بلومبرغ
تصدّر سام بانكمان فريد الواجهة في إفلاس شركة "إف تي إكس" (FTX)، لكنَّه لم يكن وحده الذي يحافظ على استمرار العمل في إمبراطوريته المترامية.
تشكّلت "إف تي إكس غروب" من أكثر من 130 كياناً، تتراوح من بورصات تداول للعملات المشفرة وصولاً إلى ذراع استثمار رأسمال مغامر وشركة لألعاب الفيديو، بحسب ما بيّنت طلبات الحماية من الإفلاس. لكنَّ التحكم في هذه الأنشطة التجارية اقتصر على فئة محدودة من الأفراد ذوي النفوذ، الذين قادوا إبرام الصفقات الخاصة بالشركة، وأصدروا قرارات حيوية تتعلق بطريقة إنفاق "إف تي إكس" لمواردها النقدية التي كانت هائلة في وقت من الأوقات.
لم يتضح ما إذا كانوا جميعهم محور اهتمام بالنسبة إلى المدّعين العامين. ركّزت قضية الاحتيال ضد بانكمان فريد بصفة أساسية على عمليات تحويل مليارات الدولارات من حسابات عملاء "إف تي إكس" إلى صندوق تحوط يتبع شركة "ألاميدا ريسيرش" (Alameda Research)، مما راكم الخسائر في التعاملات التي قادت إلى انهيار البورصة. بالتالي؛ سيخضع على الأرجح أي أشخاص على علاقة بـ"ألاميدا" للتدقيق. اعترف كلٌ من غاري وانغ المؤسس المشارك لـ"إف تي إكس"، وكارولين إليسون الرئيسة التنفيذية السابقة لـ"ألاميدا"، بارتكاب جريمة الاحتيال فيما يتصل بالصندوق. ودفع بانكمان فريد ببراءته زاعماً أنَّه لم يكن يعلم بما كان يحدث في "ألاميدا".
التعاون مع السلطات
سيحاول آخرون على الأرجح الحصول على اتفاقات خاصة بهم للتعاون مع سلطات التحقيق. أفادت "بلومبرغ" أنَّ رئيس الأعمال الهندسية السابق لدى "إف تي إكس"، نيشاد سينغ، اجتمع بالمدّعين العامين مطلع يناير الجاري. أكدت المدعية العامة الفيدرالية السابقة ريبيكا ميرملشتاين أنَّ الحكومة في الأغلب تفضل أن يكون لديها متعاونون أكثر لتغطية "ثغرات" من خلال بعض من الشهود يمكن الوثوق بهم، ولكن يوجد حد أقصى لعدد الذين يحتاجونهم.
أضافت: "يعتبر وجود 3 متعاونين عدداً كبيراً للغاية، والشخص الراغب بالتعاون حالياً بحاجة لأن يسأل نفسه: ماذا لديه من معلومات لا يستطيع وانغ وإيليسون أن يقدّماه للحكومة".
سيبقى مسؤولون تنفيذيون آخرون، ربما لم يكونوا جزءاً من دائرة بانكمان فريد المقربة، قلقين للغاية بينما تمضي الإجراءات القانونية قُدُماً ضد زملائهم السابقين في "إف تي إكس" و"ألاميدا"، بحسب ما ذكر كيفن أوبراين، المدعي العام الفيدرالي السابق.
أضاف: "من المتوقَّع لكل هؤلاء الأشخاص، وللمسؤولين التنفيذيين البارزين هناك، في أي من المؤسستين، أن يتواصلوا مع محامٍ للحصول على مشورة قانونية سليمة".
بناءً على شهور من التقارير المنشورة وتحليل ملفات طلبات الحماية من الإفلاس المقدّمة من قبل "إف تي إكس"، نستعرض فيما يلي الشخصيات الأكثر نفوذاً في المجموعة، علاوة على بانكمان فريد وإيلسون ووانغ:
نيشاد سينغ
كان سينغ، وهو صديق الشقيق الأصغر لبانكمان فريد خلال المرحلة الثانوية، يتولى منصب مدير الأعمال الهندسية بـ"إف تي إكس" وهو واحد من أصدقاء رئيسه بالسكن في جزر الباهاما. وفقاً لطلب الحماية من الإفلاس المقدم للمحكمة؛ فقد ساهم في تدوين كود أتاح لـ"ألاميدا" اقتراض مبالغ لا حدود لها بسرية، بشكل أساسي من حسابات عملاء بورصة التداول. وقام هو نفسه باقتراض الملايين من الدولارات من الصندوق. على غرار بانكمان فريد. كما كان من الممولين الكبار للحملات الانتخابية للحزب الديمقراطي، إذ منح سينغ ما يفوق 9.3 مليون دولار لمرشحين ولجان انتخابية منذ 2020. وُجّهت إلى رفيق بانكمان فريد لائحة اتهام تشمل انتهاك قوانين تمويل الحملات الانتخابية واستغلال التبرعات المخصصة لأغراض سياسية للمساعدة على القيام بعمليات غسيل أموال لعوائد احتيال أكبر. حضر سينغ ما يسمى بجلسة توجيه الاتهام أمام المدعين العامين في وقت سابق من الشهر الجاري، إذ نال حصانة قانونية محدودة مقابل إخبار المدعين العامين بما يعلمه، على أمل التفاوض للتوصل إلى صفقة إقرار بالتهمة. رفض المحامي عن سينغ التعليق على الموضوع.
ريان سلامي
شغل مقعد الرئيس التنفيذي المشارك السابق لشركة "إف تي إكس ديجيتال ماركتس" (FTX Digital Markets)، التي تمثل الكيان التجاري الرئيسي لبورصة التداول في جزر الباهاما. كان سلامي متبرعاً كبيراً للأنشطة السياسية، برغم أنَّه كان يؤيد الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين. كما كان أحد كبار المقترضين الكبار من "ألاميدا"، إذ كشفت ملفات التقدّم بطلب الحماية من الإفلاس أنَّه مدين بمبلغ 55 مليون دولار. ربما استخدم خريج كلية "أمهيرست" لسنة 2015 جزءاً من هذه الأموال لتمويل 5 مطاعم يمتلكها في مدينة لينوكس التابعة لمقاطعة بيركشاير بولاية ماساشوستس الأميركية. قام بالإبلاغ عن إساءة استخدام محتملة للأموال بالبورصة قبل أيام عدة من تقدم "إف تي إكس" للمحكمة بطلبها للحماية من الإفلاس في نوفمبر الماضي، حيث أخطر الجهات التنظيمية لدى جزر البهاما بأنَّ أصول العملاء جرى استخدامها لتغطية خسائر في "ألاميدا". لم يستجب المحامي عن سلامي لطلب التعليق على الموضوع.
بريت هاريسون
تقدم هاريسون على نحو مفاجئ بالاستقالة من منصبه كرئيس لشركة تابعة لـ"إف تي إكس" داخل الولايات المتحدة في سبتمبر الماضي، عقب مرور ما يزيد على عام بقليل من التحاقه بها. كان قد عمل في السابق لدى شركة "سيتاديل سيكيوريتز" (Citadel Securities) وفي شركة "جين ستريت" (Jane Street) للتداول الكمي، وهي شركة عمل فيها بانكمان فريد أيضاً. جمع التمويل بغرض تدشين شركة عملات مشفَّرة ناشئة لدى تقدم "إف تي إكس" بطلب الحماية من الإفلاس، وأعلن أنتوني سكاراموتشي بتاريخ 14 يناير الجاري أنَّه كان بصدد الاستثمار في الشركة الخاصة بهاريسون. في اليوم ذاته، أطلق هاريسون، الذي امتنع عن التعليق على هذه القصة، وابلاً من التغريدات التي شرح من خلالها تجربته مع "إف تي إكس". أوضح أنَّه حذر من وجود مخاوف تتعلق بالهيكل التنظيمي للمجموعة، ووجه انتقادات لبانكمان فريد، واعتبره "مديراً غير مأمون، وهو مغرور أيضاً" نافياً أن يكون على دراية بأي نشاط ذي طابع إجرامي. أكد هاريسون عبر واحدة من تغريداته، بالقول: "بات جلياً مما كُشف عنه أنَّ المؤامرة نُفذت بطريقة وثيقة من قبل سام ودائرته الداخلية في شركتي "إف تي إكس.كوم" (FTX. com) و"ألاميدا"، والتي لم أكن طرفاً فيها، بالإضافة إلى مسؤولين تنفيذيين آخرين في "إف تي إكس يو إس" (FTX US).
سام ترابوكو
استقال ترابوكو، الرئيس التنفيذي المشارك مع إيلسون لـ"ألاميدا" بطريقة مفاجئة في أغسطس الماضي، حيث أشار في تغريدة له على موقع "تويتر" إلى أنَّه اختار "منح الأولوية لأمور أخرى" ليكون عوضاً عن ذلك مستشاراً في الشركة. كانت إليسون قد ذكرت في السابق أثناء مقابلة مع "بلومبرغ" أنَّ دور ترابوكو يتعلق بمواجهة أمور خارج الشركة أكثر من الدور المنوط بها، واصفة دوره بأنَّه مسؤول التعامل مع حضور الشركة على منصة "تويتر". دوّن ترابوكو منشوراً على وسائل التواصل الاجتماعي تناول شغفه بلعب القمار ومدى مساهمة استراتيجيته الخاصة بلعبة البوكر في إثراء تعاملات "ألاميدا" التجارية. سبق لترابوكو العمل في مكتب تداول صندوق مُدرج بالبورصة يتبع لشركة "ساسكوهانا إنترناشونال غروب" (Susquehanna International Group) قبل أن يلتحق بـ"إف تي إكس".
رامنيك أرورا
قاد الرئيس السابق لوحدة المنتجات لدى "إف تي إكس" الجهود الرامية لجذب عملاء أكثر لبورصة تداول العملات المشفَّرة والوساطة لإبرام صفقات مع شركات ناشئة تركز على المستثمرين الأفراد على غرار شركة "ديف". شارك أرورا أيضاً في عقد صفقات بالمجموعة، ممثلاً لشركة "إف تي إكس فينتشرز" (FTX Ventures) بمحادثات مع كبريات شركات رأس المال المغامر، بحسب أشخاص على دراية بالموضوع. ساعد في التوصل إلى اتفاقات انقاذ لسام بانكمان فريد الصيف الماضي، بما فيها اتفاقية منكوبة لتدعيم شركة "بلوك فاي" (.BlockFi Inc) عن طريق توفير تسهيل ائتماني متجدد بقيمة 400 مليون دولار، مع وضع إمكانية استحواذ "إف تي إكس" على بنك العملة المشفَّرة نصب أعينهم. وتقدّمت "بلوك فاي" بطلب للحماية من الإفلاس عقب فترة وجيزة من تقديم "إف تي إكس" طلبها للمحكمة. قبل التحاقه بـ"إف تي إكس"، أمضى أرورا 5 أعوام في شركة "ميتا بلاتفورمز" (.Meta Platforms Inc)، إذ عمل بمشروع "فيسبوك" الفاشل لإصدار عملة "ليبرا" المشفَّرة المستقرة. كما عمل أيضاً لدى "غولدمان ساكس غروب". لم يرد أرورا على طلب للتعليق على الموضوع.
آمي ويو
تولّت ويو، التي كانت في السابق شريكة في شركة "لايتسبيد فينتشر بارتنرز" (Lightspeed Venture Partners)، قيادة "إف تي إكس فينتشرز" التي دُشنت حديثاً في يناير 2022. وفي ظل قيادتها؛ موّلت الشركة 50 شركة ناشئة تقريباً قبل إغلاقها، بحسب بيانات شركة الأبحاث "بيتش بوك" (PitchBook). أظهرت شكوى لجنة الأوراق المالية والبورصات أنَّ "إف تي إكس فينتشرز" استثمرت 100 مليون دولار من خلال تحويل أموال العملاء بصورة مخالفة للقانون إلى "ألاميدا". أثناء مقابلات مع "بلومبرغ" في أغسطس الماضي، أشارت كل من ويو وإليسون إلى أنَّ "ألاميدا" نقلت عمليات الشركة إلى "إف تي إكس فيتشرز"، وهذا ما يظهر العلاقات الوطيدة بين الشركتين. رفضت ويو التعليق على الأمر.
كونستانس وانغ
تعتبر أحد كبار المساعدين لسام بانكمان فريد، حيث عملت وانغ كمديرة للعمليات التشغيلية بـ"إف تي إكس" حتى نوفمبر الماضي، وشغلت أيضاً منصب الرئيس التنفيذي المشارك لدى "إف تي إكس ديجيتال ماركتس". تولّت مسؤولية زيادة أعداد المستخدمين على مستوى العالم، وعقد الشراكات، وشؤون العلاقات العامة، كما مثّلت الشركة من خلال حضور المؤتمرات. عملت السيدة السنغافورية الأصل في السابق ببورصة العملات المشفَّرة "هوبي غلوبال" (Huobi Global) كمديرة لتطوير الأعمال. كانت وانغ أيضاً تعمل محللة متخصصة بالمخاطر والضوابط لدى "كريدي سويس غروب " (.Credit Suisse Group Inc). لم ترد وانغ على طلب للتعليق على الأمر.
كلير واتانابي
تعتبر كلير واتانابي، من كبار المسؤولين التنفيذيين في فريق وحدة تطوير الأعمال بـ"إف تي إكس"، وكانت أيضاً حبيبة لسينغ لمدة زمنية طويلة. ووردت تقارير تفيد أنَّها كانت قوة محرّكة لمساعي التوصل إلى اتفاق رعاية مع "تايلور سويفت" تبلغ قيمته 100 مليون دولار. لم نتمكّن من الوصول إلى واتانابي للتعليق على الموضوع.