بلومبرغ
طالب محامو سام بانكمان فريد، المؤسس المشارك لمنصة "إف تي إكس" (FTX)، بألا تتجاوز مدة سجنه 6 أعوام ونصف، رداً على اتهامات بالاحتيال أدت إلى سقوط منصته لتداول العملات الرقمية. جاء ذلك خلال توجيههم للحجج أمام قاضي محكمة فيدرالية يملك الصلاحية لإصدار حكم بالسجن يصل إلى 20 عاماً للتهم الأكثر جسامة.
محامو قطب العملات المشفرة السابق، البالغ من العمر 31 عاماً، قدموا توصياتهم إلى لويس إيه كابلان، قاضي المحكمة الإقليمية في الولايات المتحدة، في مذكرة مكونة من 91 صفحة في ساعة متأخرة من يوم الثلاثاء، قبل جلسة الحكم المقررة في 28 مارس. شملت التوصيات خطابات من داعمي بانكمان فريد، ومن بينها خطابات من والديه والمدافعين عن الصحة العامة في أفريقيا تشهد بأعماله الخيرية.
بموجب التوجيهات الإرشادية الفيدرالية في شأن العقوبات، التي تأخذ في الاعتبار "الأعمال الخيرية التي قام بها سام، والالتزام الذي أظهره تجاه الآخرين، فأي عقوبة تعيده سريعاً إلى أداء دور نافع في المجتمع ستكون كافية، على أن تكون في الحدود المقبولة، لتحقيق الغرض من العقوبة"، وفق ما ورد في المذكرة.
استشهد المحامون بالتوجيهات الإرشادية، وقالوا إن العقوبة المنصفة ستكون السجن لمدة تتراوح ما بين 63 شهراً إلى 78 شهراً.
إفلاس "إف تي إكس"
طالب المحامون أيضاً بعدم الحكم على بانكمان فريد بسداد تعويض أو مصادرة أي أصول، مشيرين إلى أن كل الحسابات المحددة لتنفيذ المصادرة المحتملة، لم يكن غرض أي منها مصلحته الشخصية. وقالوا إن العملاء والدائنين سيستردون أموالهم بموجب إجراءات إفلاس "إف تي إكس".
اقرأ أيضاً: سيولة منصة العملات المشفرة المفلسة "FTX" تتخطى 6.4 مليار
بعد محاكمة استمرت شهرين، أُدين بانكمان فريد في نوفمبر الماضي بتهم تتضمن الاحتيال الإلكتروني والتآمر. وقد يعد قرار كابلان النهائي بخصوص العقوبة نموذجاً استرشادياً لمعاقبة المسؤولين التنفيذيين في شركات العملات المشفرة الذين يسيئون التصرف في الأموال. وأمام ممثلي الإدعاء العام مهلة حتى 15 مارس لتقديم ردهم على المذكرة.
أوصى مسؤولو مراقبة السلوك في الولايات المتحدة بعقوبة السجن لمدة 100 عام، وفق ما قاله محامو بانكمان فريد في المذكرة، التي وصفوا فيها الاقتراح بأنه "سخيف وقاسٍ"، وقالوا إنه يستند إلى فرضية مغلوطة تفيد بأن التهم الموجّهة إلى بانكمان فريد مرتبطة بخسارة 10 مليارات دولار.
عيّن بانكمان فريد في الشهر الماضي مارك موكاسي، المدعي العام الفيدرالي السابق ومحامي الدفاع المتمرس في الجرائم المالية لذوي الياقات البيضاء (المسؤولين التنفيذيين)، بدلاً من المحامين الذين مثلوه خلال المحاكمة. يحفل سجل موكاسي بتمثيل المدعى عليهم من ذوي الياقات البيضاء، ونجح في أواخر العام الماضي في الحصول على حكم بالسجن لمدة 4 سنوات لمؤسس "نيكولا كورب" تريفور ميلتون، وهي أقل بكثير من عقوبة السجن لمدة 11 عاماً التي طالب بها ممثلو الادعاء. وحدث ذلك في المحكمة نفسها التي ستُصدر الحكم على بانكمان فريد.
خبير التوحد
أُدرجت في المذكرة التي قُدمت الثلاثاء الماضي خطابات من أطباء نفسيين، من بينهم خبير بالتوحد. رغم عدم كشف بانكمان فريد من قبل عن تشخيصه بالتوحد، أُثير موضوع إصابته باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) في المحاكمة. واشتكى محاموه أكثر من مرة من معاناته للحصول على الدواء خلال احتجازه.
وأشار والده جوزيف بانكمان إلى مشكلات الصحة النفسية في خطاب موجه إلى القاضي، والذي ذكر فيه: "عانى سام طوال حياته ليتعلم ويتحكم في أشياء يعتبرها معظمنا من المسلمات، مثل التواصل البصري، والمحادثات الاجتماعية القصيرة، والتجاوب مع الإشارات الاجتماعية".
وحث والد الشريك المؤسس لمنصة "إف تي إكس" كابلان على عدم إصدار "عقوبة قاسية" يُرجح أن تؤدي إلى إيداع ابنه في سجن مشدد أو متوسط الحراسة.
اقرأ أيضاً: هؤلاء هم مؤثرو الإنترنت الأكثر شهرة في مجال العملات المشفرة
واستطرد، قائلاً: "ذلك سيضع سام في بيئة سيُنظر فيها إلى تجاوبه مع الإشارات الاجتماعية على أنه غريب وغير لائق ومهين، وسيكون في خطر حقيقي جسيم. إنه لم يرتكب ما يبرر تعريضه لذلك الخطر".
يُستبعد أن تضاهي العقوبة الصادرة في حق بانكمان فريد بعض أشد العقوبات التي صدرت في حق المجرمين من ذوي الياقات البيضاء، مثل شولام فايس، الذي عوقب في عام 2000 بالسجن لمدة 845 عاماً لارتكابه جريمتي الابتزاز والاحتيال فيما يرتبط بإفلاس شركة "ناشيونال هيرتيج لايف إنشورانس" (.National Heritage Life Insurance Co)، وخفف الرئيس دونالد ترمب العقوبة لاحقاً. كذلك؛ مات بيرني مادوف خلال قضائه عقوبة السجن لمدة 150 عاماً لارتكابه جريمة احتيال هرمي (مخطط بونزي) بمبلغ 20 مليار دولار.
إلا أن بانكمان يواجه عقوبة السجن لمدة 10 أعوام على الأقل، وفق الخبراء.
سيقرر كابلان -الذي عينه الرئيس بيل كلينتون في المحكمة عام 1994- أقصى عقوبة مستعيناً بالتوجيهات الإرشادية الفيدرالية، التي تأخذ في الاعتبار خطورة الجريمة، والسوابق الجنائية للمتهم، إلى جانب حجم الخسائر.
ودافع كابلان سابقاً عن التزام الحيطة والحذر متى تعلق الأمر بالتوجيهات الإرشادية، مشيراً إلى أنه في مايو 2022، خلال إصدار الحكم على رجل أقر بذنبه في جريمة احتيال على العملات المشفرة -على غرار جرائم الاحتيال الهرمي- فالأغلب أن حجم الخسارة أدى دوراً غير متناسب في تحديد العقوبة.
علاقة مضطربة
لكن علاقة بانكمان فريد المضطربة مع كابلان لن تساعد بالضرورة قطب العملات المشفرة السابق. فهو يختبر صبر القاضي منذ أكثر من عام، مثل الإصرار على التكتم على هويات ضامني الكفالة، وتسريب المذكرات اليومية لصديقته السابقة -إحدى أهم شهود الحكومة- إلى الصحافة.
اقرأ أيضاً: مدعون: بانكمان فريد لن يواجه محاكمة ثانية بشأن التهم المتبقية
وهذا التصرف الأخير، دفع كابلان إلى إلغاء الإفراج عن بانكمان فريد بكفالة، قبل أسابيع من الموعد المحدد لبدء المحاكمة. وما يزال بانكمان فريد محتجزاً في سجن فيدرالي في بروكلين منذ أغسطس الماضي.
تمثل المحاكمة بحد ذاتها انتكاسة أخرى لبانكمان فريد بعد إجراءات تقاضي غير معتادة، حيث وضع القاضي حدوداً لما قد يدلي به فريق بانكمان فريد للمحلفين بخصوص المشورة التي تلقاها من المحامين، ولم يحدث هذا إلا بعد أن استمع إلى شهادة الرئيس التنفيذي السابق لشركة "إف تي إكس" على منصة الشهود لمدة 3 ساعات، في غياب هيئة المحلفين، لاستعراضها.