجرز" (Los Angeles Dodgers) قد فاز ببطولة العالم لعام 2024.

التآزر مع الذكاء الاصطناعي

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستفيد من المعلومات الدقيقة التي توفرها أنظمة أوراكل وإثباتات المعرفة الصفرية، بالإضافة إلى استغلال الهويات الرقمية اللامركزية لاتخاذ قرارات أكثر دقة دون المساس بخصوصية الأفراد. في المقابل، قد يصبح الذكاء الاصطناعي أحد المستخدمين الأساسيين لخدمات العملات المشفرة بحلول عام 2025.

بالإضافة إلى ذلك، فإن المستهلكين البشر لمعلومات الذكاء الاصطناعي، مثل المزارع الذي يعتمد على أدوات الذكاء الاصطناعي لتجميع تقارير الطقس وتوقعات أسعار المحاصيل وغيرها من البيانات لتحديد خطة زراعة مثالية، سيستفيدون من الخدمات الموثوقة التي يوفرها قطاع التشفير. كما سيرغبون في التأكد من أن التوصيات المتعلقة بالمحاصيل جاءت بالفعل من الذكاء الاصطناعي، وأنها إما مثبتة رياضياً أو مدعومة بضمان مالي كبير.

عندما يتم دمج هذه التقنيات معاً، يمكن أن تكون أكثر قوة وتأثيراً اجتماعياً مما لو كانت منفصلة.

مع أن إنجازات كبيرة في هذا المجال قد لا تحدث في عام 2025، إلا أنه من المحتمل أن نشهد إطلاق مشاريع مشتركة تجمع بين الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة. في ظل استمرار إسناد المزيد من القرارات إلى الحواسيب، ستزداد الحاجة إلى أدوات اتصال وتنسيق فعالة توفرها تطبيقات التشفير الناشئة. وبالتزامن مع ذلك، قد يعتمد المستخدمون البشريون بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لإدارة هذه العمليات بشكل أكبر.

الرقائق ومراكز البيانات

رغم أن قضايا الأجهزة قد تبدو منفصلة عن أفكار البرمجيات المتقدمة المذكورة أعلاه، إلا أن العملات المشفرة تعتمد بشكل كبير على قوة حوسبة هائلة، شأنها شأن الذكاء الاصطناعي والمجالات الناشئة الأخرى المرتبطة بشكل طبيعي بالتشفير، مثل علم الأحياء الحسابي. ومع ذلك، فإن نقص الرقائق ومراكز البيانات اللازمة لدعمها يثير تساؤلات ملحة حول كيفية توفير الكهرباء الكافية لتشغيل هذا الكم الهائل من الأنظمة. يُضاف إلى ذلك القضايا الحساسة التي يثيرها قطاع المعالجة فيما يتعلق بالأمن القومي.

كيفية معالجة هذه القضايا في عام 2025 سيلعب دوراً حاسماً في تشكيل مستقبل العملات المشفرة وغيرها من القطاعات التي تعتمد على المعالجة المكثفة. إذا توافرت رقائق أكثر قوة، مع دعم مالي وتنظيمي كافٍ لبناء وربط مراكز البيانات، بالإضافة إلى وفرة في مصادر الكهرباء، فإن ذلك سيعزز التقدم بشكل كبير. لكن في غياب هذه العوامل، قد يتباطأ التقدم وربما يتوقف تماماً.

مسألة ملكية مراكز البيانات تضيف بُعداً آخر إلى الأمر. فهل سيتولى المزودون والمستخدمون الكبار مثل "أمازون دوت كوم" (Amazon.com) تلبية احتياجاتها الخاصة من المعالجة، وتأجير الموارد للمستخدمين الأصغر؟ أم ستعمل مراكز البيانات المستقلة على بيع خدماتها لأعلى المزايدين؟ أو ربما تتدخل الحكومات وتفرض قيوداً على السوق؟

الإجابات على هذه التساؤلات في عام 2025 ستكون مفتاحاً لفهم الاتجاه المستقبلي للعملات المشفرة.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

واشنطن

5 دقائق

-4°C
غيوم قاتمة
العظمى / الصغرى -5°/-3°
25.9 كم/س
60%