طفرة تعدين العملات المشفرة في تكساس تتهدد شركاتها بالإفلاس

شركات التعدين وصلت حافة الهاوية نظراً لارتفاع تكاليف الطاقة وتراجع "بتكوين" ومنافسة محتدمة

time reading iconدقائق القراءة - 14
منشأة \"كورمينت جاتا سيستمز بتكوين\" قيد الإنشاء لتعدين العملات المشفرة في فورت ستوكتون، تكساس، الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
منشأة "كورمينت جاتا سيستمز بتكوين" قيد الإنشاء لتعدين العملات المشفرة في فورت ستوكتون، تكساس، الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

بدأ الانتعاش الذهبي لمُعدّني العملات المشفرة في فقدان بريقه بولاية تكساس الأميركية مع معاناة مُعدّني عملة "بتكوين" من مشكلات مالية، تاركين وراءهم ما يخشى البعض أن يتحول إلى قطاع قاحل، ومواقع غير مكتملة، وآلات مهجورة.

ففي ظل محاولات الولاية للتحول إلى ملاذ آمن لتعدين العملات المشفرة، جذبت تكساس المُعدّنين بشكل كبير عن طريق خفض أسعار الكهرباء وسن التشريعات الجاذبة، ما دفع كثيرين منهم إلى الحصول على قروض بمليارات الدولارات لشراء آلات باهظة الثمن، وإنشاء بنية تحتية لمشروعاتهم بالولاية.

رغم ذلك، أدى ارتفاع تكاليف الطاقة، والانخفاض الحاد في أسعار "بتكوين"، مع زيادة المنافسة إلى الضغط على هوامش الأرباح، وصعّب على المعدنين سداد ديونهم، فيما أوشك بعضهم على الإفلاس.

قال ماسون جابا، الرئيس التنفيذي لشركة "بلوكوير سوليوشنز" (Blockware Solutions) لخدمات التعدين ومقرها مدينة أوستن بولاية تكساس: "يوجد العديد من الأصول في كل مكان، والأمر أشبه بالفوضى. وتلقيت رسائل حول المحولات، ومعدات التحويل، ومراكز البيانات المتنقلة، وحاويات التعدين، وكلها قابعة هناك دون عمل".

سيكون هناك كثير من الخاسرين إذا انهار قطاع تعدين "بتكوين". وأحد هؤلاء الخاسرين سيكون السلطات المحلية في الولاية، التي قدمت حوافز مثل التخفيضات الضريبية بقيمة عشرات الملايين من الدولارات. وقد لا يُنفذ مخطط توليد الكهرباء الذي تحتاجه المنطقة بشدة لتجنب أزمة طاقة أخرى. كما ضخ بعض المطورين استثمارات ضخمة لبناء المرافق المطلوبة لتعدين "بتكوين". ويبلغ متوسط تكلفة امتلاك بنية تحتية للتعدين لسعة إنتاج تبلغ ميغاواط حالياً 300 ألف دولار تقريباً في الولاية، وهو أقصى مستوى وفقاً لجابا.

قالت شركة "آيرس إنرجي" الشهر الماضي إنها ستقيّم حجم التكلفة والوقت المطلوبين لبناء مرافق تتجاوز سعتها 20 ميغاواط التي كان من المخطط توفيرها مبدئياً بموقع شايلدرس التابع للشركة. كانت الشركة تخطط للحصول على سعة إنتاج قدره 600 ميغاواط في الموقع، لكنها سحبت معدات التعدين من موقعين بعد التخلف عن سداد قروض بقيمة 108 ملايين دولار. ويوم الإثنين الماضي، قالت إنها ماتزال تملك الأرض والأصول المادية الأخرى في الموقعين.

تراجع وإفلاس المعدنين

أيضاً خططت "أرغو بلوكتشين" في البداية لإكمال مشروعها لمزرعة تعدين عملات مشفرة، والتي تبلغ طاقتها 800 ميغاواط، في مقاطعة ديكنز بوقت سابق من هذا العام، لكنها عانت من أزمة سيولة. وحذرت في أكتوبر من أنه إذا لم تتلق تمويلاً جديداً، فسوف تحتاج إلى "تقليص أو وقف العمليات". كما حذرت "كور ساينتفيك" من احتمال إفلاسها بعد إعلانها في السابق عن خطة لبناء منشآت بقدرة 200 ميغاواط بالقرب من دالاس.

تمثل هذه الشركات أكبر المشاركين في قطاع تعدين العملات المشفرة بتكساس، من بين عشرات أخرى تخطط لبناء منشآت. ويُتوقع أن تنتج ما يصل إلى 7 غيغاواط من الطلب على الكهرباء في شبكة تكساس، و3 غيغاواط أخرى في عام 2023، وفق إفصاحات الشركات وإيداعات هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.

قال متحدث باسم شركة "لانسيوم" (Lancium)، التي تملك موقعين بسعة تزيد عن غيغاواط في مقاطعتي تايلور وبيكوس، إن الشركة ستستغرق عدة سنوات لاستكمات المنشأتين. بالإضافة إلى شركات التعدين، تتوقع الشركة استضافة تطبيقات مختلفة مثل الحوسبة عالية الأداء.

لم تستجب شركات "رايوت بلوكتشين"، و"أرغو"، و"كومبيوت نورث" (Compute North) و"كور ساينتفيك" و"جنيسيس ديجيتال أسيتس" (Genesis Digital Assets) و"بيتدير" (Bitdeer) لطلبات التعليق.

أزمات تعرقل شركات التعدين

يرى ماثيو كيميل، محلل الأصول الرقمية في "كوين شيرز" أن الكثير من مشكلات سلسلة التوريد التي احتدمت خلال أوقات انتشار كوفيد لم تعد بالضرورة سبباً لأزمات الإمدادات بعد الآن. فالمشكلة التي يمكن أن تعرقل الشركات حالياً تتمثل في عدم وجود السيولة الكافية لديها.

كانت تكاليف الطاقة لشركات تعدين العملات المشفرة مرتفعة على مدار العام بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، وموجات الحر في ولاية تكساس خلال الصيف. أدى تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية والانهيارات الداخلية لشركات التشفير الكبرى إلى انخفاض أسعار بتكوين بأكثر من 60% هذا العام.

وبعدما حظرت الصين شركات تعدين العملات المشفرة العام الماضي، سعت تكساس إلى ملء الفراغ الذي خلفته الصين كوسيلة لإنعاش اقتصاد الولاية سريع النمو بصورة أكبر. لكن نظراً لأن التعدين يعتمد على استهلاك الكهرباء، فإن موجة الطلب الجديد تهدد بالضغط على شبكة ما تزال تحاول التعافي من إخفاقات شهدتها أثناء العاصفة الشتوية القارسة في فبراير 2021 وتركت الملايين في الظلام لأيام، وتسببت في وفاة أكثر من 200 شخص.

تنافس على الكهرباء

وصف غريغ أبوت، حاكم ولاية تكساس، أنشطة التعدين كطريقة لمساعدة شبكات الكهرباء، لأنها تتيح خفض وتيرة عمل الآلات بسرعة خلال فترات الإجهاد، مع زيادة نشاطها بالعكس عند الحاجة لاستيعاب الطاقة المولدة من الرياح والشمس التي كانت ستضيع لولا ذلك. كما تعد القدرة على موازنة الإنتاج بشكل موثوق في ظل هذه الكميات الكبيرة من الطلب بمثابة نعمة.

لكن مع ذلك، ما تزال القواعد التي تتطلب من شركات التعدين التصرف بطريقة معينة في ظل ظروف معينة في السوق تثير الجدل. إذ يشعر المنتقدون بالقلق من أن الممارسات الحالية ستمكّن شركات تعدين العملات المشفرة من نقل جميع التكاليف -المرتبطة بترقية شبكات الكهرباء لاستيعاب جميع طلباتهم- للمستهلكين. ولم يرد مكتب أبوت على طلبات للتعليق.

تمتلك تكساس 1.5 غيغاواط تقريباً من سعة تعدين العملات الرقمية، والتي تركز بشكل أساسي على "بتكوين"، كما تُشغل حوالي 37 غيغاواط من الكهرباء، والتي تتنافس على الوصول إلى شبكات الكهرباء في الولاية اعتباراً من 20 أكتوبر، وفقاً لأحدث البيانات المتاحة من مجلس الموثوقية الكهربائية في تكساس. وزاد عدد المتنافسين للحصول على الكهرباء بأكثر من الضعف خلال 6 أشهر.

رغم أن عدد المتنافسين الكبير يشير إلى تزايد الطلب على الكهرباء من شركات تعدين العملات المشفرة في وقت سابق من هذا العام، إلا أن حجم الطلب المشار إليه قد يكون مبالغاً فيه. وذلك لأن شركات تعاقدات الكهرباء والمُعدّنين كان بمقدورهم ملء عدة طلبات لنفس موقع التعدين، لأن هذه التطبيقات لا تتطلب تقديم ودائع.

قال إيثان فيرا، كبير مسؤولي العمليات في شركة "لوكسور تكنولوجيز" (Luxor Technologies) لخدمات تعدين العملات المشفرة، إن بعض الاستمارات قد لا يجري تنفيذها حتى في نهاية المطاف، لأن من يحظون بخبرة قليلة في تعدين "بتكوين" يتخلون على الأرجح عن خططهم للعمل.

تصنيفات

قصص قد تهمك