بلومبرغ
جرت الموافقة على مقترح قدمه مؤسس نظام عملة "تيرا" المتعثرة لإنقاذ المشروع، وهو ما قد يؤدي إلى تفادي الانهيار الكامل في واحدة من أكثر تجارب التمويل اللامركزي التي جذبت الاهتمام.
بموجب الخطة الهيكلية الجديدة، التي وضعها دو كوون وحظيت بالموافقة مؤخراً، ستُعرف البلوكتشين (سلسلة الكتل) الأصلية باسم "تيرا كلاسيك"، فيما سيعاد تسمية رمزها الأصلي "لونا" باسم "لونا كلاسيك"، بعدما تدنى سعرها هذا الشهر إلى مستوى شبه صفري، وستحصل على رمز التداول "إل يو إن سي" (LUNC). كما ستبدأ بلوكتشين "تيرا" الجديدة في إدارة عملة تحت اسم ورمز التداول الخاص بـ"لونا"، لكن لن ينطبق الإجراء نفسه على عملة "تيرا دولار" المستقرة.
اقرأ أيضاً: "تيرا" لم تقضِ على العملات المشفرة لكن الأمر كان وشيك الحدوث
تفكك "تيرا" -الذي ظهرت بوادره أوائل الشهر الجاري بعد تهاوي العملة المستقرة الخوارزمية التي روَّج لها كوون بلا هوادة- يشكل إحدى أكبر حالات الانهيار في تاريخ قطاع التشفير. ورغم أن التصويت لصالح خطة إنقاذ العملة، التي نُشرت الأربعاء، يشكل انتصاراً إلى حد ما بالنسبة إلى كوون وداعميه، فإن الشكوك لا تزال قائمة حول إمكانية إعادة إحياء "تيرا" في نهاية المطاف.
انقسام صلب
تعني هذه العملية أن منصة "تيرافورم لابز" (Terraform Labs) ستتخلى إلى حد كبير عن عملة "تيرا دولار" (Terra USD) المستقرة، المعروفة اختصاراً باسم "يو إس تي" (UST)، فهي من الآن فصاعداً سيجري تداولها على بلوكتشين "تيرا كلاسيك" فقط. ورغم أنها صُممت على أساس الربط مع الدولار الأمريكي بقيمة وحدة واحدة مقابل دولار واحد، فإنها تراجعت بحدة ليجري تداولها مقابل 10 سنتات فقط يوم الأربعاء.
اقترح كوون، وهو رائد أعمال في قطاع التشفير ومؤسس "تيرا"، انقسام البلوكتشين إلى نصفين، مع تنفيذ ما يعرف في القطاع باسم "الانقسام الصلب" في الشبكات (Hard Fork). وجرى تعديل مقترحه في ما بعدُ من قِبل "تيرافورم لابز"، المشغِّلة الرئيسية للمشروع، بحيث تشكّل بلوكتشين جديدة بالكامل لـ"تيرا" بدلاً من انقسامها، مع ترك الشبكة القديمة ليتولى المستخدمون أمرها.
قال كوون إنّ رموز "لونا" الجديدة ستوزع على حائزي عملات "لونا" و"تيرا دولار" السابقين، في عملية تعرف باسم "التوزيع المجاني" (Air Drop)، وذلك بالاعتماد على لقطة مأخوذة من شبكة "تيرا" القديمة لتوثيق المشاركين. وسيتوجب على كل التطبيقات اللامركزية والأصول القائمة على سلسلة "تيرا" القديمة الانتقال إلى الشبكة الجديدة، حسبما قالته "تيرافورم لابز"، مع نصح جميع حاملي عملات "لونا" و"تيرا دولار" بنقل رموزهم الرقمية إلى المحافظ الأصلية لـ"تيرا" بدلاً من حيازتها في البورصات.
آلية هالكة
اعتمدت "تيرا دولار" على مزيج من الخوارزميات وحوافز التداول لتعديل المعروض منها بالتواؤم مع عملة "لونا" الشقيقة لها، إلى جانب المحافظة على ربطها بالدولار الأمريكي.
نظرياً، كان يفترض بهذه الآليات أن تضمن عدم انحراف "تيرا دولار" لمدة طويلة عن ربطها. لكن مع بداية خسارة ربطها بالدولار بعد 7 مايو، اضطرت "تيرافورم لابز" إلى زيادة المعروض من عملات "لونا" بشكل مثير لاستعادة الربط، وعلى النقيض من ذلك أدى هذا إلى انهيار سعر "لونا"، وفشل المحاولة في نهاية المطاف، مع القضاء على قرابة 40 مليار دولار من القيمة السوقية الإجمالية.
ارتفعت "لونا" بنسبة 12% بعد تقديم مقترح خطة الإنقاذ. وخسرت العملة قيمتها الكاملة كلها تقريباً منذ انهيار "تيرا دولار".
قوبل اقتراح كوون بانتقادات من جانب عديد من جهات التصديق والمستثمرين، الذين طلبوا تعويضاً من مديري المشروع عقب انهيار قيمة حيازاتهم. وجاءت الحصيلة النهائية للأصوات على الاقتراح، يوم الأربعاء، بنحو 65% أيدوا و21% امتنعوا عن التصويت، كما رفض 13% الاقتراح باستخدامهم حق الفيتو، لكن هذه النسبة أقل من 33.4% اللازمة لإبطال الاقتراح.
واجهت "تيرافورم" أيضاً شكوكاً حول كيفية استخدامها للاحتياطي البالغ 3.2 مليار دولار، الذي جمعته من الاستثمار في "بتكوين" والأصول المشفرة الأخرى لدعم "تيرا دولار". كما قالت كبرى الشركات المستثمرة، بما فيها "دلفي ديجيتال" (Delphi Digital) و"غالاكسي ديجيتال" (Galaxy Digital)، إنها أخطأت في تأييدها الأعمى لنظام عمل الشركة.
مقترح منافس
طُرح مقترح منافس من مجتمع "تيرا" للتصويت عليه قبل إعلان خطة "كوون"، وعرض ذلك المقترح استخدام ما يسمى بـ"آلية الحرق" للقضاء بفاعلية على الفائض الموجود من عملة "تيرا دولار"، وتخفيف الضغط على "لونا". جرت الموافقة على المقترح فعلاً، لكنه فشل في التنفيذ بسبب خطأ عددي، واستُبدل به لاحقاً متابعة لمقترح "تيرا كلاسيك"، الذي لا يزال مطروحاً للتصويت حتى الآن.
على قنوات "تليغرام" التابعة لكيانات مثل "أوريون دوت موني" (Orion.Money)، وهي جهة تصديق لمعاملات "تيرا" تشكل 9.7% من قوة التصويت، حاول بعض الأفراد حشد أصحاب حقوق التصويت الأكبر لمعارضة مقترح كوون. لكن في نهاية المطاف امتنعت "أوريون" عن التصويت، فيما قامت ثاني أكبر جهة تصديق، وهي "ستيك سيستمز" (Stake Systems)، بالتصويت ضد المقترح، مستخدمة حق النقض.
أيضاً، عارض بعض جهات التصديق مقترح كوون في وقت سابق من عملية التصويت، التي استغرقت 7 أيام. وقالت "أولنوديز" (Allnodes)، التي تتمتع بـ15% من حقوق التصويت، إن بحثها في شبكات "تيرا" الاجتماعية أظهر أن معظم مجتمع العملة يفضل فكرة "آلية الحرق" على بناء بلوكتشين ثانية.
قال كونستانتين بويكو رومانوفسكي، الرئيس التنفيذي لـ"أولنوديز"، في رسالة بريد إلكتروني: "لا تعجبنا حقيقة أن كامل عملية الحوكمة الخاصة بهذا المقترح تبدو كأنها نموذج ديكتاتوري.. فقد بدا الأمر وكأن قرار إطلاق بلوكتشين ثانية محسوم حتى قبل انتهاء التصويت، كما أن الطريقة التي أُدير بها التصويت تخالف المبادئ التي يقوم عليها قطاع التشفير".