إجراءات قصوى في التمويل اللامركزي لمواجهة تصفية حسابات الرموز

time reading iconدقائق القراءة - 16
رسم بياني بالشموع لحركة سعر بيتكوين على شاشة إليكترونية في بورصة \"بيتبيس\" () للعملات المشفرة في برشلونيا بإسبانيا يوم الإثنين 16 مايو 2022 - المصدر: بلومبرغ
رسم بياني بالشموع لحركة سعر بيتكوين على شاشة إليكترونية في بورصة "بيتبيس" () للعملات المشفرة في برشلونيا بإسبانيا يوم الإثنين 16 مايو 2022 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

دفعت موجات الهبوط الفوضوية في سوق العملات المشفرة بأرقام قياسية مجموعة كبيرة من تطبيقات التمويل اللامركزي ومجتمعاتها إلى حماية نفسها من عمليات التصفية المتلاحقة – وعبر تطبيق إجراءات غير مسبوقة أحياناً.

يوم الأحد، صوت حاملو الرموز في تطبيق الإقراض "سولند" (Solend) على شبكة سلسلة الكتل "بلوكتشين" الخاصة بعملة "سولانا" للاستحواذ مؤقتاً على حساب مستخدم كبير يواجه خطر التصفية، في إجراء يبدو أنه الأول من نوعه بالنسبة إلى التمويل غير المركزي، رغم أن اقتراحاً لاحقاً استهدف التراجع عن هذه الخطوة.

قبل ذلك بيوم واحد، أوقف تطبيق "ميكرداو" (MakerDAO)، الذي يدعم العملة المستقرة "داي" (DAI)، إيداع هذه العملة أو سكها في منصة التمويل غير المركزي "آفي" (Aave) لإقراض الرموز المشفرة. ويدير تطبيق "ميكرداو" مجتمعاً للرموز المشفرة قام على تشكيل واحدة من أوائل منظمات التمويل غير المركزي المستقلة.

اقرأ أيضاً:

مخاطر التصفية

يستطيع مستخدمو تطبيقات التمويل غير المركزي أن يتعاملوا على العملات والرموز المشفرة فيما بينهم وأن يقترضوا رموزاً ويقرضوا بعضهم بعضاً من خلالها دون وساطة من البنوك مثلاً. وتعاني هذه التطبيقات حالياً بسبب أنها مرتبطة ببعضها داخلياً في الأغلب، وأي مشكلة تحدث في إحداها قد تترتب عليها آثار سلبية على الأخرى. ففي أغلب الأحوال، يقدم المستخدمون في تطبيق من التطبيقات بعض الرموز المشفرة ضماناً لاقتراض إحدى العملات، ثم يودعون هذه العملة المقترضة في تطبيق آخر للحصول على عوائد أعلى. وعندما تنهار أسعار الرموز المشفرة مثلما حدث مؤخراً، قد يتسبب ذلك في موجة من نداء الهامش على الضمانات، ويتعرض المستخدمون الذين لا يواجهون هذا النداء بإضافة مزيد من الضمانات إلى التصفية في عملية تعتمد على برامج معينة وتنفذها آلات (روبوتات) مصممة لهذا الغرض.

البيع والديون الرديئة

عندما يصبح مستخدم من المستخدمين جاهزاً للتصفية، تتنافس هذه الروبوتات – التي تقوم على تشغيلها أطراف ثالثة من متعاملين أو مبرمجين – على تصفية المراكز الاستثمارية بهدف الحصول على حافز أو مكافأة مقابل ذلك، وهي عملية شائعة في قطاع التمويل اللامركزي. وقد ينتج عن تنافس عدد كبير من الروبوتات على تصفية مركز من المراكز الاستثمارية اختناق في سلسلة الكتل "البلوكتشين" بسبب كثرة العمليات. وفي نفس الوقت، قد يؤدي أيضاً طرح كمية كبيرة من العملات للبيع من قبل القائمين بالتصفية إلى زيادة الضغوط على أسعار الرموز، ما يتسبب في موجة أخرى من عمليات التصفية. وتسعى مجتمعات التمويل اللامركزي إلى التدخل بهدف تجنب كل هذه الأحداث.

قال بول فيراديتاكيت، شريك في صندوق التحوط المتخصص بالعملات المشفرة "بانتيرا كابيتال" (Pantera Capital): "إن كثيراً من بروتوكولات التمويل اللامركزي تقلل من تعريض الطرف الآخر للمخاطر في هذه الأوقات المتقلبة".

تحشد المجتمعات الخاصة بكل تطبيق للتمويل اللامركزي أيضاً حتى تضمن عدم الإضرار بتطبيقاتهم بسبب أمور مثل الديون الرديئة: فإذا لم يستطع مصفٍ أن يبيع رموزاً غير سائلة، أو إذا انهارت أسعار الرموز أثناء بيعها، فقد ينتهي الأمر بالتطبيقات إلى أن تصبح مسؤولة عن رد مستحقات الدائنين.

خطوة جريئة

في حالة تطبيق "سولند"، صوت حاملو الرموز يوم الأحد بأغلبية ساحقة تأييداً لاقتراح بالاستحواذ مؤقتاً على حساب مستخدم كبير بعد أن حاول التطبيق التواصل مع هذا المستخدم دون جدوى، مما جعل من عملية التصفية الهائلة للمحفظة خطراً وشيكاً. غير أن اقتراحاً ثانياً قدم بعد ظهور انتقادات لهذه الخطوة بإلغاء الاقتراح الأول والعمل على البحث عن حلول أخرى جديدة.

وفق الاقتراح الأول، جاءت المبررات على هذا المنوال: إذا بدأت مجموعة من الروبوتات في التنافس على عملية التصفية، "فقد يتسبب ذلك في إثارة الفوضى، مما يشكل ضغطاً على شبكة (سولانا)". وعبر الاستحواذ على هذا الحساب، يستطيع فريق "سولند" أن يحاول تصفية المركز الاستثماري بطريقة تضمن أن تتأثر أسعار الرموز التي تتم تصفيتها بدرجة أقل، عبر بيعها بسوق خارج المقصورة إلى مشتر محدد. ومن المفترض أن مالك الحساب الذي يجري الاستحواذ عليه سوف يستفيد من حصيلة بيع أي عملات عند التصفية.

اقرأ أيضاً:

تقويض فكرة المجتمع

غير أن هذه الخطوة غير تقليدية إلى حد كبير، وتمثل خرقاً لقواعد التمويل اللامركزي، وتسببت في انزعاج بعض الأعضاء في مجتمع "كريبتو تويتر" (Crypto Twitter) الخاص بمختلف المهتمين والمعنيين بالرموز المشفرة. وقد استحوذ حساب مشفر واحد على نصيب الأسد من الرموز التي صوتت تأييداً للاقتراح، فيما ظهر عند البعض أنه تقويض لفكرة "المجتمع" التي يتبناها قطاع التمويل اللامركزي.

So someone had the bright idea that, instead of doing what the contract says, they will **take over the position of the whale, and liquidate these coins manually through an OTC desk**. This is unprecedented.

— Emin Gün Sirer (@el33th4xor) June 19, 2022

معظم تطبيقات التمويل اللامركزي يديرها ويحكمها حائزو الرموز المشفرة التابعة لها الذين يحق لهم تقديم اقتراحات بشأن تغيير وتحسين عمل التطبيق والتصويت عليها. ويمكن أن تتضمن الاقتراحات عادة تطوير منتج جديد، أو تغيير هيكل الرسوم في التطبيق. وحتى الآن، يفترض معظم الناس أن الاقتراح بالاستحواذ على حساب أحد الأشخاص غير ممكن في قطاع التمويل اللامركزي، الذي يجذب بعض المستخدمين جزئياً بسبب فكرة أنه يستطيع حمايتهم من تجاوزات شركات التمويل التقليدية أو حكومة مستبدة.

بالنسبة إلى حالة تطبيق "سولند"، ربما تم تجاهل هذا الافتراض – رغم أن هذا التصويت قد يدفع أي شخص جديد إلى الإحجام عن الانضمام إلى مجتمعه.

إلغاء اقتراح الاستحواذ

هل يستطيع تطبيق تمويل لامركزي آخر واقعياً أن يحقق إنجازاً مماثلاً؟ هناك حفنة صغيرة من حائزي الرموز يسيطرون على الغالبية العظمى من العملات المشفرة في كثير من هذه التطبيقات، ويستطيعون التأثير على نتائج التصويت أو حتى التحكم بها. وبالتالي، يستطيع أصحاب حق التصويت في التطبيقات الأخرى من الناحية الفنية أن ينفذوا مقترحات مماثلة – غير أن ذلك سوف يتسبب أيضاً في حالة عامة من الغضب.

سوف يبطل الاقتراح الثاني في "سولند" الاقتراح الأول، وسيؤدي إلى زيادة زمن التصويت إلى يوم واحد، علاوة على "العمل على اقتراح جديد لا يتضمن صلاحيات طوارئ للاستحواذ على حساب من الحسابات".

يذكر الاقتراح: "إننا نعترف أن فترة تصويت من يوم واحد تظل فترة قصيرة، غير أننا بحاجة إلى أن نتدخل بسرعة لمواجهة المخاطر النظامية وحقيقة أن المستخدمين العاديين لا يستطيعون سحب العملة الرقمية المستقرة "دولار كوين" (USDC). نحن نطلب من مجتمعنا أن يشارك بنشاط في الإدارة والتوجيه في الأيام القليلة القادمة. أما فترة التصويت فسوف تخضع للدراسة مجدداً في اقتراح مستقبلي".

مشتقات "إيثر" الخطرة

تأتي إجراءات "سولند" بعد يوم واحد من قرار تطبيق "ميكر دي إيه أو"، الذي يدعم العملة المستقرة "دي إيه آي"، بوقف إيداع أو سك عملته في منصة "آفي" لإقراض الرموز المشفرة بسبب انكشاف "آفي" على مخاطر أحد المشتقات المأزومة من عملة "إيثر" تسمى عقود "إيثر المدعومة" (stETH) التي أصبحت تفتقد إلى السيولة في التداول.

يترتب على هذا القرار منع المتعاملين من اقتراض عملة "دي إيه آي" بضمان عقود "إيثر المدعومة" (stETH). بل إن جدالاً ساخناً يدور بين المستخدمين في منتدى حوكمة "آفي" نفسه حول كيفية تخفيض مخاطر تداول عقود "إيثر المدعومة"، التي تقول منصة "غونتليت" (Gauntlet) لتحليل مخاطر التمويل اللامركزي إنها: "قد تشكل خطراً إضافياً على بروتوكول (آفي)".

يصدر عقود "إيثر المدعومة" (stETH) أحد تطبيقات التمويل اللامركزي مقابل إيداع مشتري العقد عملة "إيثر" لدى التطبيق لفترة محددة، ويحق له استخدام العقود في اقتراض عملات مشفرة أخرى أو بيع وشراء العقود أو استرداد قيمتها بعملة "إيثر" وفق شروط العقد.

بدأت أزمة تطبيقات التمويل اللامركزي بعد تجميد الودائع في منصتي "سيلزيوس نتورك" (Celsius Network) و"بابل" (Babel)، وانتشار شائعة انهيار صندوق التحوط "ثري أروز كابيتال" (Three Arrows Capital)، مما تسبب في انخفاض أسعار الرموز المشفرة بنسب مزدوجة الأرقام على مدى الأسبوع الماضي. وقد عملت منصة "سيلزيوس نتورك" مع كثير من تطبيقات التمويل اللامركزي بهدف تحقيق عوائد مرتفعة. وتشير شركة الأبحاث "نوفوم إنسايتس" (Novum Insights)، على سبيل المثال، إلى أن نحو 30% من إجمالي عقود "إيثر المدعومة" (stETh) العالقة على شبكة "آفي" صادرة عن منصة "سيلزيوس". وفي نفس الوقت، كان صندوق التحوط "ثري أروز كابيتال" واحداً من المستثمرين في منصة "ليدو" (Lido) التي تصدر عقود "إيثر المدعومة" (stETh) ويناقش مسألة تغيير الطريقة التي تدار بها الشبكة.

بحسب منصة المعلومات "لاما" للتمويل غير المركزي (DeFi Llama)، انخفضت القيمة الإجمالية المحتجزة في تطبيقات التمويل اللامركزي، أو قيمة الرموز المشفرة المستخدمة على هذه التطبيقات، إلى 70.6 مليار دولار مقارنة مع 205.7 مليار دولار في 5 مايو الماضي، قبل أن يطلق انفجار سلسلة الكتل أو "البلوكتشين" الخاصة بعملة "تيرا" أكبر أزمة شهدها العام في قطاع الرموز المشفرة حتى الآن.

تصنيفات

قصص قد تهمك