بلومبرغ
سجل سعر بتكوين، أكبر عملة رقمية مشفرة، رقماً قياسياً لأول مرة منذ أكثر من عامين، قبل أن ينخفض بسرعة مع قيام المتداولين بجني بعض الأرباح.
بلغ سعر بتكوين ذروته عند 69 ألفاً و191 دولاراً أمس الثلاثاء في الولايات المتحدة، لكن موجة البيع التي أعقبت ذلك تركت آمال بعض محبي العملات المشفرة في مواصلة الارتفاع معلقة، حيث انخفض سعر بتكوين إلى حوالي 63 ألف دولار اعتباراً من الساعة 10:58 صباح يوم الأربعاء في سنغافورة. وتسلط التقلبات السعرية الضوء على طبيعة بتكوين المتقلبة بين الازدهار والانخفاض.
ساهمت التدفقات الداخلة إلى صناديق المؤشرات الفورية المتداولة لبتكوين في الولايات المتحدة، والانخفاض المرتقب في نمو المعروض من العملات الرمزية والمضاربات في عقود المشتقات المرتبطة بالعملة، في حدوث ارتفاع لافت هذا العام، مما عرّض مراكز المستثمرين للتقلبات، وزاد من احتمالية حدوث تراجع كبير في الأسعار.
قال ستيفان فون هينيش، رئيس التداول في شركة "أو إي إل سي جي" (OSL SG Pte) في سنغافورة: "أتوقع أن نشهد على الأرجح بعض التداول داخل نطاق محدود للعملة على مدار بضعة أيام على الأقل، حيث يستمر سعر بتكوين في التقلب حول مستوى 60 ألف دولار".
رهانات على الصعود والهبوط
تظهر بيانات منصة "كوين غلاس" (Coinglass) أنه تمت تصفية حوالي 880 مليون دولار من الأموال المراهنة على صعود العملات المشفرة، ونحو 265 مليون دولار من الأموال المراهنة على الهبوط خلال الـ24 ساعة الماضية في أسواق المشتقات، ويعد الرقم اليومي المجمع الذي يزيد عن مليار دولار هو الأعلى منذ موجة الصعود في عصر الوباء في العملات الرقمية الأصول، وفقاً لفون هانيش.
حتى رغم الانخفاض الأخير، فإن تقدم بتكوين بنسبة 50% حتى الآن في عام 2024 يفوق ارتفاع الأسهم العالمية، مما يدعم التفاؤل عبر سوق الأصول الرقمية. وارتفع مؤشر أكبر 100 عملة مشفرة بأكثر من 40% خلال نفس الفترة.
سمحت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية بإصدار صناديق الاستثمار المتداولة الفورية الخاصة ببتكوين في يناير الماضي، بعد أن تعرضت جهودها لمقاومة هذه الصناديق إلى هزيمة قانونية في العام الماضي.
وأدت هذه الخطوة إلى توسيع إمكانية الوصول إلى السوق الشاملة لعملة بتكوين، مما ساعد قطاع العملات المشفرة على طي الصفحة بعد هبوط السوق في عام 2022 وسلسلة من حالات الإفلاس اللاحقة، بما في ذلك انهيار بورصة "إف تي إكس" (FTX) التابعة إلى سام بانكمان فريد، حيث أطلق العاملون في القطاع على تلك الفترة مصطلح "شتاء العملات المشفرة" لوصف الاضطراب.
شهدت صناديق الاستثمار المتداولة الفورية الخاصة ببتكوين، والتي تصدرها شركات كبرى مثل "بلاك روك"، و"فيديلتي" تدفقاً ثابتاً للأموال، حيث بلغ صافي التدفق النقدي حوالي 8 مليارات دولار.
يتزامن هذا التدفق مع اقتراب انخفاض كبير في معروض عملة بتكوين، والذي يُعرف باسم عملية "تنصيف بتكوين"، (وهي عملية تتم كل 4 سنوات، تنخفض خلالها المكافأة المخصصة للقائمين على تعدين العملة بمقدار النصف، ما يؤدي إلى إبطاء إمدادات بتكوين الجديدة)، والتي من المتوقع حدوثها في أبريل.
يعد السؤال المطروح الآن هو ما إذا كان المستثمرون الجدد الذين يدخلون السوق من خلال صناديق المؤشرات سيشعرون بالقلق بسبب التقلبات السعرية الأخيرة لبتكوين أم لا؟
قال سيسي لو ماكالمان، مؤسس شركة "بلوكتشين فين لينك بارتنرز (blockchain Venn Link Partners): "لقد جلبت صناديق الاستثمار المتداولة قاعدة متنوعة من المستثمرين، وكانت التدفقات الداخلة جيدة". وأضاف: "سيظل العرض غير المرن بمثابة دعم قوي لقيمة بتكوين وسط محدودية المتاح منها".
عودة بتكوين
ساهمت عودة بتكوين التي بدأت في أوائل 2023 في رفع إجمالي القيمة السوقية للأصول الرقمية إلى نحو 2.6 تريليون دولار. كما أن انتعاشها من أدنى مستوى لها في نوفمبر 2022 يتوج دورة من الكساد إلى الازدهار تركت الصناعة التي ولدتها تتغير بشكل لا رجعة فيه.
وصل سعر "بتكوين" إلى قمته السابقة عند 68 ألفاً و991 دولاراً في 10 نوفمبر 2021، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ"، وهي الفترة التي أثر فيها التحفيز النقدي والمالي على الأسواق العالمية.
قالت كارولين مورون، المؤسسة المشاركة لشركة مشتقات الأصول الرقمية "أوربيت ماركتس" (Orbit Markets): "ربما احتفظ العديد من المتداولين بمراكزهم الشرائية خلال شتاء العملات المشفرة، ويرون الآن أخيراً فرصة للخروج بربح. من غير الواضح مدى السرعة التي يمكن بها استيعاب هذا الأمر من خلال اهتمام المستثمرين الأفراد والمؤسسيين الجديد بالعملة المشفرة، لكننا نتوقع إعادة اختبار أعلى مستوى على الإطلاق ومستويات أعلى قريباً".