أخيراً قد يحدث ذلك، فبعد مرور ربع قرن على قيام شركة "رينو" الفرنسية بإنقاذ "نيسان موتور"، وست سنوات من اعتقال المنقذ الذي تحول إلى الهارب كارلوس غصن، وخمس سنوات من عرض هذا الاقتراح لأول مرة، قد تجد شركة صناعة السيارات اليابانية المتعثرة حليفاً دائماً في صورة "هوندا موتور".
قد يتم التوصل إلى اتفاق بين شركتي صناعة السيارات على السعي إلى الاندماج في وقت مبكر من يوم الاثنين –وهي هدية عيد الميلاد التي جاءت في الوقت المناسب تماماً. هناك الكثير من المشاكل في الاندماج المقترح، ولكنها الصفقة المتاحة الآن. والبدائل تبدو أقل فائدة بكثير.
بغض النظر عما قد تكون قرأته، فإن صناعة السيارات اليابانية لا تنهار، إذ كانت شركة "تويوتا موتور" أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم على مدى السنوات الأربع الماضية على التوالي، ويبدو أن قرارها بالتمسك بالسيارات الهجينة بينما يندفع منافسوها إلى السيارات الكهربائية قرار بالغ الذكاء. وهذا صحيح بشكل خاص في الولايات المتحدة، حيث تشير التقارير إلى أن إدارة دونالد ترمب القادمة تستعد لخفض الدعم للسيارات الكهربائية وحظر استيراد السيارات والمكونات من الصين.
أزمة "نيسان"
ومع ذلك، تعاني "نيسان" من صعوبات، فهي تستنزف السيولة النقدية وتواجه ديوناً بمليارات الدولارات المستحقة خلال ما يزيد قليلاً على السنة. وهي مثل "هوندا"، تكتشف، كما اكتشفت العديد من الشركات قبلها، أن الإفراط في الاعتماد على السوق الصينية المتقلبة أمر خطير. ولكنها تفتقر إلى الخيارات وإلى الأصدقاء، إذ كان تحالف "نيسان" مع "رينو" دائماً غير مناسب لكلا الطرفين، ولم يكن يجمعهما سوى شخصية غصن المتضخمة. ودائماً كان الاندماج المقترح مع مثل هذه المخاطرة المرتبطة برجل رئيسي فكرة سيئة، وكان الطرفان يحاولان في الغالب فك ذلك الارتباط منذ اعتقاله.
هل هوندا الشهيرة باستقلاليتها هي الخيار الصحيح؟ بعد ساعات من الأنباء الأولية عن الاندماج، انتشرت تقارير أخرى تفيد بأن شركة "هون هاي بريسيجن إنداستري" التايوانية المعروفة باسم "فوكسكون"، سعت للسيطرة على نيسان. إنه خيار غريب، إلى أن يأخذ المرء بعين الاعتبار أن الرجل الثالث السابق في شركة "نيسان" جون سيكي هو رئيس استراتيجية ذراع الشركة التايوانية لإنتاج السيارات الكهربائية. ولكن شركة "فوكسكون"، التي تمتلك كثيراً من الطموح وقليلاً من الخبرة في مجال السيارات، ربما لم تكن خياراً أفضل من "رينو". ولتنظر إلى إدارتها المعيبة لآخر شركة يابانية عملاقة اشترتها، وهي شركة "شارب" التي سجلت خسائر فادحة خلال العامين الماضيين وتخرج من إنتاج شاشات التلفزيون، مع انخفاض سعر سهمها بنسبة 96% عن ذروته.
المراهنوان على هبوط "نيسان" يتحسرون بعد صعود أسهمها 30%
إعادة هيكلة القطاع
مع انخراط بقية قطاع السيارات المحلي في شراكة مع "تويوتا" (التي تمتلك حصصاً في شركات "مازدا موتور" و"سوزوكي موتور" و"سوبارو" و"إيسوزو موتورز"، إلى جانب نصف شركة "هينو موتورز" وكامل شركة "دايهاتسو موتور") ليس لدى "نيسان" كثير من الخيارات. (شركة صناعة السيارات الأخرى في البلاد "ميتسوبيشي موتورز" هي جزء من تحالف "نيسان"، وسيتم على ما يبدو دمجها في الكيان الجديد في الوقت المناسب).
معنى ذلك أن الصفقة بين "نيسان" و"هوندا" ستنتهي إلى تشكيل قطبين في صناعة السيارات اليابانية؛ وهو أحد الأسباب الأشمل التي ينبغي الترحيب بالصفقة من أجلها. وقد يكون ذلك أيضاً علامة على أن السلطات ربما تركز على الصورة الأكبر لشركات صناعة السيارات، بعد أن أهدرت معظم الأشهر الاثني عشر الماضية في توبيخ "تويوتا" وغيرها من الشركات الأخرى بسبب هفوات اختبارية لا أهمية لها إلا فيما ندر، حتى مع حدوث تغيير في الأجيال في هذه الصناعة.
تحديات تواجه الاندماج
لا شك أن هذا الأمر بعيد كل البعد عن الوضع المثالي. ويعتمد الكثير من جوانبه على الشروط، إذا تم إجراء هذا الاندماج لحفظ ماء الوجه، وحيث يتم إعطاء "نيسان" وزناً مساوياً لـ"هوندا" الأكبر حجماً بكثير، فمن الصواب أن تساورنا الشكوك. فقد كانت مثل هذه التحالفات التي تحفظ الكرامة بين الشركات غير المتكافئة شائعة في عمليات الدمج والاستحواذ اليابانية على مر السنين، ولكنها سرعان ما أدت إلى صراعات على السلطة بين الإقطاعيات المتنافسة.
ومما يثير القلق أيضاً أن هذا يحدث من موقف ضعف، ربما في محاولة متسرعة لتفادي "فوكسكون" والحفاظ على "نيسان" تحت السيطرة اليابانية. كان من الأفضل بكثير اتخاذ هذه الخطوة قبل خمس سنوات، عند اقتراحها لأول مرة من قبل وزارة التجارة القوية في البلاد.
كما أن التفاعل والتعاون بين "نيسان" و"هوندا" قليل نسبياً في إنتاج قطع الغيار في منصتيهما المتنافستين. ولكن ما الخيار المتاح أمامهما؟ إنه يمنح كلا الشركتين فرصة للاستفادة من مزايا ما ستصبح الشركة الثالثة عليه؛ حيث ستكون من بين أكبر شركات صناعة السيارات في العالم من حيث المبيعات، في عصر سيندفع فيه صغار اللاعبين إلى مؤخرة الركب.
قد تستفيد "نيسان"، على وجه الخصوص، من إدارة هوندا المستقرة بعد فترة ما بعد غصن التي اتسمت بفراغ في السلطة وتغييرات سريعة في المناصب التنفيذية. وقد تمهد الطريق إلى دمج "نيسان"، الشركة التي أنتجت أول سيارة كهربائية على نطاق واسع، في شركة "أفيلا"، وهي الشراكة المثيرة في مجال السيارات الكهربائية بين شركة "هوندا" ومجموعة "سوني غروب"، وهي شركة وطنية كبيرة أخرى.
في نهاية المطاف، وكما هو الحال عند اختيار سيارة، لا توجد إجابة مثالية أبداً، بل مجموعة العجلات التي تناسب احتياجاتك أفضل من غيرها.